kayhan.ir

رمز الخبر: 1560
تأريخ النشر : 2014June06 - 19:52

شعار “دفع الثمن” الصهيوني

د. فايز رشيد

ينتهج المستوطنون "الإسرائيليون” سياسة انتقامية منهجية مجرمة تُعرف باسم "دفع الثمن”، وأخرى تمجد الحاخام مئير كاهانا مؤسس حركة "كاخ” العنصرية المعادية للعرب في الضفة الغربية، وفي المناطق الفلسطينية المحتلة في عام 1948. الهجمات تتم ضد أهداف فلسطينية مثل تخريب وتدمير الممتلكات، وإحراق سيارات، والاعتداء على دور العبادة المسيحية والإسلامية، وإتلاف أو اقتلاع أشجار وبخاصة الزيتون. الشرطة "الإسرائيلية” وفقاً لإذاعة الجيش "لم تنجح في اعتقال غالبية منفذي الاعتداءات المعادية للفلسطينيين في الأشهر الأخيرة”. غريب أمر هذه الشرطة التي تتصرف بسرعة هي والجيش، حيث يتجمعان لاعتقال وملاحقة من يلقي حجراً واحداً على حافلة "إسرائيلية” من الفلسطينيين في غضون ساعات قليلة. كان ذلك خلال الانتفاضتين الفلسطينيتين وما قبلهما وما بعدهما حتى هذه اللحظة.

الشرطة والجيش في "إسرائيل” يقفان عاجزين عندما يعتدي المستوطنون على الفلسطينيين. إن في هذا لأكبر دليل على أن اعتداءات المستوطنين كافة تتم بالتنسيق بينهم وبين الشرطة والجيش "الإسرائيلي”، وتتم برضى هذين الطرفين، حتى وإن أمسكت الشرطة بأحدهم من المستوطنين فإنها تقوم رأساً بإخلاء سبيله. هذا ما يقوله المحامي حسين أبو حسين رئيس مجلس إدارة المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في دولة الكيان (عدالة)، ففي مقالة له في صحيفة "هآرتس” يقول: "إن إحراق المساجد والكنائس، وتدنيس الكتب المقدسة والمقابر، وتخريب سيارات العرب أصبحت ظاهرة معتادة، ليس في الضفة الغربية (بما في ذلك القدس) وإنما أيضاً في منطقة ،48 واستطرد قائلاً: "يتساءل المجتمع العربي - خاصة الشباب بشك عبر وسائل الإعلام الاجتماعية: لماذا تختفي سعة حيلة وسرعة قوات الأمن عندما يتعلق الأمر بالإرهاب اليهودي، لماذا لا يقوم جهاز الشين بيت بالتدخل؟ هل لأن الضحايا عرب؟”.

حرّي القول أولاً، إن المستوطنين هم جزء أساسي في الشارع "الإسرائيلي”، ويتزايد عددهم بنموٍ مطرد، إلى الحد الذي تتوقع فيه مصادر عديدة أنه بعد عقدين من الزمن سيمثلون القسم الأكبر من بين اليهود في دولة الكيان الصهيوني. ما نراه من اعتداءات للمستوطنين هو حصيلة للتربية النازية الجديدة في مناهج الدراسة "الإسرائيلية”، بدءاً من رياض الأطفال مروراً بالمدارس الدينية وصولاً إلى الجامعات. ما نراه هو نتيجة لتعاليم الحاخامات المتطرفين القائلين: "إن العربي الجيد هو العربي الميت”، و”إن العرب ليسوا أكثر من أفاعٍ وصراصير”، و”يجوز قتل العرب حتى أطفالهم”. هذه هي نماذج مما يتعلمه الشباب "الإسرائيليون” في المدارس الدينية. المستوطنون يعتدون يومياً على المسجد الأقصى، وينتهكون حرمته ويهاجمونه على شكل موجات، والحكومة "الإسرائيلية” تقوم بحفريات حوله وأسفله من أجل هدمه وانهياره وبناء الهيكل مكانه. المستوطنون يعتدون على الكنائس المسيحية والإسلامية، ووفقاً للمتحدثة باسم الشرطة "الإسرائيلية” لوبا سمري: بأنه تم توجيه التهم لثلاث فتيات اتهمن بالبصق على كاهن مسيحي قرب البلدة القديمة في القدس، حيث وجدت في حقائبهن أعلام "إسرائيلية” كتب عليها بالعبرية شعارات "دفع الثمن” و”الانتقام”.

في بعض الأحيان وفي سبيل التمويه والإشادة "بديمقراطية” دولة الكيان الصهيوني يقوم القضاء بمحاكمة بعض الشباب اليهود، لكن هذه الأحكام تترواح بين الغرامة المالية والاعتقال في أماكن خاصة (هي أبعد ما تكون عن ظروف السجن وهي أقرب إلى الفنادق) لبضعة أيام، ثم تقوم السلطات بإطلاق سراحهم. هذا في الوقت الذي يجري فيه اعتقال الفتيان الفلسطينيين تحت السن القانونية، وحالياً وفقاً لإحصاءات وزارة شؤون الأسرى الفلسطينيين، ففي المعتقلات الصهيونية 137 طفلاً فلسطينياً دون السن القانونية، ويجري غالباً الحكم عليهم بأحكام سجن طويلة، إضافة إلى الغرامات المالية. يعتقلون بتهمة إلقاء حجارة على آليات جيش الاحتلال الصهيوني. "العدالة” الصهيونية حكمت على الضابط المسؤول عن مجزرة دير ياسين "الضابط شيدمي” بغرامة مالية قدرها بضعة قروش! هذه العدالة حكمت على قاتل الناشطة الأمريكية المؤيدة للفلسطينيين راشيل كوري (وهو سائق جرافة وقفت أمامه معترضة محاولة منع هدم أحد البيوت الفلسطينية) بأن أخلت سبيله وأجازت دهسه لها. هذه هي (العدالة) في (الديمقراطية) الصهيونية.

يزداد نفوذ المؤسسة الدينية في الكيان الصهيوني بالمعنى السياسي، فدور هذه المؤسسة أيضاً في نمو، وممثلو أحزابها أعضاء في الحكومات "الإسرائيلية” المتعاقبة وآخرها الحكومة الحالية، وهم ثمناً لدخولهم وتأييدهم لرئيس الوزراء، يحققون الكثير من المكاسب السياسية والكثير من الاشتراطات تلبى لهم، حيث بتنا نشهد تأثيرات دخولهم في هذه الحكومات، إضافة إلى أنهم يفرضون في الكنيست الكثير من مشاريع القوانين التي تصعب على أية حكومة "إسرائيلية” حالية أو قادمة التخلي عن أية مستوطنات في الضفة الغربية، هذا إلى جانب تقديم مشاريع قرارات (قوانين) تحد من حقوق العرب في منطقة (48) وهي المقزّمة أساساً، لذلك فالقضاء الصهيوني منحاز وفقاً للقوانين لمنتمي هذه الأحزاب، وتبرير ما يقومون به ضد الفلسطينيين.

إن شعار "دفع الثمن” هو آخر تقليعات واختراعات المستوطنين، للانتقام من الفلسطينيين وهذا يشي بإمكانية نمو هذه السياسة وتطورها على المدى المنظور والآخر البعيد، إلى خطوات قد يكون القتل إحداها، الأمر الذي يفرض على أهلنا في كافة المناطق الفلسطينية المحتلة، الحيطة والحذر وامتلاك الوسائل الكفيلة بالدفاع عن أنفسهم، ومقاومة هذه السياسة العنصرية الصهيونية الحاقدة.