لماذا فقد الاتفاق النووي بريقه بالنسبة لايران ؟
عندما تكون التزامات طرف موقع على اتفاق دولي التزامات متعجلة ومنفذة سلفا وفي المقابل تكون التزامات الطرف الآخر مؤجلة وستنفذ لاحقا (اذا تم تنفيذها) يفقد هذا الاتفاق بريقه وربما جدواه، خاصة اذا نكث الطرف الثاني بالتزاماته ايضا وفاقم من سوء الاوضاع، وهذا هو حال الاتفاق النووي المبرم مع ايران.
منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في عهد ترامب وحتى الان بنت ايران خططها للتنمية الاقتصادية تحت فرضية بقاء الحظر الاميركي الى الابد وان عهد بايدن اثبت ايضا بأن التكلم عن العودة للاتفاق النووي هو مجرد شعار، فاميركا التي تعتبر هي المسؤولة عن وصول الاتفاق النووي الى طريق مسدود تسعى فقط الى اظهار ايران بانها هي الجهة التي تعتبر مسؤولة عن هذا الانسداد.
منذ عام 2015 وهو تاريخ ابرام الاتفاق النووي فان الفائدة الاقتصادية لايران من الاتفاق لم تستمر سوى عامين وتمثلت في شراء 4 طائرات مدنية وتعليق مؤقت لبعض انواع الحظر فقط، فيما شكى الايرانيون باستمرار من عدم الرفع الحقيقي للحظر المالي والمصرفي الاميركي.
طوال سنتين من الاتفاق النووي لم تسفر زيارات الوفود الاقتصادية للدول الغربية الى ايران عن نتيجة ما لأن هذه الدول كانت تخشى عودة الحظر الاميركي على ايران وهي لم تكن مخطئة ومجيء ترامب اثبت ذلك.
وفقط منذ منتصف العام 2019 عندما خفضت ايران التزاماتها وزادت نسبة التخصيب بدات المعادلة تتغير وبدأت ايران تزيد من اوراقها الثمينة.
لقد فقد الاتفاق النووي بريقه بالنسبة لايران فالاتفاق مع ادارة مؤقتة لا يمكن معرفة ما اذا كانت ستستمر في الحكم في البيت الابيض ام لا، ليس بالامر الجذاب لايران خاصة مع شعارات الجمهوريين بانهم سيمزقون أي اتفاق مع ايران وسيزيدون الحظر اذا عادوا للحكم مجددا.
نجحت ايران في منع انهيار اقتصادها تحت الضغوط الاميركية القصوى بين عامي 2018 و2020 ، ومنذ عام حتى الان يسجل الاقتصاد الايراني نسبة من النمو رغم بقاء الحظر الاميركي، واوصلت ايران بيع نفطها الى ما فوق مستوى المليون برميل في اليوم وباتت تعقد الاتفاقيات مع روسيا والصين وباقي الدول لكسر الحصار، وفي هذه الظروف فان اتفاقا يمنح ايران الوعود المستقبلية فقط بات غير مرغوب به.
الحظر الغربي على روسيا دفعت موسكو نحو مزيد من التعاون الاقتصادي وغير الاقتصادي مع ايران للالتفاف على الحظر ووقعت كل من روسيا والصين وثائق تعاون استراتيجية للاعوام الـ 20 والـ 25 المقبلة. وهذا عرفت ايران بأن ثاني اكبر اقتصاد في العالم أي الصين سوف لن يتراجع عن التعاون الاقتصادي معها لاعوام مديدة كما ان روسيا ايضا نضمت الى هذه العملية وبامكان الايرانيين وضع خطط وبرامج تنموية دون اخذ احياء الاتفاق النووي بعين الاعتبار.
لقد تيقنت ايران بأن الحظر الاميركي سوف لن ينتهي وان ما يضعف الضغط الاميركي هو فقط افول اميركا ووهنها التدريجي، ولذلك فان ايران ليست مستعدة للتضحية باستقلالها وامنها أملا في الرفع المحتمل للحظر في المستقبل، علما بان الساسة الاميركيين سيواصلون الضغط على ايران مازالت تواصل طريقها المستقل والمناهض للصهيونية.