اميركا قطر هي نفسها
اميركا فيينا!
حسين شريعتمداري
- المفاوضات النووية التي اجريت في فيينا بين ايران ومجموعة 1 +4 ( روسيا وبريطانيا وفرنسا والصين والمانيا ، باستثناء اميركا ) ، قد توقفت بسبب معارضة اميركا الغاء العقوبات وامتناعها تقديم ضمانات معتبرة قاضية بتطبيق تعهداتها ،وبعد ما يقرب من 4 اشهر اقترح الاتحاد الاوروبي عن طريق مسؤول السياسة الخارجية " جوزيب بوريل " استئناف المفاوضات غير المباشرة مع ايران في دولة قطر .
ورغم ان مسؤولي البلاد لم يكونوا متفائلين لنتائج المفاوضات في قطر الا انهم حضروا وقبلوا الاقتراح بدافع الا يسجلوا ممن تخلفوا عن استمرار المفاوضات لتكون ارضية لاعلام سوء من قبل اميركا وحلفائها .
وبذلك وقعت المفاوضات غير المباشرة مع اميركا بتوسط جوزيب بوريل في الايام 28 ، 29 من حزيران الحالي في مدينة الدوحة ، وكما كان متوقعا فان مفاوضات قطر ووجهت بتعنت اميركا بضمانة تطبيق تعهداتها ، ولذا يستبعد ان تصل لنتيجة مرضية !
2 – وعلى العكس مما تدعيه اميركا واوربا ، فان البرنامج النووي الايراني ليس بالمعضلة التي يقصدون تبعاتها فهم مطمئنون كمال الاطمئنان من سلمية البرنامج النووي لبلدنا وجميع النشاطات التي تقوم بها ايران ، وانها لاتنحاز الى عسكرة برنامجها النووي والتوجه لصنع سلاح نووي ،وهذا ما تم تأييده من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية عشرات المرات في الاقل ، الا انه وكما قال " جورج فريد من " ان مشكلتنا (اميركا ) مع ايران ليست في طبيعة برنامجها النووي ، بل تكمن في انه ليس بدون العلاقة مع اميركا وحسب وانما في وقت النزاع والمواجهة مع اميركا تحولت ايران الى اكبر قوة عسكرية وتقنية في المنطقة "
وحسب مساعد وزارة الخارجية الاميركية " كرس باك ماير " خلال حديثه مع مجلة " بوليتيكو " ، " ان ايران قد فرض عليها الحظر بسبب ثورتها الاسلامية ، وان اساس العقوبات تتعلق بثورة عام 1979 ".
من هنا يمكن القول بضرس قاطع انه يستحيل ان تتخلى اميركا عن فرض العقوبات على الجمهورية الايرانية ، اذ ان العقوبات بمثابة الية ضغط ضد ايران الاسلامية وليس لاجل تقييد نشاطاتها النووية .
3 – ولنلقي نظرة الى تقرير " روبرت مالي " الممثل الخاص لاميركا في الشأن الايراني في 27 مارس الماضي الذي القاه في لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ الاميركي ، " المسألة الاساسية هي اننا وجميع شركائنا الاوربيين نرى انه بامكاننا ان نوفر ارضية لتقليل العقوبات قبال خطوات مهمة من قبل ايران بالتراجع وتحديد برنامجها النووي ، وفي الوقت ذاته نستفيد من سائر العقوبات والتي هي كثيرة واليات اخرى بايدينا نستعملها للضغط على ايران لتحييد سائر نشاطاتها ( ايران )الخطرة .
وكما هو ملاحظ ان روبرت مالي قد قالها بصراحة ان العقوبات لاترفع بالمرة !
كما واضاف ممثل اميركا في الشأن الايراني بصراحة خلال نفس الاجتماع بان الاتفاق النووي – خطة العمل المشتركة – نحتاجه لاعمال ضغوط اكثر على ايران ! " فالاتفاق ( خطة العمل المشتركة ) يضعنا في موقع قوي للضغط على ايران اكثر واكثر " ! وبعد الاشارة الى اهمية خطة العمل المشتركة بالنسبة لاميركا ،يوجه " روبرت مالي " الانتقاد الشديد لترامب بسبب خروجه من الاتفاق النووي ، اذ هو يرى ان ترامب وبخروجه من خطة العمل المشتركة قد قلم من يد اميركا في مواجهة ايران .
4- وبخصوص هذا المقطع من تصريحات روبرت مالي ( خروج ترامب من خطة العمل المشتركة ) ينبغي القول بان ترامب كسلفه اوباما وسائر المسؤولين الاميركيين يعتبرون خطة العمل المشتركة كوثيقة ذهبية حصلوا عن طريقها مئات المكاسب من ايران نقدا وفي المقابل اعطوا عدة وعود للمستقبل ! الا ان خروج ترامب من خطة العمل المشتركة هي لكسب امتيازات اكثر ، اذ ان السيدة " فدريكا موغريني " ممثلة الاتحاد الاوروبي حينها كانت قد صرحت بعد اسبوع من خروج اميركا من خطة العمل المشتركة ، حين كان روحاني قد قال " تخلصنا من شر مزاحم في مسار تقدم خطة العمل المشتركة " ! قد قالت " لقد اخذت من روحاني ضمانة انه حتى في حال خروج اميركا من خطة العمل المشتركة وعودة العقوبات على ايران ان يبقى وفيا للاتفاق النووي "!........ وهكذا صار بخروج ترامب من خطة العمل المشتركة ليكسب امتيازات اكثر ! املا ان تجلس حكومة السيد روحاني على طاولة المفاوضات كي تعود اميركا الى الاتفاق النووي ، وهذا ما كررته اكثر من 11 مرة وفي مناسبات مختلفة ولكن ، مع تغيير تركيبة مجلس الشورى الاسلامي والمصادقة على مشروع " المبادرة الستراتيجية لالغاء العقوبات وحفظ حقوق الشعب الايراني " ان امال ترامب ( وبعبارة ثانية الامال المشتركة للديمقراطيين والجمهوريين الاميركان ) قد ارتطمت بحائط صلد ،ومنذ ذلك التاريخ اتخذت ايران اسلوب المواجهة بالمثل حيال نكث امريكا لعهودها وبالتدريج خففت من تعهداتها حيال خطة العمل المشتركة .
الجدير ذكره ان حكومة السيد روحاني عارضت بشدة مشروع المجلس ، ولكنها استسلمت في النهاية امام هذا المشروع القانوني ! وهكذا كانت مفاوضات فيينا اثر المصادقة على المشروع الحكيم لمجلس الشورى الاسلامي ، وبعد انعقاد عدة جلسات تسلمت ادارة رئيسي السلطة التنفيذية ، وتابع فريقنا النووي بنظرة مختلفة مفاوضات فيينا .
5- ان حضور فريقنا النووي في مفاوضات فيينا باقتدار وحنكة يضرب بها المثل وكانت النتيجة ،
اولا : ان سكة المفاوضات تغيرت من الموقف الانفعالي لايران الى مطالب من المنافس ،
ثانيا : لم يسمح فريقنا المفاوض لاميركا ورود المفاوضات دون القبول بشروط ايران .
ثالثا : ولم يرهن جميع امور البلاد كما فعلت الحكومة السابقة بالمفاوضات ، وانما اضافة الى التصرف القانوني المقتدر لالغاء جميع العقوبات . تابع قضية لجم والالتفاف على العقوبات وهو ما توصلت اليه الحكومة بكل نجاح .
هذه المكاسب وامثلة اخرى من هذا القبيل جعلت اميركا واوربا في ورطة باستعمال الية ضغوط الحظر على ايران ، ولا ينكرون ان مقاومة فريقنا النووي ، حسب الخطوط الحمراء المرسومة له جعلت اميركا وحلفاء ها تواجه ظروفا متشنجة فمن البديهي ان يفكروا بطريق حل للخلاص من المأزق الذي امامهم فكانت اقتراح مفاوضات قطر من قبل اميركا نتيجة لهذه المقدمات !
6 – وكما اشير ويعكس التحدي النووي لعشرين عاما كعنوان لسند لايقبل التشكيك بصحة هذه الرؤية ، فاميركا ليست بصدد الغاء كامل للعقوبات ، ومن جهة اخرى تتوصل بوضوح بان هذه المرة وعلى العكس من المفاوضات التي انبثقت منها خطة العمل المشتركة ستتواجه مع خصم لايقبل بتبادل الماكاسب نقدا مع وعود بالفقد . والسؤال المطروح هنا انه بالنظر للمسألتين المذكورتين ، ما الذي هي بصدده من مفاوضات قطر ؟ اذا ان اقرب احتمال للواقع هو ان اميركا بحاجة الى نفس المفاوضات وليست النتائج التي يتم الحصول عليها بعد المشاورات والاتفاق بين الجانبين ! ان اميركا وحلفاءها الاوروبيين بحاجة الى استمرار " المفاوضات دون اي نتيجة )! ولاجل اشغال بلدنا بتداعياتها الفاشلة تحتاج لاشتراط تسعيرة العملة الصعبة والذهب ! وتأرجح الاسعار وعشرات الامور المخلة بالاستقرار الناجمة من هذا التأرجح في اقتصاد البلد !
واخيرا ينبغي القول ان اميركا قطر هي نفسها اميركا فيينا !