kayhan.ir

رمز الخبر: 1512
تأريخ النشر : 2014June02 - 20:29

اهم الاسباب التي ادت الى تغير المزاج الشعبي السوري

عمر المعربوني*

منذ بداية الازمة في سورية وانا اتابع الخطاب السياسي للمعارضات المختلفة التي لم تغير شيئاً ابدا لا في مصطلحاتها ولا في سلوكها رغم تغير الكثير من الامور بشكل دراماتيكي .. وباتت هذه المعارضات محكومة بخطاب صنمي يردد نفس المصطلحات وينتهج نفس الاساليب .. فتارة تعيش حالة فورة وتارة حالة تباكي وندب وتارة حالة استجداء للمجتمع الدولي ..

في بداية الازمة التقيت باحدهم وسألني رايي في "الثورة” وكان جوابي حرفيا : ” ان عوامل تشكُل الثورة لم تنضج بعد لتنضج عوامل انتصارها وان المسألة تتعدى تغيير النظام لتطال سورية تاريخاً وشعباً ومقدرات .. وان تبني "الثورة” للخيار العسكري سيجلب الدمار للسوريين ناهيك عن ان المخططين لهذه الحرب سيكونوا جاهزين لتسهيل قدوم كل انواع المتشددين الى سوريا "..

وحصل الامر ودخلت سورية في دوامة من العنف لم تحرج منها حتى اللحظة ..

خلال سنوات الازمة استطاعت الدولة السورية ان تمتص الهجمة وحاولت عبر الجيش والقوى الامنية ان تمسك بمفاصل المدن الكبرى لتتحول الى الدفاع ..

وباحصاءات قد تكون نسبة الخطأ فيها قليلة يتواجد على الارض السورية 1500 فصيل مسلح من السوريين وجماعات قدمت من 87 دولة لتقدم نموذجاً اقل ما يقال فيه انه نموذج بربري لم تشهد العصور الوسطى له مثيلا ..ليصل الامر فيما بين هذه الفصائل الى التذابح على السلطة والغنائم وليحولوا سورية الى ولايات لكل ولاية حاكمها وقوانينها وليرتكبوا بحق حتى من ناصرهم في البداية من السوريين ابشع انواع القتل والتنكيل لمجرد انهم خالفوهم الراي ..

المرحلة الثانية والتي استمرت فترة طويلة كانت اعتماد الدولة في سورية على دراسة الموقف وتقديره والتي كانت مرحلة صعبة ومربكة استطاعت اجهزة الدولة تجاوزها لتنتقل الى الهجوم المضاد الذي بدأ في معركة القصير وما زال مستمراً محرزا انتصارات كبيرة ونوعية ..

خلال سنوات الازمة بدأ السوريون سواء الذين بقوا في سورية او نزحوا عنها الى دول الجوار ودول اخرى يشعرون انهم فقدوا الكثير من حقوق المواطنة في ظل الدولة وان ما اعتبروه ثورة جاءت لتخلصهم من نظام البطش والاستبداد ليست كذبة كبيرة .. وساستعرض هنا اهم الاسباب التي ادت الى تغير المزاج الشعبي في سورية :

1- اعلان اكثر من مسؤول في المعارضة ومن خلال وسائل اعلام صهيونية الاستعداد لمقايضة الجولان المحتل بمساعدة الصهاينة لهم في القضاء على النظام .. علاج جرحى الجماعات المسلحة في ” اسرائيل” وبث المشاهد بصورة علنية على شاشات الفضائيات .. تدريب وتأهيل وتقديم الدعم الناري للمسلحين في اكثر من مكان من الارض السورية .. هذا الامر احرج قيادات المعارضة امام الاكثرية الساحقة التي تعتبر الصهيوني عدوا ولا يمكن لها ان تصالحه وان تضع يدها بيده ..

2- الممارسات الوحشية التي قامت بها الجماعات المسلحة بحق كل من خالفها وفيما بينها وهنا مقطع من حديث لهيثم المناع ممثل "هيئة التنسيق الوطنية في المهجر” السوري أن "شيئاً من المزاج الشعبي السوري قد تغير”، وفي حديث لصحيفة "السفير” اللبنانية، عزا الأمر إلى "لعب الخطاب الرئاسي على الوطنية السورية، واعتبار أن ما يواجهه هو إرهاب وليس ثورة.. وكشف مناع أن وفداً من معربة وبصرى الشام ذهب لمقابلة أبو الزبير الليبي، قائد "جبهة النصرة” في حوران، وطلب منه "إخراج المقاتلين من بيوتنا، لكي لا نهان باللجوء في الأردن”، فكان جواب الليبي "هذه ليست أرضكم، هذه أرض جهاد ورباط ، فإما أن تجاهدوا معنا وإما أن ترحلوا عنها.

3- افتقاد السوريين لعامل الامن الذي كانت تتميز به سورية وانتشار الجرائم الاخلاقية بمستوى لم تشهده سورية في اي يوم

4- تعرض السوريين لما يشبه الذل في مخيمات النزوح وصل حد الممارسات العنصرية .. فدول الجوار .. الاردن كدولة ولبنان عبر جماعة 14 اذار لها اجنداتها في استخدام النازحين السوريين لخدمة اهداف لم تعد خافية على احد ..وقد بدا الامر واضحا في الاردن من خلال طرد السفير السوري وفي لبنان بردة فعل 14 اذار العنصرية التي تفاجأت بحجم التحول الكبير في سلوك السوريين الذين توجهوا لانتخاب الرئيس .. ولم تفلح اليوم تظاهرة طرابلس التي لم تتجاوز الالاف في تصوير الامر وكان غالبية ساحقة ما زالت ضد النظام ..

5- ابداء الدولة السورية الرغبة في المصالحة مع كل من يرغب من المسلحين ضمن شروط وضعتها الدولة لتأمين عودة المسلحين الى حضن وطنهم وابرز المصالحات ما جرى في ريف العاصمة دمشق وانسحاب المسلحين من كامل احياء حمص ..

خلال سنوات الازمة عمدت الدولة السورية الى اتخاذ اجراءات للتكيف مع العقوبات الدولية سواء منها الاقتصادية او الديبلوماسية .. واستطاعت ان تطلق اعلاما منظما لمواجهة الازمة ومواكبة سير التقدم الميداني ..

بمعزل عن سير الاعمال الميدانية فان القاصي والداني ممن يمتلك الحد الادنى من الموضوعية يعلم ان الجيش السوري حقق النصر الاستراتيجي وهي عبارة لن يفهم معناها وابعادها اولئك الذين تعودوا على التبعية السياسية وخصوصا المذهبيين الذين تمترسوا وراء مذهبيتهم ويصرون على ان ” الثورة” في طريقها الى سحق النظام ..

الانتخابات القادمة ستبين للقاصي والداني اننا امام مرحلة جديدة قد تطول او تقصر ولكنها بالتاكيد ستتسم بتأريخ جديد .. سورية ما بعد الانتخابات الرئاسية ..