شبكات التجسس بؤر استلاب الوعي اللبناني
ليست المفاجأة بأن السلطات اللبنانية كشفت عن 17 شبكة تجسس اسرائيلية اخترقت الساحة اللبنانية وهي الاكبر منذ عام 2009، لكن المفاجأة هي في الانجاز الكبير الذي حققه فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي والذي استطاع خلال اربعة اسابيع ان يفكك هذا الحجم من شبكات التجسس الاسرائيلية الغير مرتبطة وهو أمر غير عادي ولو كانت تدار برأس واحد، لكان الامر هينا.
ومن البديهي ان هذا الحجم الكبير من الاختراق الاسرائيلي للساحة اللبنانية هو ليس للتجسس وجمع المعلومات لأن هذا الاسلوب اصبح من الماضي لوجود التقنيات الحديثة انما الهدف الرئيس من وراء هذا التجنيد الهائل من العملاء هو لتنفيذ عمليات التخريب والتفجير والاغتيال والأهم من كل ذلك ايجاد بؤر لاستلاب الوعي اللبناني وتغيير بوصلته وهذا هو الهدف الاكبر للكيان الصهيوني لان لبنان اليوم وبوجود مقاومته الاسلامية واقتداره وجيشه وشعبه يشكل خطرا كبيرا على هذا الكيان الذي يسعى بشتى الوسائل ازالة هذا الخطر عنه، لذلك نراه يستهدف السيادة والامن القومي اللبناني مباشرة وهذا هو مكمن الخطر الكبير والمستقبلي الذي يهدد وحدة لبنان وسيادته واستقلاله لان حجم الاختراق الاسرائيلي لهذا البلد يشكل عدوانا وتدخلا سافرا يفوق كل التصورات ولايمكن السكوت عليه بأي حال من الاحوال.
وحتى الساعة لم يتسرب الا الجزء اليسير من المعلومات حول عمل هذه الشبكات وما قامت به ولم تعرف بعد الاسباب التي ادت الى الغاء او تأجيل وزير الداخلية لمؤتمره الصحفي للحديث عن هذه الشبكات؟!
فكل ما يستهدفه الكيان الصهيوني من اختراقه للساحة اللبنانية وبهذا الحجم الهائل هو تنفيذ مقاصده المشؤومة لتدمير لبنان واخضاعه وهذا ما لايستطيع تنفيذه عسكريا لذلك لم يبق امامه الا ان يخترق المجتمع اللبناني عبر هذه الشبكات ويهندس وعيه وتفكيره من جديد بمعية الاعلام الغربي والخليجي والمتواطئين معه من الادوات في الساحة اللبنانية لتحقيق اهدافه المدمرة.
لكن ما هو لافت ومستغرب للغاية هو صمت الادوات في الساحة اللبنانية واجهزتها وابواقها الاعلامية امام هذا الاختراق الذي يستهدف كل الوجود اللبناني وامنه القومي في وقت تنعق هذه الاطراف ليل نهار دفاعا عن الامن والسيادة والاستقلال كذبا، الا انها وفي هذه اللحظات العصيبة والخطيرة التي يمر بها لبنان تلوذ بالسكوت المطبق وكأن الامر لايعنيها استرضاء للغرب وعدم اغضابه وهذا يصب في خانة الخيانة لما يشكل من علامة فارقة ليرتبط بمصير الشعب اللبناني ومستقبله وهذا خط احمر لايمكن للفرقاء اللبنانيين مهما كانت توجهاتهم ومشاربهم ورؤاهم السياسية ان يختلفوا عليه ولو حدث العكس وكشف حتى عن جاسوس واحد لدولة اخرى تعادي الغرب او الكيان الصهيوني لأقاموا الدنيا ولم يقعدوها ومعهم كل الاعلام الغربي والرمادي.
واخيرا وليس اخرا فالكشف ليس نهاية المطاف انما الاجراءات اللاحقة التي ستؤخذ بحق هؤلاء الخونة الذين باعوا انفسهم للعدو الصهيوني واحالتهم الى المحاكم اللبنانية لتنفيذ القصاص العادل بحقهم بغية احراق جذور التجسس والخيانة لوضع لبنان على سكة الامن والامان حفظا على سيادته واستقلاله بعيدا عن اي اختراق يستهدفه مستقبلا.