kayhan.ir

رمز الخبر: 145510
تأريخ النشر : 2022January28 - 19:52

هل بدأ العد التنازلي لحرب عالمية ثالثة؟

السيد ابو ايمان

يقال ان التقارير الاوروبية والاميركية تتجه هذه الايام لتصعيد التوتر في اوروبا الشرقية بتأجيج الادعاءات والخطاب المعادي لروسيا، فيما ترى الاخيرة انها تقارير كاذبة وإدعاءات واهية الغرض منها استعداد اميركا واورباا لفرض عقوبات اقتصادية جديدة وتبرير توسع حلف شمالي الاطلسي "الناتو" شرقا، الأمر الذي تعارضه موسكو بشدة كونه يهدد الأمن القومي الروسي.

روسيا تريد من جانبها تعهدا خطيا غربيا "أميركيا - اوروبيا (ناتويا)" بعدم ضم أوكرانيا إلى حلف (شمالي الاطلسي)، وكانت قد تقدمت في 17 كانون الاول/ديسمبر الماضي بمشروعي اتفاقين مع الولايات المتحدة و"الناتو" حول ملف الضمانات الأمنية الذي أصبح في صلب سلسلة محادثات أجراها الجانبان دون التوصل لاي نتيجة.

تشترك أوكرانيا في الحدود مع دول في الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى روسيا، وتعتبر جمهورية سوفيتية سابقة، تتمتع بعلاقات اجتماعية وثقافية عميقة مع موسكو وينتشر فيها التحدث باللغة الروسية على نطاق واسع.

مطالبة روسيا المتكررة من اميركا واوروبا وحلفهما الاطلسي ضمان عدم ضم اوكرانيا الى حلف شمال الاطلسي وتكرار ضغوطها لمنع اوكرانيا من الانضمام الى المؤسسات الاوروبية وخصوصا حلف شمال الاطلسي الناتو، قابله تصعيد اوروبي في محاولة لجر روسيا لصراع واشتباك مبكر مع اوروبا، حيث دعا الرئيس البولندي أندريه دودا، في ٢٥ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي لرفع جاهزية قوات "الناتو" على الجانب الشرقي لاوروبا قائلا عقب اجتماعه مع الأمين العام لحلف "الناتو" ينس ستولتبنرغ في بروكسل: "اقترحت على الأمين العام زيادة جاهزية قوات الناتو في هذا الجزء من أوروبا - على الجانب الشرقي للناتو".

في المقابل ، روسيا تنفي وجود أي نية لها لغزو اوكرانيا رغم أن التقارير الاميركية تتحدث عن رقم نحو 100 الف جندي حشدتهم على حدودها مع اوكرانيا وتضغط بشدة لمنع اوكرانيا من الانضمام الى المؤسسات الاوروبية وخصوصا حلف شمال الاطلسي "الناتو".

ذلك ما صرح به مصدر من "البنتاغون" الأميركي في مطلع الشهر الحالي كانون الثاني/يناير 2022، بقوله أن موسكو تحشد على الحدود مع أوكرانيا أكثر من 100 ألف عنصر و13 ألف دبابة وأكثر من 1800 قطعة مدفعية، في تطور ملفت و"مقلق" وفقا لآخر المعلومات (حسب المصدر)، فيما قال مصدر آخر من "البنتاغون" ايضا، ان "التوتر مع روسيا حول أوكرانيا ما زال قائما والحشد الروسي المتغير حجما ونوعا لم يغيّر من تهديدات الكرملين"، وقال مصدر ثالث "مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية"، أن الحشد الروسي لم يغيّر من تهديدات الكرملين فيما يتعلق باحتمالات غزو روسيّ لأراض اوكرانية في الاسابيع او الاشهر القليلة المقبلة.

في منتصف الشهر الحالي، أعلن ستولتنبرغ بلغة مبطنة عبر اذاعة بولندا، أن حلفه "الاطلسي" لن يتنازل عن "التوسع" و"نشر القوات في الشرق"، و"نحن الآن في لحظة حرجة تجاه الأمن في أوروبا، ويجب أن نتحدث مع روسيا، بما في ذلك، ومن أجل أن ننقل إليها الموقف الإجماعي لجميع الحلفاء، بأننا لن نقدم أي تنازلات إذا كان الحديث يدور عن المبدأ"، مشيرا إلى أنه "لكل دولة الحق في اختيار مسارها الخاص وتقرير ما إذا كانت تريد الانتماء إلى الحلف العسكري، الذي يمثله "الناتو" أم لا".

الشهية الاوروبية بدأت بالانفتاح والتوسع ومطالباتها لم تقتصر على انسحاب روسي من اوكرانيا بل تعدت خارطة مطالباتها لتشمل (جورجيا ومولدوفا اضافة الى او كرانيا) فقد حث ستولتبنرغ، أمس الأربعاء، روسيا على "سحب قواتها من أوكرانيا وجورجيا ومولدوفا"، و"الإقرار بحق كل دولة في تحديد تحالفاتها العسكرية"، ذلك في رد مكتوب للناتو على مطالب روسيا بشأن ضمانات أمنية جديدة.

تبع هذه التهديدات الناتوية الاطلسية تهديد أميركي مباشر الاثنين الماضي، قال فيه المتحدث باسم "البنتاغون" جون كيربي، إن الولايات المتحدة مستعدة لإرسال 8,5 ألف عسكري إلى شرق أوروبا على خلفية "تهديد الغزو الروسي لأوكرانيا"، لكنه أوضح في الوقت نفسه، أن القرار بهذا الشأن لم يتخذ بعد، وأن الحديث يدور حاليا فقط عن وضع وحدات عسكرية محددة في حالة التأهب القصوى.

اعقب ذلك انتقادشديد اللهجة وجهه الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب الى خلفه جوبايدن حول خطط الاخير إرسال قوات أمريكية إضافية إلى شرق أوروبا، على خلفية تصاعد الوضع حول أوكرانيا، واصفا التصعيد الاميركي بـ"الجنون" قائلا: "هذا جنون.. هذا شيء لم يكن ليحدث قط في ظل رئاستي، مشيرا إلى أن خطوات بايدن كفيلة بـ "تأجيج حرب عالمية ثالثة".

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد هدد في وقت سابق باتخاذ ما اسماه بـ"الإجراءات العسكرية والتقنية" المضادة المناسبة في حال استمرار الغرب في اتباع ما وصفه بـ "نهج عدائي" ضد روسيا.

بحلول أوائل كانون الأول/ديسمبر، أصر مسؤول روسي على أن لبلاده "الحق في نقل القوات على أراضيها"، نافيا ان يكون تحريك القوات الروسية بمثابة تصعيد، واتهمت موسكو، جارتها أوكرانيا، بنقل نصف جيشها (حوالي 125 ألف شخص) إلى الشرق، وقالت أن كييف كانت تخطط لمهاجمة المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون الموالون لروسيا، فيما قال فلاديمير دشاباروف، الرجل الثاني في لجنة الشؤون الدولية بمجلس النواب الروسي في أوائل كانون الأول/ديسمبر الماضي، إن نصف مليون أوكراني في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون لديهم الآن جوازات سفر روسية، مضيفاً إنه إذا طلب زعماء المتمردين مساعدة روسيا، "بالطبع، لا يمكننا التخلي عن مواطنينا".

من خلال ما تقدم وحسب ما يظهر من التقارير في هذا الصدد، فان اي تماس فيزيكي بين الجانبين الروسي مقابل الاميركي الاوروبي الاطلسي قد يهدد الهيكل الامني لاوروبا بالكامل وقد يتسع اشعاعه التدميري ليعرض الكرة الارضية لحرب عالمية جديدة بامكان الجانبين تجنبها لو حكم الطرف الاميركي الاوروبي الاطلسي عقله وتجنب الاستفزاز المتواصل لروسيا.