kayhan.ir

رمز الخبر: 144851
تأريخ النشر : 2022January16 - 20:07

ايران والالتفاف الحتمي على العقوبات

 

بعد فوز الرئيس رئيسي في الانتخابات الرئاسية بدأت ايران عهدا جديدا وبرؤية ثاقبة في نظرتها للعلاقات مع محيطها اولا ومن ثم العالم ثانيا تختلف عن عهد الرئيس روحاني الذي ربط سياسة ايران بالاتفاقية النووية دون ان يلتفت الى الاوراق القوية التي تمتلكها ايران في الضغط على اميركا والترويكا الاوروبية لتنفيذ الاتفاقية النووية حتى تستفاد ايران من مواردها الاقتصادية. وكانت اولى الخطوات التي اتخذها الرئيس رئيسي هو قطع الارتباط بين الاتفاقية النووية وسياسة ايران الخارجية وعلاقاتها الاقتصادية في خطوة ذكية ودقيقة لافشال الحظر وادخال اليأس الى قلوب الاعداء من خلال الاعتماد على الطاقات الذاتية وتحريك عجلة الاقتصاد الداخلي والتعامل الفعال مع دول الجوار ومن ثم الاتجاه شرقا للالتفاف على العقوبات الظالمة وتوجيه صفعة مدوية لاميركا وحلفائها وفعلا بدأت خطواتها المتلاحقة بدخول معاهدة شنغهاي وتفعيل صادراتها الى دول الجوار التي تسجل اليوم زيادة بنسبة 30 الى 40% وهكذا توقيع اتفاقية لنقل الغاز من تركمنستان الى اذربيجان، ناهيك عن ان صادرات ايران النفطية ازدادت 40% عن الماضي.

والاهم من كل ذلك دخلت مع بداية الاسبوع الحالي الاتفاقية الاستراتيجية الشاملة بين ايران والصين التي أمدها ربع قرن حيز التنفيذ لتؤتي اكلها رويدا رويدا كخطوة عملية لتركيز القطبية التعددية في العالم وتوجيه ضربة مؤلمة للاحادية القطبية التي تدعيها اميركا زورا.

وفعلا ستكون لتنفيذ هذه الاتفاقية الاستراتيجية الشاملة بين البلدين تجليات اقتصادية وسياسية وحتى امنية وعسكرية تصب لصالح ايران والصين اللتين تربطهما علاقات استراتيجية مميزة وهذا ما عبر عنه الرئيس الصيني لدى زيارته لايران عام 2016 واطلاق عبارته الشهيرة "ايران الشريك الاستراتيجي الاول للصين في المنطقة". فما يجمع بين ايران والصين اللذان يشكلان ثقلا كبيرا في القارة الاسيوية والعالم، كل من موقعه وامكاناته الذاتية، تكاد ان تكون فريدة. فايران تشكل مصدرا مهما وثابتا للطاقة للصين كدولة ذات سيادة وقرار مستقل يعطيها ضمانة للاستثمار والاعتماد عليها في منأى من الضغوط الاميركية التي تتحكم بمصادر الطاقة في دول المنطقة المرتهنة بالقرار الاميركي.

اما الامر الاخر والهام جدا للصين هو موقع ايران الاستراتيجي والفريد الذي يربط القرارات الثلاث آسيا واوروبا وافريقيا كجسر على طريق الحرير الشريان التجاري للصين التي بدأت تتربع على ربوع العالم كقوة اقتصادية هي الاكبر في المعمورة.

فايران لم تتوقف عند حدود الصين فقط قبل بدأت مشوارها لعقد اتفاقية استراتيجية ثانية مع روسيا التي استعادت قوتها في العالم والتي لازالت الدولة الثانية بعد اميركا في مجال بيع الاسلحة ومازاد من قوتها انها اليوم في تحالف استراتيجي مع الصين ايضا.

فالزيارة المرتقبة والقريبة للرئيس رئيسي لموسكو تعتبر نقطة عطف في علاقات البلدين والتي سيتم خلالها توقيع الاتفاقية الاستراتيجية طويلة الامد بين ايران وروسيا، ستقطع الطريق على النفوذ الاميركي في القارة الاسيوية وتحد من مناوراته الخبيثة لاشعال الفتن والثورات الملونة المشبوهة.

فاميركا اليوم قلقة ومرتبكة ومنزعجة جدا من التطورات في الخارطة الاسيوية والاستحقاقات التي ستترتب عليها جراء توجه ايران بالذات الى الشرق وكذلك دول المنطقة ومن بينها التي تدور حتى في الفلك الاميركي بعد ان خاب أملها من اميركا وهزيمتها المدوية في افغانستان لكن تبقى في الحدود المسموح لها لان هذه الدول تعي جيدا انها لا تمتلك قرارها ولا تستطيع الذهاب بعيدا للخروج من بيت الطاعة الاميركي الذي يرتبط بمستقبلها ومصيرها.