kayhan.ir

رمز الخبر: 139655
تأريخ النشر : 2021October24 - 20:26

مجلس الامن والانتخابات العراقية.. خلط أوراق وتحريف للوقائع

عادل الجبوري

أصدر مجلس الأمن الدولي بيانًا حول الانتخابات البرلمانية العراقية، التي جرت في العاشر من شهر تشرين الاول - اكتوبر الماضي، وأثارت نتائجها الأولية جدلًا واسعًا في الساحة السياسية، تمثل بموجة رفض واعتراض وتحفظ على تلك النتائج.

حدد المجلس في بيانه جملة نقاط، من بينها:

-تهنئة الشعب العراقي والحكومة العراقية بأجراء الانتخابات، وترحيبه بالتقارير  الاولية التي افادت بأن "الانتخابات المبكرة سارت على نحو سلس وتميزت عن جميع الانتخابات التي سبقتها باصلاحات فنية وإجرائية مهمة".

-الاشادة بالمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ووصف اجراءاتها بالسليمة من الناحية الفنية، وكذلك الاشادة بالحكومة العراقية لتحضيراتها للانتخابات ولمنع العنف في يوم اجرائها.

-الاشادة بدور البعثة الاممية في العراق(يونامي) "لتقديمها المساعدة الفنية للمفوضية وتوفير فريق تابع للأمم المتحدة لمراقبة يوم الانتخابات الذي طلبته الحكومة لتعزيز العملية الانتخابية وتعزيز الشفافية".

-التعبير عن اسف اعضاء مجلس الامن "للتهديدات الأخيرة بالعنف ضد بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، وموظفي المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، الى جانب آخرين".

-دعوة الامين العام لمنظمة الامم المتحدة للطب "من جميع الاطراف ذات العلاقة للتحلي بالصبر والألتزام بالجدول الزمني الانتخابي، وحل اي خلافات إنتخابية قد تنشأ بصورة سلمية من خلال الطرق القانونية المعمول بها.

   وقد لا يكون صعبًا على أي متابع، أن يستنتج ويكتشف أن بيان مجلس الامن الدولي، بدا وكأنه رد على كل الأطراف التي اعترضت على نتائج الانتخابات، ودعت المفوضية الى معالجة الاخطاء الفنية التي تسببت في حرمان العديد من المرشحين من نسبة لا يستهان بها من أصواتهم، وبالتالي، تسببت بحرمانهم من حقوقهم، ناهيك عن تضييع أصوات الناخبين.

   وهنا من المهم جدًا التأكيد على أن الأطراف التي اعترضت وتحفظت ورفضت، سواء كانت ضمن ما يسمى بالاطار التنسيقي للقوى الشيعية، أو خارجه، طرحت حزمة من الملاحظات التفصيلية ذات الطابع الفني، بدءا من طبيعة قانون الانتخابات، مرورًا بأجهزة العد والفرز الالكتروني، وطريقة استخدام البطاقة البايومترية، وصولًا الى التفاوت الكبير والتناقض الفاضح بين الأرقام التي أعلنتها مفوضية الانتخابات، وتلك التي زودت بها المرشحين.

  الى جانب ذلك، فإن التظاهرات والاعتصامات التي خرجت في العاصمة بغداد ومحافظات أخرى، اتسمت بالسلمية والتقيد بالقانون والنظام، وهذا ما شددت عليه وأوصت به القيادات السياسية لقوى الاطار التنسيقي، فضلًا عن التأكيد المتكرر لمختلف المرشحين، على انتهاج السبل والسياقات القانونية في التعبير عن مطالبهم واستيفاء حقوقهم.

   ربما حصلت بعض التجاوزات هنا أو هناك خلال التظاهرات والاعتصامات، وهو ما دعا رئيس تحالف الفتح هادي العامري الى الخروج ببيان، ثمن فيه النهج السلمي في المطالبة بالحقوق، وشدد على تجنب اللجوء الى المظاهر والسلوكيات العنفية المنافية للقانون والنظام.

   ولعل مجمل بيانات ومواقف الاطار التنسيقي تمحورت حول هذه المضامين، ولم تتطرق صراحة أو ضمنا الى أي توجهات ونوايا للذهاب الى خطوات وردود فعل من شأنها تأزيم الأوضاع وتهديد الأمن والاستقرار المجتمعي، ناهيك عن التأكيد المستمر بأن المطالبة بإعادة النظر ببعض الاجراءات الفنية للمفوضية لتصحيح مسارات العملية الانتخابية لا تستهدف أي طرف سياسي حقق نتائج متقدمة فيها.

   في مقابل ذلك، راحت جهات داخلية وخارجية تحاول استغلال الجدل والسجال الدائر بشأن الانتخابات، لاثارة الفتنة وخلط الاوراق، من خلال التسويق لسيناريوهات تشاؤمية، والحديث عن خطوات تصعيدية يمكن أن تلجأ اليها أطراف الاطار التنسيقي،  فضلا عن الادعاء بأن ما يجري لا يتعدى كونه معركة مبكرة بين التيار الصدري وتحالف الفتح ومن معه، للاستحواذ على أكبر قدر من مساحة السلطة والنفوذ في المرحلة المقبلة. ولم تتردد تلك الجهات الداخلية والخارجية بإقحام الحشد الشعبي، واعتباره طرفًا في المعركة الوهمية، وهو ما دفع رئيس هيئة الحشد فالح الفياض الى تأكيد دور وموقف الحشد الشعبي، بقوله خلال اجتماع مع كبار قياداته "ان الحشد الشعبي هو قوة أساس لحماية النظام الديمقراطي في العراق ولا أحد يستطيع التعرض له خارج إطار القانون، ووظيفته ليست حماية نفسه وإنما حماية أمن واستقرار البلد جنبا الى جنب مع القوات الأمنية، ونحن مع الاطر القانونية للاعتراض على الانتخابات، وعملنا في السياسة شيء وعملنا في الحشد شيء آخر، والاخير ملتزم بالقانون والدستور ولا يتدخل في النقاشات السياسية".

   ولا شك أن المقاربة بين ما جاء في بيان مجلس الامن الدولي، ومجمل مواقف القوى والاطراف السياسية والمجتمعية المعترضة على نتائج الانتخابات وجانب من اجراءات وعمل مفوضية الانتخابات، وما يجري من حراك سلمي جماهيري، تؤشر بوضوح الى ان مجلس الأمن أقحم نفسه في قضايا داخلية، حينما دخل وتدخل في التفاصيل، وراح يطلق الاحكام والتقييمات انطلاقا من مواقف وتقييمات سياسية مسبقة، وبعيدة الى حد كبير عن الواقع القائم على الارض. ومثل هذه الاحكام والتقييمات لا تخرج عن سياق المواقف التقليدية المعروفة لقوى دولية واقليمية، كالولايات المتحدة الاميركية وبريطانيا والسعودية والامارات، حيال العملية السياسية وتفاعلاتها وارصاهاتها وتداعياتها على امتداد ثمانية عشر عاما في العراق، لا سيما ما يتعلق منها بالانتخابات البرلمانية الاخيرة والانتخابات السابقة لها.