لا أمن للمنطقة مع الوجود الاميركي
مهدي منصوري
في البداية وقبل الخوض في الموضوع ان نعيد الى الاذهان المقولة او العبارة التاريخية للامام الراحل السيد الخميني (قدس سره الشريف) والتي اكد فيها حقيقة صارخة قد لايستوعبها الكثيرون آنذاك ألا وهي " ان مصائبنا كلها من اميركا"، واليوم وبعد مرور اربعة عقود على هذه المقولة بدأت تتكشف للجميع مصداقيتها وبصورة واضحة كوضوح الشمس في رابعة النهار.
اذ ومنذ انتصار الثورة الاسلامية التي استطاعت وبموقفها الصلب والقوي من اميركا والتي اوصلتها فيه الى حالة الاذلال من خلال احتلال الشباب الايراني الثوري وكر التجسس الاميركي ولمدة 444 يوما بحيث فرضت على القيادة الاميركية ان تذرف الدموع.
وبعد لعبة الحادي عشر من سبتمبر بتفجير مركزي التجارة العالمية في نيويورك ورغم كل ملابساتها والتي حامت حولها الشكوك ولهذا اليوم وجدت اميركا فرصتها في الدخول الى المنطقة من اجل تامين مصالحها من خلال الغزو العسكري الغاشم للعراق وافغانستان معتمدة على النظرية الميكافيلية "الغاية تبرر الوسيلة" من اجل حماية مصالحها في هذه المنطقة.
ولكن السياسة الحمقاء والهوجاء التي مارستها الادارات الاميركية المتعاقبة والتي تعتمد على الحروب وقهر ارادة الشعوب وغيرها من الممارسات خلقت اجواء معادية لواشنطن لم تكن في الحسبان.
وبذلك وبدلا من ان تذهب واشنطن الى تعديل وتغيير سياستها القائمة على فرض الهيمنة والتدخل السلبي في شؤون دول المنطقة الى سياسة معتدلة تضمن فيها مصالحها ومصالح الشعوب نجد انها انغمست في الوحل الذي هي عليه الان والذي لاتهتدي فيه الى طريق الخلاص منه.
ولذلك فقد اصبح ولدى الجميع ان اميركا بدات تخسر وجودها في المنطقة وبصورة بدت واضحة للعيان بحيث دعا الرئيس "بايدن" ان يقولها وبكل صراحة: "اننا خسرنا المليارات من الدولارات في افغانستان والنتيجة صفر". وهو اعتراف صريح بالهزيمة.
وفي نظرة سريعة ولما هي عليه اميركا اليوم نجد ان كل الازمات الخانقة في دول المنطقة من العراق الى اليمن الى سوريا الى فلسطين ولبنان وامتدادا الى شمال افريقيا وكما اجمعت كل الاوساط السياسية العالمية والمناطقية وحتى في اميركا نفسها تشير الى ان وراءها سياسة حمقاء للادارة الاميركية.
وقد كانت هذه الادارة تعتقد ان خلق الازمات ستكون سببا لها في فرض سيطرتها اكثر بما تدعيه كذبا وزورا من انها تدافع عن شعوب المنطقة الا انها وبصناعة القاعدة وداعش والمجاميع الارهابية وباعتراف قادتها والتي نالت من الشعوب نيلها من القتل والتدمير وغيرها بحيث خلقت رد فعل معاكسة وقوية ضدها فرضت عليها ان تفكر وتحاول ايجاد سبل الخلاص وبأي ثمن.
وقد كانت التجربة الافغانية المرة اذ وعندما غادرت افغانستان وسلمت الامر الى وليدتها طالبان كشف عن مدى الجرائم التي ارتكبتها بحق الشعوب وما التفجيرات الاخيرة التي تطال ابناء الشعب الافغاني من المكون الشيعي والتي راح ضحيتها العديد من الشهداء وعلى مدى اسبوع يعكس ان البديل الاميركي وبدلا من ان يعيد الاستقرار والهدوء الى الشعب الافغاني فانه يساهم في تعميق حالة انعدام الامن والاستقرار في هذا البلد من خلال انفراده في السلطة وعدم فتح الابواب للمشاركة مع الاطراف الافغانية الاخرى.
وبالاضافة الى ذلك فان اميركا وربيبتها " اسرائيل" المجرمة ومن خلال عملائها الحاقدين في لبنان " سمير جعجع" ومن لف لفه ولزعزعة الامن والاستقرار في هذا البلد عمدت الى ارتكاب مجزرة ذهب ضحيتها العديد من الشهداء والجرحى لادخال لبنان في نفق الحرب الاهلية ولكن والذي لابد ان تعلمه او تدركه الادارة الاميركية وحسب النظرية الفيزياوية القائلة "لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه" فان الشعوب اليوم بلغت حدا من الوعي انها لن تستسلم او تستكين لحالات الخوف والارعاب بل تستطيع ان تقف وقفة رجولية واحدة ضد المجرمين الاميركان وعملائهم وبصورة يجعلهم يندمون على فعلتهم مما سيضطرهم الى الانهزام والخروج اذلاء خاسئين وهو ما سنشهده في القريب العاجل انشاء الله.