الانتخابات العراقية والأعطال التقنية
بعد صورة مبهرة أرادها رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي للإنجاز الانتخابي بالإجراءات الأمنية التي رافقتها واعتماد تقنيات حديثة للتصويت والفرز وإعلان النتائج دخلت الانتخابات العراقية في متاهة السياسة مع نهار التأخير عن إعلان النتائج وما رافقه من حديث عن أعطال تقنية، سبقتها إعلانات في يوم التصويت عن أعطال مشابهة، لتأتي النتيجة وتفتح باباً لطعون قانونية من قوى معروفة الهوية بتمثيلها للحشد الشعبي تتهم مستشار الكاظمي بإدارة عملية تدخل للتلاعب بالعملية الإنتخابية، والطعون مزودة بوثائق النتائج الصادرة من الصناديق تختلف عن النتائج المعلنة، ويأتي جواب المفوضية غريباً بالإعلان عن وجود صناديق لم ينته الفرز فيها واحتمال أن تؤثر في النتائج.
عملياً دخلت نتائج الانتخابات في دائرة الشكوك ورسمت ظلالاً كثيفة حول نزاهة العملية التقنية وسط إشارات لا يمكن إنكارها حول شعور المفوضية العليا بضعف حجتها وسعيها للتفاوض على تسويات تحفظ ماء الوجه، ما يعني أن النتائج ليست تقنية بل سياسية.
هذا لا يلغي المشهد الأمني الناجح للعملية الإنتخابية، ولا يلغي ما أظهرته الانتخابات من غياب كامل لفريق ما سمي بالتشرينيين، أو جمعيات المجتمع المدني وما يسمى بالثوار، عن أي رقم يذكر في التعبير عن مشهد سياسي جرى التبشير به كمبرر للانتخابات المبكرة.
العودة إلى الفرز اليدوي تظهر أن الانتقال للفرز التقني كان لعبة تستهدف التحكم التقني بالأصوات وتوزيعها بدليل تسليم المفوضية بالأخطاء والأعطال وتأثيراتها وحتمية العودة للفرز اليدوي جزئياً أو كلياً.
النتائج عملياً أعادت توزيع المقاعد بين القوى التي يتشكل منها المشهد النيابي التقليدي، بصورة تضع كل محاولة لتصحيح النتائج إلى مواجهة بين أطراف هذه العملية، فما سيكسبه الطاعن سيخسره الفائز الذي يحتفل بفوزه.
سيمر العراق في متاهة سياسية قانونية قبل أن تنجلي الصورة، ويبدو الحوار بين المكونات المستهدفة بالفتنة الانتخابية الطريق العاجل أو المؤجل لرسم المشهد السياسي والحكومي الجديد في العراق، بعد انجلاء صورة من دبر هذه الفتنة وأراد تشويه الإنجاز الذي يتباهى به رئيس الحكومة والذي أهل ترشيحه لولاية جديدة؟
البناء