اللقاء الخماسي
في ذروة الاندفاع الأميركي في مواجهة سورية والمقاومة ولد إطار إقليمي حمل اسم “الشام الجديد”، يضمّ مصر والأردن والعراق، وكان واضحاً من الاسم الذي حمله الإطار بغياب الشام الأصيل، الطابع الاصطناعي لمهمته، ومع كشف بعض المشروعات التي تمّ التداول بها ظهر أنّ القصد هو عزل العراق عن إيران وسورية، عبر نقل الغاز والكهرباء من مصر إلى العراق كبديل عنها لغاز والكهرباء الإيرانيين، وبدا بالتوازي أنّ الفصل بين سورية والعراق المشتركين بحدود طويلة، والمتشاركين بالحرب على الإرهاب، مستهدفان بمحاولة الفصل والعزل.
في الفترة ذاتها كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يدعو لمجلس مشرقي يضم لبنان وسورية والعراق والأردن، لقيام سوق مشتركة وتعاون أمني واقتصادي، وهو ما كان الحزب السوري القومي الاجتماعي قد دعا إليه قبل سنوات، مع ظهور تنظيم داعش الإرهابي كخطر محدث بدول وكيانات الإقليم مضيفاً فلسطين إلى الإطار.
خلال المحاولة الأميركية للردّ على سفن كسر الحصار ظهر اللقاء الرباعي الأردني- المصري- السوري- اللبناني، الذي جمع وزراء الطاقة في الدول الأربعة، كنقطة انطلاق للعديد من المشروعات التي يمكن أن تضم هذه الدول.
التراجع الأميركي مرشح للمزيد من الوضوح والتبلور، ومع هذا التراجع سيفقد مشروع الشام الجديد وظيفته، خصوصاً بعدما ظهرت لا واقعية المشاريع التي تم الحديث عنها، فظهر أن الوجهة الطبيعية للغاز المصري والكهرباء الأردنية هي لبنان عبر سورية وليس العراق، لكن ظهر أيضاً أن النفط العراقي الخام الذي يربطه بكل من سورية ولبنان أنبوب يصل إلى كل من بانياس وطرابلس كمحطات نقل بحري ومصافٍ للتكرير، ويشكل رابطاً اقتصادياً استراتيجياً بين العراق وسورية ولبنان، كما أظهر الاهتمام الدولي بمرفأ بيروت فرص تحوله إلى مرفأ لتخديم الأسواق العراقية على البحر المتوسط، والحاجة لربطه بخط سكك حديد إلى دمشق وبغداد.
الإطار الواقعي الذي يجب فتح العين عليه رسمته الجغرافيا وحركة المصالح، فصيغة تجمع مصر والأردن والعراق وسورية ولبنان، قابلة للحياة وتعد بالكثير من الخير للدول الخمسة، وإطار للتنسيق السياسي والأمني والتعاون الاقتصادي.
البناء