kayhan.ir

رمز الخبر: 138005
تأريخ النشر : 2021September21 - 20:03

لماذا سرقت أميركا وبريطانيا اللُقمة الاسترالية من فم فرنسا؟!

 

 

يبدو ان اميركا لا تريد الاعتراف بتآكل قوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية، على الصعيد الدولي، بسبب عوامل عدة أبرزها الصعود المتسارع لقوى دولية واقليمية، تعتبر منافسة لامريكا، ورافضة لسياسة الهيمنة التي تنتهجها، ومحاولة استفرادها بالقرار الدولي، وفي مقدمة هذه القوى الصين وروسيا وايران.

عدم اعتراف اميركا بالواقع الدولي الجديد، وإستماتتها اللافتة من اجل الحفاظ على الوضع الذي لم يعد موجودا، واصرارها على قيادتها العالم دون ان تمتلك مقومات هذه القيادة، والتي ظهرت بوادرها بشكل واضح ابان رئاسة الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، واصبحت اكثر وضوحا في عهد ادارة جو بايدن، جعلها تتخبط في قرارتها السياسية، وهي قرارات كشفت ضعفها اكثر من ان تستره.

من هذه القرارات والتي افقدت اميركا حتى حلفائها الاوروبيين، قرار الضغط على استراليا من اجل الغائها اتفاقا بـ40 مليار دولار لشراء غواصات فرنسية، من أجل اتفاق بديل مع الولايات المتحدة وبريطانيا، الامر الذي اثار غضبا واستياء في فرنسا، الى الحد الذي استدعت باريس فيه سفيريها في واشنطن وكانبرا للتشاور، بعد ان وصفت الأمر بأنه خيانة وطعنة في الظهر، وقرارا على طريقة ترامب.

الطعنة الثلاثية التي سددتها اميركا وبريطانية واستراليا، الى ظهر فرنسا، حدثت يوم الأربعاء الماضي عندما أصدر الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، ورئيس الوزراء الأسترالي، سكوت موريسون، بيانا مشتركا أعلنوا فيه عن إقامة شراكة جديدة في مجالي الدفاع والأمن أطلق عليها اسم "اياكس"، وسيتمثل المشروع الأول في إطارها ببناء غواصات نووية للأسطول الحربي البحري لأستراليا.

يرى المراقبون، ان تحريض اميركا لاسترليا على الانقلاب على فرنسا، حصل بعد ان ادركت واشنطن انه ليس بمقدورها مواجهة القوى الدولية والاقليمية الصاعدة، والتي تعمل بجد على تجاوز النظام الاحادي القطب الذي يهمن على العالم والذي تمثله امريكا، وبعد ان ادركت ايضا، ان الاوروبيين، منذ الفجوة التي اوجدها ترامب بين ضفتي الاطلسي، بسبب سياسته القائمة على مبدأ "امريكا اولا"، لم يعد يثقون بامريكا، ولا يشاطرونها نظرتها الى المخاطر الدولية، كالخطر الصيني، لذلك لجأت الى استراليا حاليا، وقد تلجأ الى نيوزيلندا واليابان في المستقبل، من اجل تشكيل تحالف في مواجهة "الخطر الصيني المشترك".

من الممكن ان يعول البعض على الاتصال الهاتفي المرتقب بين الرئيسين الفرنسي والامريكي لحلحلة الازمة او حلها، الا ان هذا الاتصال الهاتفي، وان تم، سيكون للتغطية على الازمة وليس حلها، فامريكا، بغض النظر عن اختلاف اداراتها، الا انها لم ولن تتغاضى عن االتصريحات القوية والواضعة لقادة اوروبا ، خاصة قادة فرنسا والمانيا، حول ضرورة اعتماد اوروبا على نفسها، في الدفاع عن امنها ومصالحها، عوضا عن الاعتماد على امريكا، وضرورة تشكيل جيش مشترك، قد يكون بديلا عن الناتو.

يبدو ان الازمة التي تعصف بين فرنسا والاتحاد الاوروبي من جانب، وبين اميركا وبريطانيا واستراليا من جانب اخر، تتجاوز في كونها عملية سرقة قامت بها امريكا وبريطانيا عندما قامتا بسرقة اللقمة الاسترالية من فم فرنسا، الى ما هو ابعد من ذلك بكثير، فامريكا فقدت ثقتها بالناتو وحلفائها الاوروبيين، وتسعى الى بلورة تحالفات جديدة، ساحتها الكبرى المحيطين الهادي والهندي، بعد ان كان مركز التحالفات القديمة،، اوروبا وغرب اسيا والمنطقة العربية والاسلامية.