الإمام الحسن بن علي أشبه برسول اللّه (صلى الله عليه واله و سلم)
هو ثاني أئمّة أهل البيت الطاهر وأوّل السبطين وسيّد شباب أهل الجنّة، ريحانة رسول اللّه، وأحد الخمسة من أصحاب الكساء اُمّه فاطمة بنت رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ سيّدة نساء العالمين.
ولد في المدينة ليلة النصف من شهر رمضان سنة ثلاث أو اثنتين من الهجرة وهو أوّل أولاد علي وفاطمة ـ عليهما السلام ـ.
نسب كان عليه من شمس الضحى *** نور ومن فلق الصباح عمودا
وروي عن أنس بن مالك قال: لم يكن أحد أشبه برسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من الحسن بن علي ـ عليهما السلام ـ.
فلمّا ولد الحسن قالت فاطمة لعلي: سمِّه فقال: ما كنت لأسبق باسمه رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فجاء النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ فاُخرج إليه فقال: اللّهمّ إنّي اُعيذه بك وولده من الشيطان الرجيم. وأذّن في اُذنه اليمنى وأقام في اليسرى.
أمّا علمه فيكفي انّه كان يجلس في مسجد رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ويجتمع الناس حوله فيتكلّم ما يشفي غليل السائل ويقطع حجج المجادلين. من ذلك ما رواه الامام أبوالحسن علي بن أحمد الواحدي في تفسير الوسيط: أنّ رجلا دخل إلى مسجد المدينة فوجد شخصاً يحدِّث عن رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ والناس حوله مجتمعون فجاء إليه الرجل قال: أخبرني عن شاهد ومشهود: فقال: نعم، أمّا الشاهد فيوم الجمعة والمشهود فيوم عرفة. فتجاوزه إلى آخر غيره يحدّث في المسجد، فسأله عن شاهد ومشهود قال: أمّا الشاهد فيوم الجمعة وأمّا المشهود يوم النحر. قال: فتجاوزهما إلى ثالث، غلام كأن وجهه الدينار وهو يحدِّث في المسجد فسأله عن شاهد ومشهود فقال: نعم أمّا الشاهد فرسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وأمّا المشهود فيوم القيامة أما سمعته عزّوجلّ يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾ وقال تعالى: ﴿ ... ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ﴾ 3. فسأل عن الأوّل فقالوا ابن عباس، وسأل عن الثاني فقالوا ابن عمر، وسال عن الثالث فقالوا الحسن بن علي بن أبي طالب ـ عليهما السلام .
وأمّا زهده فيكفي في ذلك ما نقله الحافظ أبو نعيم في حليته بسنده أنّه قال ـ عليه السلام ـ : إنّي لأستحي من ربّي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، فمشى عشرين مرّة من المدينة إلى مكّة على قدميه. وروي عن الحافظ أبي نعيم في حليته أيضاً أنّه ـ عليه السلام ـ خرج من ماله مرّتين، وقاسم اللّه تعالى ثلاث مرّات ماله وتصدّق به. وكان ـ عليه السلام ـ من أزهد الناس في الدنيا ولذّاتها، عارفاً بغرورها وآفاتها، وكثيراً ما كان ـ عليه السلام ـ يتمثّل بهذا البيت شعرا:
يا أهل لذّات دنيا لا بقاء لها *** إنّ اغتراراً بظلّ زائل حَمَقُ
وأمّا حلمه فقد روى ابن خلكان عن ابن عائشة انّ رجلا من أهل الشام قال: دخلت المدينة ـ على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ـ فرأيت رجلا راكباً على بغلة لم أر أحسن وجهاً ولا سمتاً ولا ثوباً ولا دابة منه، فمال قلبي إليه فسألت عنه فقيل: هذا الحسن بن علي بن أبي طالب، فامتلأ قلبي له بغضاً وحسدت علياً أن يكون له ابن مثله فصرت إليه وقلت له: أأنت ابن علي بن أبي طالب؟ قال: أنا ابنه. قلت: فعل بك وبأبيك ـ اسبهما، فلمّا انقضى كلامي ـ قال لي: أحسبك غريباً؟ قلت: أجل، قال: مل بنا فإن احتجت إلى منزل أنزلناك أو إلى مال آتيناك أو إلى حاجة عاوناك قال: فانصرفت عنه وما على الأرض أحب إلىّ منه، وما فكرت فيما صنع وصنعت إلاّ شكرته وخزيت نفسي.
وأمّا إمامته. فيكفي في ذلك ما صرّح به النبىّ ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : الحسن والحسين ابناي إمامان قاما أو قعدا...
روت الشيعة بطرقهم عن سليم بن قيس الهلالي قال: شهدت أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ حين أوصى إلى ابنه الحسن ـ عليه السلام ـ وأشهد على وصيته الحسين ـ عليه السلام ـ ومحمّداً وجميع ولده ورؤساء شيعته وأهل بيته؟ ثمّ دفع إليه الكتاب والسلاح وقال له: يا بني إنّه أمرني رسول اللّه ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أن اُوصي إليك، وأدفع إليك كتبي وسلاحي كما أوصى إليّ ودفع إلى كتبه وسلاحه، وأمرني أن آمرك إذا حضرت الموت أن تدفعها إلى أخيك الحسين، ثمّ أقبل على ابنه الحسين ـ عليه السلام ـ فقال: وأمرك رسول اللّه أن تدفعها إلى ابنك هذا ثمّ أخذ بيد علي بن الحسين وقال: وأمرك رسول اللّه أن تدفعها إلى ابنك محمّد بن علي فاقرئه من رسول اللّه ومنّي السلام.