kayhan.ir

رمز الخبر: 137504
تأريخ النشر : 2021September13 - 20:15

دمشق تحدد أولوية الحسم النهائي عبر البوابة الجنوبية… تحولات بالإستراتيجية ام تبدلات بالأولوية؟

الدكتورة حسناء نصر الحسين

في الوقت الذي يشهد فيه العالم انكسارات وهزائم الولايات المتحدة الأميركية وانكشاف حقيقة ادعاءاتها الزائفة في ما تسميه الحرب على الإرهاب وآخر تجليات هذا الزيف هو مشهد فشلها وانسحابها من افغانستان ، في هذا الوقت يشهد العالم أيضا انتصارات الدولة السورية على الإرهاب العالمي والذي تتصدر فيه أميريكا واجهة الدعم والتفريخ له في سورية وآخر مشاهد هذه الانتصارات ما جرى في درعا البلد من تطهير وقضاء على الارهاب والعودة السريعة لتطبيع الأوضاع في هذه المنطقة .

هذه المفارقة الواضحة تؤكد من جديد ثبات دمشق في استراتيجيتها المعلنة منذ اليوم الأول للعدوان عليها والمبنية على محاربة الارهاب والقضاء عليه وتطهير كامل التراب السوري من الارهاب والاحتلال .

سعت واشنطن خلال الفترات الماضية الى تجميد مساعي الدولة السورية بتحرير بقية المناطق من الارهاب وبالأخص في كل من درعا البلد و إدلب لإبقاء الوضع على ما هو عليه والحفاظ على ورقة الاستثمار بالجماعات الارهابية كملف للمساومة مع دمشق وهذا ما اكده مبعوث الولايات المتحدة الامريكية الأسبق جيمس جيفري قبل ايام من التحرير .

هذا المسعى الاميركي قوبل بالرفض من قبل دمشق التي  حشدت قواها باتجاه الحسم في ادلب ، الا ان التعقيدات التي طرأت على هذه المعركة وحجم الاستنفار الذي ابدته القوى العدوانية بدءا بالأميركي مرورا بالتركي وصولا للاسرائيلي فرضت على دمشق ترتيب أولوياتها بما يفتح لها بوابة جديدة تمكنها من حسم بقية الملفات بطريقة أكثر سلاسة .

هذا الأمر دفع دمشق الى اعادة ترتيب خياراتها وتصويب الاولويات نحو عمليات تحرير تفتح لها مجالات اثارة الهواجس لدى اهم القوى العدوانية واكبر المحركين للجماعات الارهابية وبما يخلق حالة اغراق لتلك القوى في هواجسها امام نتائج عمليات التطهير تلك فكانت اولوية تحرير درعا البلد ودخول الجيش العربي السوري  .

انتصار الجيش السوري في درعا البلد ينظر اليه ببعده الخارجي أكثر من بعده الداخلي فكيان العدو الاسرائيلي صاحب الدور الابرز في التآمر على سورية والعدوان عليها يرى نفسه المعني الأول بنتائج هذا النصر السوري في درعا البلد اقوى معاقل الارهاب المتبقية في منطقة الجنوب السوري لناحية ما ستفرزه هذه العملية من تداعيات كبرى يرى فيها الاسرائيلي خطرا كبيرا على الأمن القومي لكيانه لذلك رأينا وزير خارجية كيان العدو في نفس اليوم الذي دخل فيه الجيش العربي السوري الى درعا البلد في موسكو محاولا كعادته الضغط وكسب المزيد من التطمينات وهذا مالم يحصل عليه من روسيا التي كانت قد اتخذت موقفا حازما من التمادي العدواني للكيان بشن عدوانه المتكرر على الاراضي السورية .

رهانات الكيان الصهيوني في توظيف الضغط الروسي على دمشق باتجاه عدم تحويل المنطقة الجنوبية الى موطئ للقوى الحليفة لسورية فشل ، ليؤكد عجز الكيان الاسرائيلي في تغيير المشهد لصالحه وهذا يبرره عودته لاستراتيجية العدوان على سورية ليبقى المتغير الميداني التي استطاعت دمشق احداثه مأخرا هو المؤثر الحقيقي في المتغيرات على صعيد المواقف خاصة فيما يتعلق بالموقف الروسي من تمادي الإسرائيلي في استمرار عمليات العدوان على سورية تحت ذريعة استهداف قوى أخرى .

رهانات البعض على خلافات روسية ايرانية يقدم الصورة وكأن الدولة السورية ليست ذات قرار فيما يخص ما يجري في الجنوب وهذا خطأ في فهم الرؤية لدى الدولة السورية وخطأ في فهم استراتيجيتها في ادارة ملفاتها الحساسة منها على وجه الخصوص فدبلوماسية الدولة السورية تعمد الى استيعاب ما لدى جميع الحلفاء راسمة على اساسه رؤيتها في مواءمة الأمور بما يحقق المصلحة السورية في المقام الأول .

ويجدر الاشارة الى احد اهم مؤشرات الفشل والعجز الاسرائيلي الاميركي في تغيير او حتى تشويه المشهد الذي استطاع الجيش السوري رسمه في الجنوب هو العودة الى تحريك الملف الانساني وتوظيف الوضع الانساني بما يشكل تحريضا على الدولة السورية، والمتوقع في المرحلة القادمة هو استثمار اميركي كبير بالوضع الانساني لإيقاف تقدم الجيش السوري  وهذا ما تعودنا عليه عند بدء أي عملية تحرير للجيش السوري او نصر.

قدرة الدولة السورية على رسم اولوياتها بالشكل الصحيح وتحويل الحسم العسكري باتجاه الجنوب السوري  ودرعا البلد يعكس قراءة سورية دقيقة لفهم توجهات قوى العدوان والتآمر على سورية ويشكل ادراكا كاملا لدى دمشق بأن المرحلة المقبلة مفتاح الانتصار والانجاز فيها وبوابة الحسم النهائي لبقية المواقع والملفات فيها وفي صدارتها ادلب هو الجنوب السوري .