ألا من رشيد؟ !
بعد اربعة ايام من المعارك الشرسة بين قوات طالبان والمعارضة بقيادة "احمد مسعود" الموجود حاليا في ولاية بنجشير انتهت دون نتيجة لكن وبعد تدخل الجيش الباكستاني وطيرانه الى جانب طالبان استطاعت القوات الاخيرة تصرف بعض المدن في هذه الولاية دون السيطرة الكاملة على سائر مناطقها التي لازالت تحت تصرف احمد مسعود التي يتمركز فيها وهو يواصل مقاتلة طالبان ويصر على شروطه على انسحاب طالبان من المواقع التي تقدم فيها مقابل وقف المعارك بناء على اقتراح "مجلس العلماء".
ان "مجلس العلماء" الذي يضم مجموعة من علماء الدين الافغان قد تقدم باقتراح الى طالبان لوقف المعارك لكن الاخيرة رفضت الطلب وهي تواصل اليوم القتال وبذلك تفتح ابواب افغانستان امام التدخل الخارجي الذي سيدفع البلد الى الحرب الاهلية وهذا يدلل على ان طالبان مازالت تؤمن بسياسة القوة والعنف لفرض هيمنتها وسيطرتها على افغانستان ضاربة بعرض الحائط حقوق ورؤية وتطلعات بقية اطياف الشعب الافغاني بمختلف قومياته واطيافهم لادارة البلد.
وبالطبع اذا ما اصرت طالبان على سياستها الجديدة القديمة في مصادرة رأي الشرائح الاخرى من الشعب الافغاني فانها ستصطدم بمعوقات كبيرة وكثيرة والتي تبدأ بالشرعية ويلحقها عدم اعتراف الدول والتعامل معها والى قائمة اخرى من الامور وهذا ما يذكرنا بحكومتها الاولى قبل عقدين التي اعترفت بها ثلاث دول فقط هي السعودية والامارات وباكستان الى ما انتهت اليه التراجيديا وقتها.
على طالبان ان تعي المرحلة والظرف ومستجدات الساحة العالمية. فالعالم اصبح متعدد الاقطاب ولن يحكمها بعد اليوم قوة منفردة حتى تنفردوا بالحكم انتم واذا كان الامر متاحا كما تتصورون لاستتب الوضع لغيركم كحزب الله الذي حرر لبنان والحشد الشعبي في العراق وهم اولى بها لدورهم الاساس ضخامة التضحيات التي قدموها وعطائهم الكبير في هذا المجال غير انكم دخلت المدن الافغانية متنزهين دون ان تطلقوا طلقة واحدة الا انهم لم يفعلوا ذلك ولم ينفردا بالحكم لايمانهم واحترامهم للراي الاخر من شرائح شعبهم واشراكهم في القرار الوطني وادارة الحكم.
ان طهران وانطلاقا من مسؤوليتها التاريخية والانسانية والايمانية وحرصا منها على استتباب الامن والاستقرار في دول الجوار تدعو كافة الاطراف الافغانية الى العمل بمسؤوليتها وواجبها للمساعدة على تحقيق سلام دائم في ربوعها وعدم افساح المجال امام اي تدخل خارجي يعبث بمقدراتها لان ذلك مصيره الفشل الحتمي فاستقواء اي طرف بخارج الحدود لا يؤدي الى اية نتيجة بل بالعكس يزعزع الامن فيها وما ارتكبته طالبان خلال الايام الاخيرة في بنجشير مآله الخيبة والخسران والدمار حيث شنت هجوما كاسحا ضد ابناء ولاية بنجشير التي اعطت درسا تاريخيا للسوفييت بجهادها، مدان في كل الاعراف والقوانين الدولية والانسانية خاصة وانها اليوم تحاصر هذه الولاية وتجوعها وتقطع عنها الكهرباء والخدمات وهذا ما تدينه طهران جملة وتفصيلا وتطلب منها الا تتجاوز الخطوط الحمراء لان ذلك تهديد مباشر لاستقرار جميع دول الجوار وشعوبها وهذا ما ستتحمل وزره وتبعاته التي تفوق طاقاتها وتندم عليه لاحقا.
ان طالبان لم تمتلك الشرعية بعد لأنها لم تأت عن طريق انتخابات ديمقراطية لتدعي تمثيل شعبها حتى تتخذ مثل هذه القرارات المصيرية لتفرض وصايتها على كافة الشعب الافغاني. صحيح انها من قبيلة البشتون الذين يمثلون 40% من الشعب الافغاني وهذا لا يعني ان جميعهم يتفقون مع رؤية طالبان وادراتها للحكم فعلى طالبان ان تتحلى بالعقلانية وتحترم اقتراح "مجلس العلماء" الذي يضم كافة اطياف الشعب الافغاني للجلوس على مائدة التفاوض لحل سلمي لصنع استقرار دائم في البلد بعيدا عن القوة والسلاح الذي يجب ان يشهر بوجه اعداء افغانستان وليس ابنائه.
فهل من مجيب؟!