إيران تحصر خيارات أمريكا بخيار واحد.. رفع الحظر والعودة للإتفاق النووي
"لا يمكننا الانتظار إلى الأبد بينما تواصل إيران تقدمها النووي، لأن تقدمهم في مرحلة ما سيجعل العودة إلى الاتفاق النووي أقل قيمة بكثير للولايات المتحدة"، هذا التصريح هو للمبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، روبرت مالي، الذي إعتاد كباقي اعضاء ادارة الرئيس الامريكي جو بايدن، التهرب من مسؤولية تبعات انسحابهم من الاتفاق النووي وادارة ظهرهم للعالم، والقاء هذه المسؤولية على عاتق ايران.
اللافت ان مالي يعلم جيدا ان ايران لم تترك المفاوضات، وانها إضطرت الى وقفها مؤقتا لاختيار الفريق المفاوض الجديد، بعد الانتخابات الرئاسية الايرانية، فالرجل يحاول من خلال هذه التصريحات ان يذر الرماد في العيون، من اجل التغطية على التعامل السلبي للرئيس الامريكي جو بايدن مع الاتفاق النووي، وجعله آخر موضوع يفكر به، بعد دخوله البيت الابيض، رغم انه وخلال حملته الانتخابية وقبلها انتقد انسحاب سلفه من الاتفاق، ووعد بالعودة اليه في حال فوزه.
اللافت ايضا ان مالي يتجاهل التصريح الصلف لرئيسه بايدن، عندما سئل، بعد مرور وقت طويل نسبيا على رئاسته، "هل انت مستعد للعودة الى الاتفاق النووي" اكتفي بكلمة "لا"، واليوم يأتي مالي ليحمل ايران مسؤولية ما ارتكبه سلف بايدن، ترامب الارعن، رغم ان ايران تعتبر عمليا الطرف الوحيد الذي ظل يحترم توقيعه على الاتفاق النووي.
مالي هذا، يعلم كل ذلك جيدا، لذلك رأيناه يستدرك خلال تصريحاته الاخيرة لوكالة بلومبيرغ ويقول "ان امريكا مستعدة للتحلي بالصبر"!!، هو "صبر"، كما ادركت شعوب العالم من تجربتها التاريخية مع امريكا، لا وجود له في القاموس الامريكي، اذا كانت تمتلك الامكانية والقدرة على التنصل من كل معاهداتها واتفاقياتها، والنكوث بعهودها ووعودها، وهذه الحقيقة باتت علامة مميزة لامريكا، لذلك نرى ان "الصبر" الذي يتحدث عنه مالي، ليس سوى "ارباك" و"تخبط" امريكي في التعامل مع ايران، بعد ان فرضت ايران نفسها على مجموعة 4+1 والعالم، بوصفها الطرف الاكثر التزاما بالاتفاق النووي، واحتراما لكلمتها وتوقيعها، حيث بقيت متمسكة بالاتفاق النووي على مدى عام كامل رغم انسحاب امريكا وفرضها عقوبات غير قانونية عليها، ورغم تنصل باقي الاطراف الاخرى مثل فرنسا وبريطانيا والمانيا، من الاتفاق.
ان منطق ايران، وقوتها ، هما اللتان حصرتا خيارات امريكا في التعامل معها ، بخيار واحد فقط ، بعد ان اثبتت باقي الخيارات الاخرى، كالخيار العسكري وخيار الحظر الاقتصادي، فشلها، وهذا الخيار هو خيار العودة الى الاتفاق النووي بعد رفع الحظر كاملا غير منقوص، وهذه الحقيقة اعترف بها مالي دون ان يقصد ذلك، عندما قال: "ان امريكا تملك خيارات بديلة في حال عدم إعادة إحياء اتفاق عام 2015، ومنها توقيع اتفاق جديد منفصل تماما عن ذلك الاتفاق الذي ينتهي مفعوله بحلول العام 2030، أما الخيار الآخر فهو فرض عقوبات ضد طهران تأتي بالتنسيق مع الحلفاء الأوروبيين"!، وهما خياران اكل عليهما الدهر وشرب.