kayhan.ir

رمز الخبر: 136699
تأريخ النشر : 2021August31 - 20:35

طالبان والامتحان العسير

بخروج آخر جندي اميركي غاز ليلة الاثنين ـ الثلاثاء من الارض الافغانية يكون قد اسدل الستار على اطول غزو عرفه التاريخ الاميركي المظلم بحق شعوب العالم لكن ان ينتهي بهذه التراجيديا الكارثية من الانسحاب المذل والمخزي والمهين والذي كلف الولايات المتحدة الاميركية اكثر من اثنين تريليون و300مليون دولار حسب ما كتبته الصحافة الاميركية، امر اثلج صدور شعوب العالم واحراره واصبح عبرة لكل الغزاة ومن هم لم يتعظوا لحد الان.

ان لهذه الهزيمة الاستراتيجية في افغانستان من تداعيات وتبعات خطيرة على اميركا وامثالها لم يكشف عنها بعد هي بحاجة الى المزيد من الوقت لتتضح ابعادها لكن ان يعلق عليها السياسي الصهيوني المخضرم كسنجر الثعلب الاميركي بانها "فشل اميركي ستراتيجي في افغانستان الذي لا يجبر" يكشف عمق الازمة الاميركية وسياستها المرتبكة والمتخبطة في افغانستان التي اضطرتها للخروج بهذا النمط المذل والمتهالك تاركة وراءها عشرات الطائرات والاليات المدرعة المعطوبة وهكذا اكثر من 1000 سيارة دون مفاتيح تشغيلها في مطار كابل.

الانسحاب الاميركي المفاجئ والمتعثر والمفخخ من افغانستان شكل فضيحة مدوية لاميركا في عجزها للقضاء على "الارهاب" حسب وصفها واثبتت للقاصي والداني انها غير قادرة على تقديم الحماية او أي تعهد للدول الاخرى مستقبلا. وقد بات العالم يستصغرها بشدة وينظر اليها بسخرية واستهزاء بأنها دولة لا يمكن الاعتماد عليها وقد هزمت بليلة ظلماء أمام الآلاف من مقاتلي طالبان وهي تترك ورائها احدث التجهيزات العسكرية لكن بعد اعطابها.

وشر البلية ما يضحك هو ما صرح به الرئيس بايدن لتغطية هزيمة بلاده النكراء بان القوات الاميركية قد خرجت من افغانستان بعد ان انهت مهمتها في القضاء على الارهاب وانها لم تذهب لبناء افغانستان !

الامر الاخر الذي كشف خواء الاميركان وتبجحاتهم بانهم القوة العظمى في العالم هو محاسباتهم وتقديرهم الخاطئ للموقف والامور في افغانستان وقدرة جيشه الذي سلحوه ودربوه على مدى عشرين عاماً على الصمود لمواجهة الاحداث، رغم امتلاكهم لاحدث الاجهزة والتقنيات الاستخباراتية والمعلوماتية وكذلك تعاون الاف العملاء الافغان ليقعوا في النهاية في مأزق قاتل يجبرهم على الخروج بشكل غير متوقع وعندما حشروا في هذه الزاوية الحرجة كشفوا عن عمق خباثتهم بأنهم سيخلقون الفتنة والفوضى في البلد بفتح الباب على حرب اهلية واقتتال داخلي ثانية، لكن العناية الالهية شاءت ان يتجنب الشعب الافغاني المزيد من الويلات والكوارث التي تسببت بها اميركا لهذا الشعب المسكين على مدى عقدين.

واليوم أمام طالبان فرصة تاريخية لتثبت عقلانيتها واحترامها لجميع شرائح الشعب الافغاني وحقوقه للمشاركة في ادارة بلدهم عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية وان لا تنفرد بالقرارات لان ذلك لايدعم الاستقرار والامن في افغانستان بل يدفع البلد ثانية الى صراعات داخلية هو في غنى عنها. لذلك فطالبان امام امتحان عسير والوقت لا يسمح لها بالمماطلة وعليها حل مشكلة ولاية بنجشير باسرع وقت والتي يحكمها حاليا احمد شاه مسعود وهي خارج سيطرتها وهذا ما يفتح الباب لتدخلات خارجية لذلك على طالبان الكشف عن برنامجها السياسي ومستقبل رؤيتها للامور وتعاملها مع دول العالم التي ستتخذ مواقفها من طالبان على ضوء سياستها الداخلية والخارجية التي يكتنفها اليوم الغموض.