حرامهم حلال وحلالنا حرام! حزبُ الله بين سندان أمريكا ومِطرَقة العملاء
إسماعيل النجار
ليسَ غريباََ عن لبنان ما تعيشه الناس في ظِل حُكم بقايا الإستعمارين التركي والفرنسي وفي ظِل الإحتلال الإسرائيلي ألذي جاءَ بهِ آل الجمَيِّل من أجل تحقيق مآرِبهُم السياسية والطائفية؟
منذ مئات السنين وتصريحات نفاق التعايش الإسلامي المسيحي يسمعها الناس بينما الحقيقة غير ذلك كُلِّياََ منذ عهد الإحتلال التركي مروراََ بالفرنسي وصولاََ إلى إحتلال بيروت من قِبَل الجيش الصهيوني،
[ مع كل ذلك ورغم الدعاية بأن لبنان وطن الأرز والتعايش وا.. وا.. وا... إلخ.
حصلت نزاعات طائفية ومذهبية عام (١٨٦٠) بين الدروز والمسيحيين، نشبت الحرب الأهلية عام (١٩٧٥) وما بينهما مانَ أدهىَ وأعظَم.
بعد جلاء قوات الإستعمار الفرنسي عن أرض لبنان وإعلان الإستقلال تَكَوَّنَت طبقة سياسية من بقايا الإستعمارين حَكَمَت البلاد بالتوافق على أساس طائفي ومذهبي كانَ الشيعة آنذاك خارج اللعبة كلياََ برتبة تابعين مشرذمين،
[فكان الدروز بزعامة آل جنبلاط وآل إرسلان،
[وكان المسيحيين تحت مظَلَّة بكركي،
[والسُنَّة إنقسمَت زعامة طائفتهم بين آل سلام وآل اليافي وآل كرامي وآل الصُلح ولكن بقيَ الجميع تحت مِظَلَّة دار الفتوَى وبالإجماع،
**الطائفة الوحيدة التي لَم يَكُن لها أي دور سياسي بارز أو مرجعية دينية آنذاك هي الطائفة الشيعية التي كان زعيمها في الجنوب أحمد بيك الأسعد وفي البقاع الشمالي رئيس مجلس النواب السابق صبري حماده، وكان حماده صهر الأسعد والإثنين يطوفان حول بكركي متوسلين بطركها منحهم البركة والرِضَىَ لتغفوا عيونهم غير قَلِقَة.
**بعد مجيء السيد موسى الصدر إلى لبنان وبعد تأسيس المجلس الإسلامي الشيعي برئاسته تغيرَ حال الطائفة نحو الأفضل بعدما وُضِعوا في إطار مؤسساتي بعيد كل البُعد عن التِبَعِيَة لبكركي ودار الفتوى والإقطاع المالي والسياسي،
وخصوصاََ أن الإمام الصدر رفع الصوت بوجه السياسيين مطالباََ بإلغاء الطائفية السياسية وإعادة حقوق طائفته بالكامل.
الأمر الذي لَم يُرضي كثيرين من سياسيِّ لبنان الحاكمين واللذين هُم من بقايا الإستعمارين الغابرين التركي والفرنسي، من بيكوات، ومشايخ، وأمراء، وغيرهم من عوائل الإقطاعين السياسي والمالي،
[ أصبحت وحدة الطائفة الشيعية تُشَكِلُ عبئاََ على اليمين الإنعزالي الذي خآف تصاعد قوة الشيعه وتضامنهم،
والأحزاب اليسارية أيضاََ أرعبتها خطوَة الإمام الصدر التي أخذت من رصيدهم بسبب تكَوين أحزابهم بنسبة ثمانون في المائة من شباب الطائفة الشيعية اللذين كانوا يعتمدون عليهم ويستخدمونهم في حروبهم العبثية،
وكذلك منظمة التحرير الفلسطينية التي خسرَت مع تأسيس حركة المحرومين الآف المقاتلين اللذين أنسحبوا وأنضووا تحت لواء الإمام السيد موسى الصدر،
[ الإمام الصدر بمجيئه وتأسيس المجلس الإسلامي الشيعي، وحركة المحرومين، ورفعه الصوت بوجه الإقطاع المالي والسياسي وعدم مداهنتهِ لهم، شَكَّلَ عائقاََ أمام مشاريعهم الإقتصادية والسياسية وكان الوحيد الذي يرفع الصوت بوحه الجميع فلا يهاب ولا يراوغ أو يفاوض.
[ فكانت المؤامرة الكبيرة بإخفاء الإمام واختطافه في ليبيا عام ١٩٧٨ بعد وصوله اليها بتاريخ ٢٥ آب من ذلك العام لإيقاف مسيرة الإصلاح السياسي التي يطالب فيها الإمام.
وكان إخفاء الإمام مصلحة إنعزالية يسارية صهيونية لِما له من تأثير على الشباب وعلى مشاريع تلك الأحزاب والقوَىَ الإنفصاليه والتقسيمية والتي عَبَّرَ عنها بالكثير من المناسبات أشهرها قوله:
(إن الطائفية السياسية هي سبب بلاء لبنان وأساس محنته)
وقوله أيضاََ :
(أن التعايش الإسلامي المسيحي ثروة يجب التمسك بها). والكثير من العبارات التي إتهَمَ فيها الطبقة السياسية الحاكمة باللصوصية ونهب المال العام، والرضوخ الى ارادة الغرب، وعدم تحمُل المسؤولية إتجاه اهل الجنوب اللذين يعانون من جحيم الإعتداءآت الصهيونية على الحدود،
مما إضطره للقول :
(إذا احتَلَّت إسرائيل جنوبي سأخلع ردائي وأصبح فدائي)
وكانت عبارة سماحة الإمام المُغَيَّب تنطلق من معرفة حقيقية بالأطماع الإسرائيلية بأرضنا ومياهنا العَذبَة وتهدف الى توسيع العمق البري والبحري للكيان الصهيوني التي لو نجحَت لكانت اليوم بلوكات (8/ و9) ضمن سيطرة الكيان الغاصب ولا أحد يستطيع إستعادتها وستذهب كما ذهبت القرى السبع وسهل الحولَة إلى غير (رَجعة).
[ تحمَّلَت حركة أمل المسؤولية بعد تغييب الإمام وخاضت حروباََ طاحنة مع الإنعزالية التي كان يقودها آل الجميل وسمير جعجع حتى بعد طرد الجيش الصهيوني من بيروت وإنطلاق المقاومة المسلحة ضد إسرائيل،
*إستَلَم حزب الله راية الجهاد بوجه الإحتلال الصهيوني ورفعها عالياََ في السماء
وتعاظمَت قوتهُ حتى أصبحَ قوة إقليمية يُحسَب لهُ الف حساب، حَرَّرَ الأرض وحَمَىَ العِرض وأصبحت مواقفه الوطنية يُحكَى عنها في كل أنحاء العالم وأكتسبَ سُمعةََ وصيتاََ ذهبيتين رغم دفع مليارات الدولارات من قِبَل الولايات المتحدة الأميركية لتشويه سمعتهُ، وقَرَّبَ بين اللبنانيين وتحالفَ مع بعضهم ودعمهم وتواضعَ وتنازلَ عن قسم من حقوقهِ ليرضي الجميع وصفَحَ عن مَن قاتلهُ وقَتل أبناؤهُ ودحرَ العدو وانتصرَ وأهدَىَ النصر للبنانيين جميعاََ دون إستثناء.
ومع ذلك بقيَ صهاينة الداخل (صهاينة).
وبقيَ الكارهون له على مواقفهم منه رغم كل ما فعلَ لأجلهم، سوىَ نفرٌ قليل أخاف أن أَحُكَّهُم فيظهر معدنهم فنبقى وحيدين كما بقيَ الإمام الحسين في كربلاء.
[ بقايا الإستعمارين اللذين حكمونا ولا زالوا، نهبوا المال العام وأموال المودعين وتآمروا على المرضى وحرموهم حبة الدواء، وأوقفوا المواطنين أذلَّاء في طوابير أمام محطات البنزين على أطراف الطرقات، َقطعوا عنا الكهرباء،
كل ذلك كانَ تنفيذاََ لأوامر سيدهم الأميركي الذي هدَّدَهُم بفرض عقوبات عليهم وعلى أفراد أُسَرِهِم وسلبهم ما نهبوه خلال ٤٠ عام خَلَت حتى اليوم إذا لم يتعاونوا.
هذه الطبقة الطُغمَة المسيطرَة على مفاصل الدولة من مؤسسات وإدارات وقضاء وأمن وغيرها تريد وبإصرار البقاء على قيد الحياة ويقاتلون باللحم الحَي لكي لا يصعدون إلى منصة الإعدام السياسي التي نصبها لهم الشعب، والتي لم يبقى بينهم وبينها إلَّا خطوة صغيرة فقط.
من هنا ظهرَ عهرهم ووقاحتهم من خلال فورتهم وتصريحاتهم التي تحوِّل الحلال الى حرام والحرام الى حلال، فأصبحت بذلك المقاومة حرام وعبئ على الدولة وميليشيا،
وأصبحت العمالة والنهب والسرقة والظلم حلال.
الأمر غير مُستغرَب عندما ترى وجوه صفراء مَيِّتَة تسمع أصوات نشاذ تخرج من افواههم النَتِنَة تتحدث عن مَن حَرَّر وضحَّىَ بالسيء وتشيد بالعدو،
وتعتبر مواجهة إسرائيل جريمة والعميل مُبعَد ومظلوم.