kayhan.ir

رمز الخبر: 136570
تأريخ النشر : 2021August29 - 20:29

نابليون افغانستان بين توظيف الغرب وإغراءات طالبان

د. جواد الهنداوي

لم يمضْ على رحيل الاميركان عن افغانستان، (برضا او بأكراه) الاّ اياماً معدودة، حتى بدأ الغرب، حُماة ورعاة ألاستراتيجية الدولية الامبريالية، بتنفيذ خططهم الطارئة والمستعجلة لملئ الفراغ السياسي والعسكري، الذي تركته الادارة الاميركية، والقوات الاميركية ، وقوات الناتو في افغانستان.

اميركا الجريحة عاجزة الآن عن التفكير والتدبير في الشأن الافغاني، بريطانيا وفرنسا هما مَنْ توليا المهمة.

اميركا الآن منشغلة بالتداعيات السياسية وبالانتقادات اللاذعة من الصديق و من الحليف للادارة ومسوؤليها عن هزيمة القرن. اصوات لسياسين و لنخب تطالب الرئيس بايدن بالاستقالة، لاسيما بعد مقتل 12 عسكري اميركي في الانفجار الذي وقع مساء يوم 2021/8/26، في مطار كابول؛ ادعّت داعش مسؤوليتها عن الانفجار.

 مَنْ هو نابليون افغانستان؟

هو احمد شاه مسعود (الابن)، او احمد الثاني تمييزاً عن والده احمد شاه مسعود، والملّقب “اسد بنشير”، الذي اغتالته طالبان بتاريخ 2001/9/9، في معقله اقليم “بنشير” في افغانستان، بواسطة انتحاري، انتحلَ صفة صحفي، ونُسِبَ التفجير والاغتيال الى المخابرات الباكستانية المتعاونة والمتحالفة مع طالبان حين كانت الحركة تُقيم وتنمو وتنشط في باكستان. كان احمد الابن يبلغ من العمر 12 عام، عند اغتيال والده. تعّلمَ و درسَ في الكلية العسكرية البريطانية في لندن، وله علاقات مع نخب و سياسين في بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الاميركية ، وللاستدلال على طبيعة هذه العلاقات، يكفي الاشارة الى انَّ “احمد الثاني” واقصد احمد شاه مسعود الابن يستقبلُ، ومنذ يوميّن الفيلسوف الفرنسي، برنارد ليفي، شخصية مُثيرة للجدل ليس لطروحاته الفكرية وانما لعلاقاته و نشاطاته السياسية ،والتي تُحسبْ دائماً لصالح اسرائيل و الصهيونية ،كما يُعرفْ عنه دوره في تأليب فرنسا وحلف الناتو للهجوم على ليبيا و اسقاط نظام معمّر القذافي، وزياراته المتكررة الى ليبيا، وكذلك بؤر النزاع ذات البعد القومي والطائفي، والتي تخصُ من بعيد او من قريب مصلحة اسرائيل، ومصلحة الصهيونية. سيصدر كتاب في نهاية شهر ايلول القادم يتناول سيرة و مسيرة و قصة شاه مسعود، في قتاله لقوات الاتحاد السوفيتي حين كان الجيش السوفيتي مُحتلاً لافغانستان، في سبعينيات القرن الماضي، وكذلك قتاله لقوات طالبان في تسعينيات القرن الماضي، عنوان الكتاب هو “نابليون افغانستان”، ومؤلفّه ساندي غال.

ما كتبناه اعلاه من معلومات عن “اسد بانشير”، واقصد احمد الثاني، هو لغرض تبيان جهود فرنسا وبريطانيا من اجل تهيأة الرجل وتعريفه للعالم وللاعلام والرأي العام، وحتماً لاغراض سياسية واستراتيجية تهّم مصلحة اميركا والغرب.

لن يدعْ المحور الغربي افغانستان ولا طالبان في منآى عن رصدهِ و توظيفاته، لما ما لكليهما من ادوار تسمح للمحور بالتخطيط لمواجهة المحور الاسيوي (الصين، روسيا، ايران). فَشلت الخطة أ او الاولى الاميركية في السيطرة على افغانستان والقضاء على طالبان، انتقلت اميركا و بمبادرات من حلفائها (بريطانيا، فرنسا) الى تبنّي الخطة ب او الخطة الثانية، بالعمل على توظيف الطائفية والقومية لتهديد حركة طالبان، وزعزعة استقرار وعمل حكومتها، كي تعّمُ الفوضى و يعّم الاقتتال العرقي والطائفي في افغانستان.

 أقليم باشير وقياداته المعروفة بأستعصاءهم على الاحتلالات والاستسلام، و بصلابة مقاومتهم، مُرشّح لأن يكون اداة فاعلة في محاربة طالبان ،إنْ اقتضت مصلحة المحور الغربي وتلاقت مع مصلحة اقليم باشير .

 لن يعولْ المحور الغربي و لا حلف الناتو على دور او تأثير كبير لتركيا في افغانستان، رفضت حركة طالبان بقاء قوة عسكرية تركية لا للتدريب ولا لحماية المطار، طالبان تعتبر القوة العسكرية التركية المتواجدة في افغانستان جزء من الناتو ودخلت الى افغانستان بأعتبارها قوة ناتويّة وليست قوة تركية، فهي اذاً غير مُرحّب ببقاءها وستُعامل بأعتبارها قوة محتلة، وقد فهمت تركيا الرسالة وشرعت بسحب قواتها، ويأستْ من امكانية ابقاء قوة لها لحماية المطار .

 تعمل حركة طالبان لاستمالة المعارض احمد شاه مسعود واشراكه في الحكم، ووساطات بين الطرفيّن وعروض طالبانيّة بعدم الدخول في قتال او نيّة لدخول اقليم باشير. تدرك حركة طالبان صعوبة او استحالة القتال في اقليم باشير لتضاريسه الوعّرة ولعدم معرفتهم في جغرافية الاقلية، كما انهم فشلوا في السيطرة على الاقليم في تسعينيات القرن الماضي ابان فترة الحكم الاولى لحركة طالبان .

وكثير من الوحدات والقيادات العسكرية الافغانية، التي هربت من افغانستان لجأوا الى اقليم باشير وانضموا الى صفوف المقاومة مع احمد شاه مسعود .

 لحركة طالبان شأنٌ في مناسبتيّن قادمتيّن، ستشهدهما في النصف الاول من شهر ايلول القادم؛ المناسبة الاولى هو يوم 2021/9/8 ،ذكرى اغتيال القائد احمد شاه مسعود عام 2001، والمناسبة الثانية هي ذكرى تفجيرات نيو يورك في 2001/9/11، والتي نفذتّها القاعدة ،بقيادة اسامة بن لادن .

 لنرى كيف تتعامل حركة طالبان مع الذكرى؟

 هل ستمجّد ذكرى هذه المناسبات (تفجيرات نيويورك واغتيال احمد شاه مسعود)؟