kayhan.ir

رمز الخبر: 134458
تأريخ النشر : 2021July13 - 20:14

لماذا الإصرار على تدمير الشعب في الشام؟!

د. جمال زهران

المتابع للشأن العربي في إقليم الشام (سورية ولبنان)، يشعر بالأسى، وهما الدولة الواحدة قبل تقسيمها بفعل الاستعمار الفرنسيّ، وصفقات التوزيع والتقسيم بين الاستعمارين الإنجليزي والفرنسي اللذين نعاني من جرائمهما حتى الآن، ونحن في المقابل لم نبذل المجهود المقابل لإعادة وحدة هذا الإقليم بفعل تقصير من ناحيتنا، وإصرار استعماريّ على استمرار الإقليم في حالة تجزئة دائمة، خدمة للكيان الصهيوني صنيعة الاستعمار.

فقد تلاحظ من أوّل وهلة لكلّ من يتابع شأن الدولتين، أنهما تحت الضغط والحصار، وبتلازم شديد. فالأحوال المعيشية تتدهور بشدة في كلا البلدين. إلا أنّ الفارق بينهما، هو استمرار الدولة المركزية في سورية، فهي التي تحول دون الانهيار، وتبذل كلّ جهدها في تفادي حدوث الانهيار وتتدخل قدر الإمكان لحلّ الأزمات الصعبة خاصة في مجال الطاقة (كهرباء – مازوت – بنزين – غاز)، والتي تنقطع باستمرار! والسبب واضح أنّ الأميركيين يصرّون على احتلال منابع النفط والغاز في الشمال الشرقي على حدود العراق، وسرقتها وتهريبها، وفي الوقت نفسه تضرب محطات الكهرباء كلما تمّ إصلاحها، ويتمّ تدميرها بشكل مستمرّ، وممنهج، ليتمّ الضغط على الشعب السوري، ويضعه في دائرة الحصار بهدف تحريك الشعب ضدّ نظامه. إلا أنّ الشعب ردّ على الحصار، بالتدافع بالملايين لانتخاب رئيس الجمهورية، وبأغلبية 95% فاز الرئيس بشار الأسد ليستمرّ مدة جديدة (7 سنوات)، وهو الرئيس المستهدف لتبنّيه أجندة المعارضة ضدّ المشروع الصهيوني الأميركي، والمقاومة ضدّ الكيان الصهيوني والسياسات الأميركية، وتوابعها من دول الرجعية العربية في الخليج بقيادة السعودية!!

ولكن السؤال: هل من المتوقع استمرار حالة الضغط على الشعب السوري ونظامه، من دون ردّ فعل؟! الإجابة عندي، تتركز في أنّ الوضع الحالي لن يستمرّ إلى ما لا نهاية. حيث يشمل ردّ الفعل المتوقع العمل على محورين، الأول: استمرار تحرير أراضي سورية المحتلة من أميركا ومن تركيا بكل السبل، عن طريق عمليات عسكرية مستمرة هدفها استنزاف المحتل العدو، حتى يتم إجبار هذه القوات على الرحيل. وألاحظ أن ذلك قد بدأ فعلاً، بالهجمات الصاروخيّة المستمرة على القواعد العسكرية الأميركية، وتقع خسائرُ كبيرة، قد تجبر الأميركيين على الرحيل، كما رحلت القوات الأميركية بقرار رئاسي من بايدن، من أفغانستان!! والمحور الثاني للعمل: هو تحريك المقاومة ضدّ الكيان الصهيوني لتحرير الجولان، بعمليات عسكرية ضدّ هذا الكيان وقواته حتى إجباره على الرحيل، وبالتالي سقوط كل آليات الحصار ومنها قانون قيصر الظالم، الذي تفرضه أميركا رمز الاستعمار الوقح!

أما بالنسبة للوضع في لبنان: فإنّ العوامل الخارجيّة هي المتحكمة في البلاد بلا منازع، الأمر الذي يسهم في زيادة تدهور الأوضاع الشاملة، وعلى جميع المستويات السياسيّة والاقتصادية والاجتماعية، والأمر المستقرّ الآن، أنّ أوضاع الشعب في لبنان، لم تتدهور في تاريخ لبنان مثلما تدهورت الآن، حتى بالمقارنة في فترات الحرب في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي!! فالأوضاع المعيشية تتدهور بسرعة شديدة، ومظهر ذلك تدهور العُملة الوطنية في مواجهة العملات الأخرى، حتى وصل مثلاً الدولار يقابل ما يقرب من (20) ألف ليرة، أي ما يقرب من (15) مثلاً! وانعكس ذلك على الأسعار، والمرتبات، وسياسات غامضة للمصرف المركزي الذي يرأسه بانفراد رياض سلامة، الذي يطالب الشعب، بإقالته، إلا أنه مسنود داخلياً وخارجياً! وبإجماع كلّ الرموز في لبنان، والقيادات المسؤولة والكتاب والمفكرين، وكلّ أفراد الشعب، بأنّ أحد أهمّ أسباب تدهور مستويات المعيشة في لبنان والحالة الاقتصاديّة السيئة التي وصل إليها الشعب اللبناني، هو وجود رياض سلامة على رأس المصرف المركزي اللبناني، والمتهم في قضايا فساد وتهريب أموال بلا طائل، بل واستمراره. وفي مقابلة لوفد عربي مع الدكتور/ حسان دياب رئيس الحكومة، رداً على سؤال لي في هذا الشأن، فقال: «لقد اكتشفت أنّ هناك من يحكم ويتحكم في لبنان، غير الذين ترونهم من السياسيين في لبنان، بل أقوى منهم…!».

وتجد في المشهد أميركا وفرنسا، تتحكمان في القرار في لبنان، وتمارسان الوعد والوعيد، والتهديد للسياسيين، وفرض العقوبات لديهم، حتى يضطروا لقبول أجندتهما!! وإقليمياً نجد من يتحكم في القرار اللبناني، في مقدمتهم السعودية وقطر، اللتان تتنافسان تحت التوجيه الأميركي. وفي المقابل نجد روسيا والصين وإيران، وسورية والعراق، لهم التأثير على سير الأحداث بكل تأكيد، في إطار محور المقاومة، وذلك عبر أهمّ الأطراف اللبنانية الفاعلة وهو حزب الله.

والغريب أن تجد وزير خارجيّة قطر يزور لبنان ويعلن رغبته في مساعدة الجيش اللبناني!! وعلى الجانب الآخر صفقة يريد أن يعقدها بشأن حزب الله!! وتجد السفيرين الفرنسي والأميركي، في زيارة خاطفة للسعودية، لاسترضائها للتراجع عن رفضها قبول الحريري رئيساً للحكومة!! في الوقت ذاته الذي يمنى الفشل الحريري في تشكيل الحكومة لأسباب عديدة، نجد أفراد الشعب يئنّون ويشتكون لاختفاء الخبز والبنزين والكهرباء، والأدوية، وتدنّي المرتبات التي لم تعد كافية للعيش!! ففيما يعمل السياسيون؟! فقد تمّ تعريف السياسة، بأنها السبل التي يتوافق عليها الجميع – رغم تنافسهم – على النهوض بالشعب وحلّ مشكلاته، والخلاف يكون في الوسيلة. فما بالكم بسياسيين عاجزين عن الرؤية والوسائل؟!

إنّ المجتمع السوري، من خلال نظامه السياسي قادر على قلب المعادلات في الإقليم ليستردّ الشعب حقوقه وفك الحصار، بينما المجتمع اللبناني في طريقه للانهيار الشامل، في حال عدم استدراك ذلك وبسرعة. إلا أنّ ما هو متفق عليه دوليّاً وإقليمياً، هو الإصرار على تدمير شامل من خلال حصار محكم، لكلّ من سورية ولبنان. ولذلك ندعو إلى كسر الحصار، وتفعيل إرادة الشعب في إقليم الشام، والاتجاه شرقاً فهو الملاذ للإقليم، والله الشاهد.