kayhan.ir

رمز الخبر: 134153
تأريخ النشر : 2021July09 - 20:05

"إسرائيل" تُعرقل إعادة إعمار غزة وفك الحصار عنها.. ما الذي تهدف إليه تل أبيب؟

 

الوقت- يستمر التعنت الإسرائيليّ في ربط قضيّة إعادة إعمار قطاع غزة بتسوية قضية أسرى الجنود الصهاينة الأربعة لدى حركة المقاومة الإسلاميّة “حماس”، والذي أسر 2 منهم خلال الحرب العدوانيّة على غزة صيف عام 2014 أما الآخران فدخلا غزة في ظروف غامضة، بعد أن تسببت الآلة العسكريّة للكيان الغاصب في أيار المنصرم، بسقوط أكثر من 275 شهيداً فلسطينيّاً، نصفهم تقريباً من الأطفال والنساء، وإصابة ما يقارب 9000 آخرين، ناهيك عن الخراب الذي خلّفه العدوان الغاشم، حيث جددت تل أبيب رفضها السماح بإعادة إعمار ما ألحقته من دمار في غزة، من دون استعادة جنودها وأسراها لدى حركة حماس، وهو ما رفضته الأخيرة.

لم يعد يخفى على أحد حجم العنصريّة الصهيونيّة التي تؤكّد لنا كعرب ومسلمين على وجه الخصوص وبشكل مستمر، أنّه لا سبيل للعيش دون إزالة هذا العدو الباغي، حيث إنّ المطالبات التي صدرت عن تل أبيب خلال اجتماع افتراضيّ للجنة الاتصال المعنية بتنسيق المساعدات الدولية المقدمة إلى الشعب الفلسطينيّ  (AHLC)، حول ضرورة إعادة 4 أسرى ومفقودين لدى حماس في غزة كشرط لإعمار القطاع المتضرر بشدة نتيجة عدوانها الأخير، تُعبر بوضوح عن مدى عنصريّة الكيان الذي قتل في عدة أيام فقط المئات من الفلسطينيين بدم بارد، بغض النظر عن الضحايا والدمار الهائل، ليتحدث عن أربعة أسرى موجودين في القطاع، في الوقت الذي تعتقل فيه قواته نحو 5000 فلسطينيّ في سجونها، بينهم مئات المرضى وعشرات النساء.

وجاء الطلب الصهيونيّ خلال الاجتماع الذي انطلق بطلب من النرويج التي تترأس اللجنة، وبمشاركة وزير المالية الفلسطينيّ، شكري بشارة، ونائب المدير العام لمنطقة "الشرق الأوسط" وعملية السلام بخارجية العدو، حاييم ريغيف، وضم مسؤولين أمريكيين وممثلين للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبيّ، بعد أن كشف المجرمون الصهاينة كيانه للقاصي والدّاني حجم جبروتهم واستبدادهم غير المسبوق، وخاصة أنّ ملف "إسرائيل" لا يحق لها التحدث أبداً في قضية الأسرى، في ظل المعاناة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون داخل سجون الكيان، بدءاً من ظروف الاعتقال الإداريّ الذي يمثل "سيفاً مسلطاً" على رقاب الأسرى دون أيّ تهمة ضدهم -وفق القيادات الفلسطينيّة- ، وليس انتهاء عند مسألة انعدام البيئة الصحيّة داخل الزنازين المكتظة بالأسرى، والانتهاكات الجسيمة بحقهم منذ بداية انتشار فيروس كورونا المستجد، حيث تعمدت ما تسمى "إدارة مصلحة السجون" نشر الفيروس بينهم عن طريق الإهمال الممنهج وسحب كل أدوات التعقيم والتنظيف داخل الزنازين.

وفي ظل التصريحات التي كررها ريغيف حول أنّ إعادة إعمار قطاع غزة مرتبط بإطلاق حماس 4 أسرى ومفقودين إسرائيليين محتجزين لديها، لا يعدو عن كونه جريمة أخرى تضاف إلى السجل القذر للعدو الذي لم يتعلم بعد، أنّ لغة التهديد والوعيد لا تنفع مع المقاومة والفلسطينيين بالتزامن مع المساعي الصهيونيّة لتدمير حياتهم وعزلهم، عن أراضي بلادهم المحتلة، إضافة إلى المتغيرات العسكريّة الجديدة، التي لقّنت تل أبيب درساً لن تنساه في الفترة الماضية.

والمثير للسخرية أنّ المسؤول الإسرائيليّ طالب المجتمع الدوليّ بالضغط على حماس للإفراج عن الإسرائيليين الأربعة، متناسيّاً التعامي الدوليّ عن هجوم الكيان الصهيونيّ على الأراضي الفلسطينيّة المحتلة الذي استمر لـ 11 يوماً، تطبيقاً لمنهج "الإبادة الجماعيّة" بحق الشعب الفلسطينيّ، وقد سبق ذلك تعدٍ سافر على ممتلكات المدنيين الشخصية ومحاولة تهجيرهم قسريّاً من ديارهم التي قطنوا فيها لعقود طويلة في العاصمة الفلسطينيّة القدس.

وفي الوقت الذي ترفض فيه حماس الشرط الإسرائيليّ لإعادة الإعمار، تطالب المقاومة بإبرام صفقة تبادل للأسرى بين الجانبين، وتطالب فصائل المقاومة برفع الحصار بشكل كامل عن غزة، والسماح بعملية إعادة الإعمار، وهذا أقل من حق المدنيين الأبرياء المحاصرين منذ سنوات طويلة، وخاصة أنّ السياسة الإسرائيليّة تدور حول شرط واحد "إما الرضوخ لمطالبنا أو عيشوا تحت أنقاض الأبنيّة التي دمرناها".

وحول هذا الموضوع، فإنّ حركة المقاومة حماس مُصرة على موقفها الواضح من مفاوضات تبادل الأسرى، وقد أشارت إلى أن الاحتلال يعلم هذا الموقف وأن الوسطاء الأمميين والقطريين والمصريين يدركون ذلك، معتبرة أنّه لا يمكن ربط إعمار ما دمره العدو في معركة “سيف القدس” بأيّ قضية أخرى، ومؤخراً شدّد الناطق باسم الحركة، عبد اللطيف القانوع، على أن ما يتعلق بقضية الأسرى وما لدى المقاومة من أسرى إسرائيليين، هو حق إنسانيّ وقضية سياسيّة وإنسانيّة لا يقابلها إلا الإفراج عن الأسرى في سجون الاحتلال.

وبالاستناد إلى أنّ العدو الصهيونيّ يعتقل آلاف الفلسطينيين في سجونه، بينهم مئات المرضى وعشرات النساء، قال القانوع: “نحن لا مانع لدينا أن نسير في خطين متوازيين، خط تثبيت التهدئة مع الكيان الصهيونيّ وانتزاع مطالب شعبنا وإعمار ما دمره الاحتلال، والخط الآخر ما يتعلق بالصفقة والإفراج عن الأسرى، أما أن يلتقي المساران في هدف واحد فلا يمكن، ولا يمكن أن نسمح للاحتلال بربط القضايا ببعضها”.

في المُحصلة، إن موضوع إعادة إعمار ما دمره الصهاينة في غزة ليس له علاقة لا من قريب ولا من بعيد بملف الأسرى والرهائن، كما أنّ إعادة الإعمار لا يمكن أن تحل مشكلة هؤلاء الأسرى الأربعة، لكن الهدف الإسرائيليّ هو تعقيد ملف المفاوضات الأخيرة وتحميل حماس مسؤوليّة ذلك، فيما يمكن لمصر أن تلعب دوراً أكبر في تغيير وجهات نظر الصهاينة، لأنّ حماس التي تواجه الإسرائيليين بكل ما أوتيت من قوة يمكنها أيضاً أن تفرض إرادتها على هذا الملف.