kayhan.ir

رمز الخبر: 131808
تأريخ النشر : 2021May28 - 20:28

"القدس مقابل حرب اقليمية ".. التحدي الأكبر

شارل أبي نادر

صحيح أن ما استند إليه الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في طرحه الأخير للمعادلة الصاعقة بمواجهة العدو: "القدس مقابل حرب اقليمية"، يحمل الكثير من النقاط المؤكدة والثابتة، والتي يعرفها العدو جيدًا، لناحية القدرات والإمكانيات التي يمتلكها طرف أو أكثر من أطراف محور المقاومة، وبالتحديد حزب الله، أو لناحية الجرأة والإقدام والالتزام بقرار المواجهة عند الحاجة، ولكن الأهم بالموضوع، والذي سوف يثبت ويؤكد أكثر وأكثر بالنسبة للعدو - أولًا قبل غيره - صحة وجدية وحقيقة هذه المعادلة، أن السيد حدّدها ونطق بها بشكل واضح وجليّ وعلني.

بداية، السؤال الذي يطرح نفسه وبطريقة موضوعية، هل لدى محور المقاومة القدرة على فرض هذه المعادلة؟ وماذا لو حاولت "اسرائيل" تجاوزها، وبالتحديد في موضوع القدس وما تخطط له لناحية اغتصاب المقدسات وطمس الحقوق التاريخية للمدينة أو لأبنائها، بما تمثله بالنسبة للمسيحيين أو للإسلام؟

الجواب الموضوعي أيضًا هو: طبعًا لدى محور المقاومة القدرة على فرض هذه المعادلة، وما حدث مؤخرًا في غزة في عملية "سيف القدس"، هو نموذج مصغر ومختصر عما يمكن أن يحدث، فيما لو تطورت المواجهة وامتدت أكثر وأكثر ضد العدو الاسرائيلي.

النقطة الأساسية أو نقطة الارتكاز الرئيسة لتطبيق هذه المعادلة أو لفرضها، هي مناورة الردع الصاروخي أو الاستهداف الصاروخي للعمق الإسرائيلي، وأن تكون غزة المحاصرة، استطاعت إثبات معادلاتها الحساسة في أصعب الظروف من الضغوط والتدمير والنار، فمن المؤكد أن محور المقاومة بأطرافه جميعًا، أو من خلال طرف أو أكثر من داخل فلسطين المحتلة وبالتحديد من غزة، أو من خارج فلسطين وبالتحديد من وراء حدودها الشمالية، لديه إمكانية كبيرة وكبيرة جدًا لفرضها.

بالمبدأ، ليس بالضرورة أن تشترك كل أطراف محور المقاومة في المواجهة، وبالتحديد في عملية الاستهداف الصاروخي ضد العدو، ضد عمقه ومنشآته ومواقعه المختلفة ("مدنية" أو عسكرية)، حيث قد تفرض الضرورة أو المناورة، أن تُنفذ هذه المعادلة من قبل طرف واحد (حزب الله أو المقاومة في غزة مثلًا)، وتكون الأطراف الأخرى الداعمة له في موقع الاحتياط أو الجهوزية لتنفيذ خطة بديلة طارئة، أو للقيام بعمل ميداني أو عسكري آخر - يعرفه العدو طبعًا - وهذا سيكون ضروريًا لدفع الأخير لتسخير وحجز جهود ضخمة، تكون مناسبة لمواجهة هذا العمل الميداني أو العسكري المرتقب، وهذه الجهود التي سيضعها العدو والتي ستكون مقيدة أو مستنفرة، ستكون خارج المواجهة الرئيسية، الأمر الذي سيقوي موقع الطرف المشتبك مباشرة مع العدو.

في مطلق الأحوال، باشتراك طرف أو أكثر أو كل محور المقاومة، ستكون مناورة كل أطراف المحور مركزة ومنسقة بشكل كامل وواسع، بشكل سيجد العدو نفسه في مواجهة كل المحور - وهذا ما حصل خلال عملية "سيف القدس"، حيث بقي العدو على جهوزية كاملة على جبهته الشمالية - وفي هذه الحالة أيضًا، عدا عن الاستهداف الصاروخي المركز على عمق العدو، ستشكل إحدى أكثر نقاط الضعف التي ستضغط على العدو خلال مرحلة تنفيذ معادلة "القدس مقابل حرب اقليمية"، وهذه المرحلة ستكون الأخيرة ما قبل المواجهة الواسعة أو "الحرب الاقليمية"، والتي ستجد  "اسرائيل" نفسها بمواجهتها بشكل واسع وعنيف، فيما لو قررت تجاوز الحقوق التاريخية الثابتة للمسيحيين والمسلمين في القدس.

ما يمكن أن تحققه هذه المعادلة كثير، أولًا، حفظ وتثبيت الحقوق العربية (المسيحية والاسلامية) في القدس، وذلك استنادًا للقدرات المعروفة من قبل العدو، والتي يملكها محور المقاومة، ولمسها جزء متواضع منها لمس اليد في غزة مؤخرا، خلال مواجهة تاريخية، فاجأته مثلما فاجأت الكثير اقليميا ودوليا، وصحيح أن العدو كان بعيدًا إلى حد ما أو غير ملمٍ بالكامل من الناحية الاستعلامية، لكامل مسار التطوير والتحضير الذي برهنته المقاومة الفلسطينية في عملية "سيف القدس"، ولكن من الطبيعي أنه بعد هذه المواجهة، وعلى الأقل في المستقبل القريب، سوف يضع في حسبانه امكانية أن يكون لدى المقاومة قدرات لم تُظهرها، (هذا اذا فكر وحلل جيدًا)، وسيدفعه هذا الأمر أكثر من السابق للابتعاد عن المواجهة الغامضة وغير مضمونة النتائج، الأمر الذي سيثبت أكثر وأكثر معادلة "القدس مقابل حرب اقليمية".

ما يمكن أن تحققه أيضًا هذه المعادلة، أنها قد تفتح أكثر من أفق سياسي، يدفع العدو للتنازل عن مكتسبات اغتصبها سابقًا، أو عن مشاريع اعتداءات وتوسُّع يخطط لها حاليًا.

وتبقى ضمانة هذه المعادلة الحساسة، وخاصة بالنسبة لنظرة العدو لناحية طرحها من قبل سماحة الامين العام، ومستوى التحدي الذي واجهها به  فيها، أن لـ"اسرائيل" حسابات دقيقة مع حزب الله، خَبِرَتها في حروب ومواجهات واعتداءات سابقة نفذتها ضد لبنان، وهي تملك تجربة غنية عن مستوى وطريقة وأسلوب وشكل المواجهات مع حزب الله، اضافة إلى نقطة أخرى أساسية، وهي أن العدو - حتى الآن - يلتزم الى حد كبير  بقواعد اشتباك معروفة، تربط أطر المواجهة مع لبنان، ضمن حدود واضحة جيدًا من قبل الطرفين.