امريكا في مواجهة سيل الهجمات العراقية الجديدة.. الأسباب والتداعيات
الوقت- بعد أيام قليلة من هجوم طائرات مقاتلة أمريكية على مواقع المعارضة للاحتلال الامريكي على الحدود العراقية السورية، أفادت مصادر إخبارية بأن هجوما صاروخيا جديدا قد استهدف قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار، مقر قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن. لقد فعلت واشنطن. وأفادت بعض وسائل الإعلام عن سقوط 10 صواريخ وبعضها الاخر قال 14 صاروخ كاتيوشا من عيار 107 ملم. كما ذكرت التقارير أن الهجوم أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين ومقاول.
وتأتي الموجة الجديدة من هذه الهجمات من قبل المجموعات المناهضة لامريكا ومعارضي احتلال واشنطن للعراق في الوقت الذي قام فيه البيت الأبيض مؤخرا بتقييم الهجوم الامريكي الذي استهدف منطقة البوكمال بهدف حماية أرواح قواته وردع الهجمات على قواته وقواعده العسكرية. وخلافا لهذا الادعاء، وبعد وقت قصير فقط، تعرضت القاعدة العسكرية الأمريكية للهجوم مرة أخرى من قبل قوات المعارضة، الأمر الذي يتطلب تحليل وقراءة رسائل هذا الهجوم.
الرسائل الصريحة للهجوم الصاروخي على عين الأسد
عند تحليل وتقييم الهجوم الجديد على قاعدة عين الأسد باعتبارها أهم قاعدة عسكرية للمحتلين الأمريكيين في العراق، يمكن طرح وتقديم أربع نقاط مهمة.
أولاً: كان هجوم ورد فعل الجماعات المناهضة لأمريكا على عدوان الأسبوع الماضي متوقعا تماما، وربما توقع القليل من المراقبين السياسيين ممن لديهم على الأقل بعض المعرفة بالمناخ السياسي والحكمي في العراق السلبية والصمت تجاه الهجوم. كما أظهر الهجوم أن المزاعم التي أدلى بها مسؤولون عسكريون وسياسيون أمريكيون بأنهم هاجموا مواقع معادية لامريكا بهدف حماية أرواح جنودهم باطلة. وهذا يعني أن أي هجوم على مواقع معادية لامريكا تحت أي ظرف من الظروف لن ينقذ حياة القوات الأمريكية في العراق فحسب، بل قد يشكل أيضا تهديدا أكبر لأمن القوات الأمريكية في جميع أنحاء المنطقة.
على المستوى الثاني، يظهر هذا الهجوم أن المطالب الشعبية وإرادة غالبية التيارات السياسية العراقية تتمحور حول طرد امريكا وجميع القوات الأجنبية من العراق. وعلى مدى العامين الماضيين، كرر المواطنون العراقيون والتيارات السياسية مرارا وتكرارا تصميمهم الراسخ للدول الاخرى على الحفاظ على استقلال واحترام سيادة العراق الوطنية، ويبدو أن هذا الاتجاه الآن نهائي وحقيقة لا يمكن إنكارها وسيتم تنفيذها عاجلاً أم آجلاً. بالطبع ، وأدرك الأمريكيون خلال العامين الماضيين أنه لم يعد لهم مكان في العراق، لكنهم يحاولون استخدام كل الوسائل الممكنة، وخاصة من خلال اللجوء إلى خلق حالة من انعدام الأمن وتعزيز تنظيم داعش الإرهابي، كذريعة للبقاء. أو كحد أدنى، لشراء الوقت واطالة امد بقائهم اكثر.
وعلى المستوى الثالث، أظهر الهجوم الصاروخي على قاعدة عين الأسد أن تنفيذ قرار مجلس النواب العراقي بضرورة طرد القوات الأجنبية من البلاد أمر مؤكد ولا يمكن لتغيير الأفراد والسياسيين إضعاف تنفيذ هذه العملية. حيث لم يتم بعد تنفيذ قرار مجلس النواب العراقي الذي تمت الموافقة عليه في 5 كانون الثاني (يناير) 2020 بشكل كامل، على الرغم من إرادة الشعب والتيارات السياسية، ومع ذلك، هذا لا يعني أن تغيير الحكومة يمكن أن يبطل أو يوقف هذه العملية القانونية وتنفيذ هذا المرسوم. وحقيقة الأمر أن عملية سحب القوات الأمريكية هي إجراء معين يجب قبوله من قبل جميع أعضاء الحكومة والسلطة التنفيذية في العراق.
النقطة الرابعة أن هذا الهجوم الصاروخي أظهر أن أي هجوم غير شرعي من قبل الأمريكيين على مواقع القوات المعادية لأمريكا لن يقابل برد فعل فحسب، بل يمكن الرد عليه على نطاق أوسع يتجاوز ما يتخيله الأمريكيون. وبإصرار واشنطن على استمرار وجودها الشرعي في العراق، سيستمر هذا الاتجاه بالتأكيد في المستقبل ولن يكون هناك سلام أو تسوية مع امريكا.
باختصار، أي استخدام أمريكي للعنف سيقابل برد أكثر عنفا. حتى الفضاء الجديد أي بعد العدوان الأمريكي والهجوم غير المشروع على منطقة البوكمال، يمكن اعتباره أكثر صعوبة بالنسبة للجيش الأمريكي. لأن بعض الجماعات العراقية مثل عصائب أهل الحق، التي سبق لها أن توصلت إلى اتفاق مع الحكومة المركزية بعدم مهاجمة المواقع العسكرية الأمريكية، ألغت الاتفاقية الآن ولم تعد تعترف بأي قيود على مواجهة المحتلين الأمريكيين.