إقتبس جذوة نار فالتهمته النيران!
حسين شريعتمداري
1 ـ كم هي مشهورة ومعتبرة المصارف الغربية في حجم تعاملاتها و زحمة زبائنها، فهي كذلك تختص في عمليات غسيل الاموال.
فهنالك كدس من الوثائق والادلة الدامغة على تورط البنوك الغربية المعروفة بصفقات مشبوهة. فجميع الاسناد مستلة من مراكز ومواقع رسمية اما اميركية او اوروبية، فعلى سبيل المثال لا الحصر:
تقول تقارير القنوات الدولية للعدالة المالية (Tax Justice Net Work) بان الحكومة السويسرية قد صنفت عالميا في المرتبة الاولى حسب مقياس التهرب الضريبي FSI لعام 2018، والمرتبة الثالثة لعام 2020 والى اكبر ملف لغسيل الاموال في تاريخ اوروبا، وهو ما حصل سبتمبر عام 2018 في الدنمارك، بواقع 234 مليار دولار، في فرع "دانسكه" الدنماركي المصرفي.
وفي مصارف استونيا، وقعت عمليات غسيل للاموال في الاعوام 2008 ـ 2017، لاكثر من ترليون يورو. فيما اعلنت نشرة "ويك" في العاشر من اكتوبر عام 2018، ان 18 مصرفا في الاقل من بين عشرين مصرفا اوروبيا كبيرا (منها خمس مؤسسات مالية في بريطانيا) قد عمدت الى عمليات غسيل اموال العقد السابق.
واطلقت "وول ستريت جورنال" في الثامن من اغسطس 2018 لقب "محور غسيل الاموال" في اميركا الشمالية، على كندا، فقالت: ان ثلثي مصارف كندا لا تعير اهمية لقوانين مكافحة غسيل الاموال. اذ حسب احدث المعلومات فانه يدخل الى الشبكة المصرفية في كندا، 5 ـ 15 مليار دولار كندي من الاموال المبيضة عن طريق البنوك الكندية.
وحسب القنوات الدولية للعدالة المالية فان اميركا حجزت المرتبة الثانية بعد جزائر "كمين"، في مقياس التهرب الضريبي لعام 2020.
فقد كتبت "فايننشال تايمز": "ان اميركا تمثل اكبر مستودع لتبييض الاموال في العالم. وان وزارة الخزانة الاميركية قدرت سنويا حصول عمليات غسيل اموال بـ 300 مليار دولار، مشددة ان هذا الرقم متواضع امام الارقام الحقيقية، وعشرات النماذج الاخرى.
2 ـ وبالرغم من التقارير الموثقة وتاكيد الجهات الرسمية بحصول عمليات غسيل اموال كبيرة في اميركا وكندا والكثير من الدول الاوروبية، الا ان "مجموعة العمل المالي الدولية FATF، ليس لم تضع اي من هذه البلدان على القائمة السوداء وحسب بل حتى لم تشر الى درجها ضمن الدول التي تخضع لمجازفة التبادل التجاري، اضافة لذلك فان بعض هذه الدول، مثل؛ اميركا، وسويسرا، والدنمارك، وبريطانيا، هي اعضاء اساس في معاهدة FATF كما ان 17 دولة اوروبية اخرى هي اعضاء في لجنة الاتحاد الاوروبي!!
3 ـ ويستبعد ان تكون الحكومة المحترمة جاهلة بهذه المعلومات والوثائق الرسمية المعلنة! من هنا فان اصرار الحكومة على المصادقة على معاهدة تمويل الارهاب وتبييض الاموال CFT، و"بالرمو" أمر مستغرب ومثير للتساؤل، (يذكر ان الحكومة سبق وان وافقت على 39 مادة من مواد FATF الـ 41، وبقيت المادتان؛ CFT، وبالرمو).
ان بعض رجال الدولة قد اعلنوا عن تجاهل FATF لعملية تبييض الاموال الضخمة من قبل اميركا واوروبا، وهم قبال هذا السؤال؛ فلماذا تصرون على المصادقة على هذه المعاهدة؟! يجيبون بشكل يستحق اصطلاح "العذر اقبح من الذنب" عليه! فالسادة يقولون، كما ان اميركا وسائر الدول الاوروبية قد تجاهلت المواصفات الدولية لمعاهدة FATF، فبامكاننا ان نتخذ اجراء مشابها! وهنا لابد من القول؛
اولا: رغم ان اميركا وكندا والدول الاوروبية قد تجاهلت وبشكل علني المواصفات الدولية لمعاهدة FATF، واضافة الى عمليات غسيل الاموال الواسعة، قد دعموا علنا المجاميع الارهابية ومازالوا يدعمون. ولكن لما كانت ادارة هذه المؤسسة بيدهم، فلم تدرج اسماء بلدانهم ضمن القائمة السوداء لـ FATF في الوقت الذي زجوا باسم ايران في القائمة السوداء بذريعة الاحتراز من قيامها بعمليات غسيل الاموال وتمويل الارهاب! فالتفتوا انه من زاوية نظرهم يعتبر حرس الثورة الاسلامية وفيلق قدس ومؤسسة الاذاعة والتلفزيون و... مجاميع ارهابية! و... فالحكومة المحترمة كيف ستحل هذا التناقض واي توضيح تعده لذلك؟ !
ثانيا: لطالما عبرت الحكومة ولمرات عن مدى تخصصها وخبرتها لاسيما خلال المفاوضات التي ادت الى كارثة خطة العمل المشتركة، حتى كان ادعاؤها الاخير اشبه بحكاية الغلام الذي اراد ان يقتبس جذوة من نار فالتهمته النيران!