kayhan.ir

رمز الخبر: 127078
تأريخ النشر : 2021February16 - 19:47

صعود القوة الإيرانية ومستقبل المنطقة


غالب قنديل

تواصل إيران نهوضها الاقتصادي السياسي، محصّنة بقدرة دفاعية عالية، وقوة ردع راكمتها خلال العقود الماضية، فجعلت منها قوة إقليمية مهابة وفاعلة، تردع الغطرسة الاستعمارية، وتكبح التنمّر الأميركي والصهيوني.

أولا: إن من يتابع مسار المواقف السياسية الغربية والأميركية تجاه إيران، منذ الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، يلاحظ أن لهجة جديدة في التعامل مع السياسة الإيرانية والدور الإيراني تصدر عن واشنطن. وهي في الواقع نتيجة منطقية لفشل السياسات السابقة، التي غلبت عليها لغة الغطرسة والتهديد العدائية تجاه الجمهورية الإسلامية ودورها في المنطقة والعالم. وليس الأمر مرتبطا، فحسب، بهوية الإدارة الجديدة في واشنطن، التي خلفت دونالد ترامب وفريقه. بل هي تعبير أصيل عن التوازن الموضوعي والمعادلات المتحوّلة، التي تفرض تبدّلا في الخطاب واللهجة الأميركيين.

الفترة المقبلة مفتوحة على احتمال انفتاح غربي جديد على إيران، وتفكيكٍ لمنظومة الحصار والعقوبات، بعدما بات الغرب في يقين أن تخطّي العتبة النووية بات وشيكا في طهران، وبعدما أثبتت الجمهورية الإسلامية قدرة عالية على الصمود الاقتصادي والسياسي في وجه منظومة مُحكمة من تدابير الحصار والعقوبات الاقتصادية والمالية، التي سُمّيت بالضارية.

ثانيا: الصمود الإيراني في وجه الحصار والضغوط، هو الصانع الرئيسي لمعادلة جديدة. فقد أُكرِه المستعمر الأميركي على توسّل طرق الحوار مع القيادة الإيرانية، التي فشل في إخضاعها. وهو يلجأ كعادته الى مفاوضين غير مباشرين ووسطاء في المراحل التمهيدية. وبالتالي سوف نشهد في المرحلة المقبلة مؤشرات وملامح تفكّك منظومة الحصار السياسي والاقتصادي، وبدايات تحرّش تفاوضي مع القيادة الإيرانية.

هذا ما درج عليه دائما الغرب الاستعماري، بعد فشله في ليّ ذراع الدول الحرّة وحركات التحرّر في العالم الثالث. وأمام صلابة إرادة الاستقلال الإيرانية لم يعد من خيار أمام الولايات المتحدة والغرب مجتمعا، إلا الرضوخ واستجداء التفاوض والاتصال بالقيادة الإيرانية. وقد شكّلت بعض تعيينات الإدارة الأميركية مؤشّرا على نيّةٍ مضمرة في خلفية القرار، لفتح قنوات الاتصال مع طهران، بتعزيز أدوار وأسماء عملت على خط طهران في السنوات السابقة، بصورة مباشرة أو غير مباشرة.

ثالثا: الأهم والأبرز في هذه الحصيلة، هو أن الثبات الإيراني والصمود والتصميم على تعزيز القدرات الاقتصادية والاستراتيجية، قد فرض معادلة قاهرة على أشدّ الغزوات الاستعمارية ضراوة في هذا العصر، وعلى إدارة أميركية اتّسمت بالحماقة والتطرّف والعدائية. وذلك ما يشهد لصلابة الموقف الإيراني، ولفاعلية القدرات الاقتصادية والعسكرية الإيرانية ومعادلات الصمود، التي بنتها الجمهورية الإسلامية وراكتها، وشبكة التحالفات والشراكات الإقليمية الوثيقة، التي عزّزت مكانة إيران وقدراتها ومعادلات القوة، التي تستند اليها.

ليّ الذراع الأميركي على يد الجمهورية الإسلامية لن يكون حدثا عابرا. وهو سينعكس على توازنات المنطقة برمتها، وينشيء مناخا جديدا بتقهقر الغطرسة الاستعمارية الأميركية وثبات القلعة الإيرانية الحرّة. وهذا ما سيشكل رافد قوة لجميع قوى التحرّر، ولمحور المقاومة في المنطقة بشكل خاص. وسيكون الحصاد معادلات جديدة لمصلحة المنطقة ونضالها التحرّري.