انفراجة اليمن تترجمها الانتصارات
مجمل التطورات الاخيرة التي شهدتها اليمن ميدانيا وسياسيا قلبت بالتاييد موازين لصالح الجيش اليمني ولجانه الشعبية حيث باتت عمليا هي من تمسك بزمام الامور سواء على الحدود مع السعودية أو في الداخل اليمني كمحاصرتها لمحافظة مأرب الساقطة عسكريا وكذلك تحرير معسكر كوفل الذي زاره محافظ مأرب ليحسم الجدل القائم حولها في وسائل الاعلام التابعة لقوات التحالف العدواني التي تشوه الحقائق. فاستراتيجية اللجان والجيش اليمني قائمة على تحرير الانسان في مأرب قبل الارض حفاظا على أرواح المواطنين الذين يتعرضون للقمع والارهاب من قبل قوات التحالف العدوانية.
اما هجمات المسيرات اليمنية داخل العمق السعودي خاصة في الايام الاخيرة كقاعدة الملك خالد والمشيط وأبها التي قصفت لوحدها اربع مرات خلال اسبوع، هزت أركان النظام السعودي الذي دب فيه الهلع والخلاف لمعالجة الاوضاع المزرية في السعودية ووقف الحرب قبل الأنهيار وهذا ما تريده السعودية حتى قبل اعلان بايدن لكن المشكلة ان النظام يريد الخروج منها بحفظ الماء الوجه وهذا ما لم يتوفر له في الظروف الحالية.
وأهم من كل ذلك الصدمة الاميركية ـ السعودية جراء فشلهما عن تحقيق أي انجاز على الارض بعد ست سنوات من العدوان الغاشم والشرس والحصار الظالم الذي سبب كارثة انسانية للشعب اليمني المظلوم طيلة هذه الفترة واليوم يواجه 400 طفل يمني دون الخامسة من عمره كارثة المجاعة والموت وهذا ما أعلنته منظمة الامم المتحدة.
فالقصف السعودي وتداعيات الحصار الظالم على الشعب اليمني والاكثر من ذلك المجازر التي ارتكبتها قوات التحالف ضد ابناء اليمن خاصة اطفاله ونسائه فرضت نفسها على العالم خاصة الدول الغربية واميركا المشاركة الحقيقية في هذه الجرائم مرة عبر الدعم وتقديم السلاح والمعلومات ومرة عبر المشاركة الفعالة لوجستيا وبشريا وهذا ما ثبت في معارك الحديدية.
مجمل التطورات الميدانية والسياسية تؤكد كيف أنتصر اليمن في الميدان خاصة وأن الادارة الاميركية الجديدة أجبرت ونتيجة لرجحان موازين القوى لصالح اليمن أن ترفع صنعاء من قائمة الارهاب وهذا بحد ذاته نكسة سياسية وهزيمة فاضحة للنظام السعودي الذي يعتمد بشكل أساسي على الدعم الاميركي في مختلف الميادين وما زاد في الطين بلة ان البيت الابيض اعلن انه لا خطة لبايدن في الاتصال ببن سلمان. لكن ما هو مؤكد ان الانفراجة المتوقعة في الازمة اليمنية سببها الانتصارات الساحقة التي حققها الجيش اليمني ولجانه الشعبية.
لكن ما كان لافتا هو اعلان بايدن اولوياته بوقف الدعم العسكري وانهاء الحرب على اليمن دون أية خطوة عملية فهذا التصريح الفضفاض لا يقدم ولا يؤخر لأن ما تفوه به بايدن متناقض، فمن جهة يؤكد على حق السعودية المستمرة في عدوانها على اليمن منذ ست سنوات دون أي مسوغ، يحق لها الدفاع عن النفس! ومن جهة اخرى يركز على ان انصار الله يستخدمون الصواريخ الايرانية وبذلك يشير الى السياسة الاميركية الجديدة في السعي الى فصل اليمن عن محور المقاومة وهذا يدلل على ان السياسة التي يمارسها بايدن تجاه القضية اليمنية منحازة للغاية وتثير الشبهة والريبة. لذلك كان من حق صنعاء أن تتحفظ على هذه التصريحات ولا ترحب بها لأنها لم تقارن بالأفعال ولابد من التاكيد من صدقيتها عبر وقف الاعتداءات الجوية المستمرة للتحالف على المدنيين الابرياء في المحافظات اليمنية ولذلك ان كانت حقاً حريصة على انهاء الحرب فعليها ان تقدم على رفع الحصار الظالم الذي يستهدف الشعب اليمني مباشرة خاصة وان هذا البلد على اعتاب كارثة انسانية بسبب قرصنة قوات التحالف واحتجازها لناقلات النفط المتجهة للسواحل اليمنية ومنذ 45 يوما لم تدخل حتى قطرة واحدة من الوقود الى ميناء الحديدية حيث يترك هذا الامر تداعيات كارثية على المرضى والمستشفيات.
والامر الآخر والفاضح ان اعلان بايدن ودعوته الى إنهاء الحرب هو اعتراف صريح بأن الحرب على اليمن اميركية قبل ان تكون سعودية ـ اماراتية وما أدل على ذلك ان اعلان الحرب أنطلق من واشنطن واليوم يعلن انتهاءها من واشنطن والحالتين تمت في عهد الديمقراطيين والعاقل يفهم...