إنسانة عظيمة بعطائها
فاطمة الزهراء (عليها السلام) ريحانة النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) قاعدة أهل بيت الرسالة وأُمّ الأئمّة (عليهم السلام)، وامتداد النبوّة.
الزهراء (عليها السلام) التي قلّدها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الأوسمة حينما قال: «يا بُنية أما ترضين أن تكوني سيِّدة نساء العالمينَ»، وفي موضع آخر: «فاطمةُ بضعةٌ مني يُريبني ما رابها»، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «أتاني ملكفسلّمَ عليَّ فبشرني أنّ الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنّةِ، وأنّ فاطمة سيِّدة نساء أهل الجنّةِ».فاطمة الزهراء (عليها السلام) أعظم امرأة في شرفها ودينها ومكانتها عند بارئها فهذا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الناطق بلسان الوحي يخاطبها:«يا فاطمة إنّ الله تعالى يغضبُ لغضبك ويرضى لرِضاك»، ويخاطب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) المسلمين معرِّفاً بفاطمة ومُخبراً عنها: «إنّ أفضلَ نساء أهل الجنّةِ، خديجةُ بنت خويلد وفاطمةُ بنت محمّد ومريمُ بنت عمران وآسيا بنت مزاحم ـ امرأة فرعون».
هذه فاطمة الزهراء (عليها السلام) الوليدة في ظلال أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبين أحضان خديجة بنت خويلد (عليها السلام) وُلِدت وهي تحمل روح الأب والأُمّ العظيمين (عليهما السلام) من صفات ومكارم الأخلاق وإيمان حقيقي. فاطمة الممتحنة عايشت المحنة الأشد مع أبيها بعد فقد أُمّها، فاطمة عايشت ما جرى على أبيها وصبّ قريش حقدها وآذاها على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكلّ ما تملك من وسائل الأذى والاستهزاء والسخرية ومحاولة الانتقاص من مكانته وشخصيته محتسباً. ويعظم عليها تجرؤ السفهاء والمغرورين من طغاة الجاهلية ومتكبريها على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فتبكي وتتألم لجرأة هؤلاء الجاهلين والطغاة على رجل يريد أن يخرجهم من الظلمات إلى النور ويهديهم سبيل الهدى والرشاد فيخفّف عنها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ويضع يديه الكريمتين على رأسها ويمسحه بكلِّ رقة وحنان ويقول:«لا تبكي يا بُنية فإنّ الله مانع أباك وناصره على أعداءِ دينِهِ ورسالتِهِ»، وهكذا يزرع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في نفس الزهراء (عليها السلام) الروح الجهادية العالية ويملأ نفسها وقلبها الصبر والثقة بالنصر.
الزهراء (عليها السلام) القدوة التي تعطي الصُّور المشرّفة لجهاد المرأة المسلمة التي تحتذي بالصبر وتشارك في صبرها واحتمالها ومشاعرها وإمكانياتها لتشدّ أزر الإسلام، وتكافح جنباً إلى جنب مع أبيها وزوجها وأبنائها في ساحة واحدة وخندق واحد لتدوّن في صحائف التاريخ درساً عملياً تتلقاه أجيال النِّساء والفتيات في هذه الأُمّة المسلمة. وهكذا نتعلَّم من حياة الزهراء (عليها السلام) وسيرتها الثبات في المواقف والصبر في الشدائد والوقوف مع الحقِّ بكلِّ قوّة والاحتجاج بكلِّ الوسائل. ويجب نتعلَّم من الزهراء (عليها السلام) كيف أن نعيش الرسالة بكلِّ أبعادها ونواجه الحياة وننتصر على المحنِ بصبر وعزيمة، وعلى الله فليتوكل المؤمنون.