الديمقراطية الاميركية الى الحضيض باستحقاق
امير حسين
غدا واشنطن على صفيح من نار اذا ما انفلتت الامور من عقالها واستطاع انصار ترامب كسر الحواجز المحصنة والدخول ثانية الى الكابيتول كما جرى في السادس من يناير الحالي لكن ما اقدم عليه الحرس الوطني هذه الايام بزج الآلاف من عناصره في العاصمة والتي حولتها الى ثكنة عسكرية يصعب جدا من اختراقها خاصة وان عدد القوات التي استقرت في شوارع العاصمة تفوق عدد القوات الاميركية في ثلاث دول كالعراق وسورية وافغانستان وهي في حالة من اهبة الاستعداد القصوى.
البلد الذي كان يوما وحتى الى سنين متاخرة يعتبر مهدا للديمقراطية والحرية اصبح اليوم اضحوكة وسخرية لنموذجه الديمقراطي المزيف بحيث باتت الصحافة الاميركية تقارن عاصمتها بالفلوجة والموصل والمدن الافغانية وبمعنى آخر تريد فرض ديمقراطية جديدة تحت وطأة الحراب والبندقية لاسكات اي صوت شعبي ينادي بالعدالة وهذا نموذج جديد من الديمقراطية الذي اراد ترامب فرضه بالقوة. فما اراده الرئيس ترامب في الواقع هو تطبيق الديمقراطية بقوة السلاح وليس بصوت المواطن وانتخابه وهذه هي نهاية الليبرالية الغربية التي باتت تقترب من نهايتها الحتمية. وفي آخر استطلاع لاحدى مراكز الدراسات الاميركية ان 80% يعتقدون بأن اميركا تسير باتجاه الأفول.
وما اقدمت عليها الامبريالية الاميركية طيلة عقود طويلة بفرض الديمقراطية المزيفة على دول العالم بالقوة خدمة لمصالحها هي اليوم قد ابتليت بذلك من خلال رئيسها المعتوه ترامب الذي قرر ان ينتهج هذا الاسلوب في بلاده ليؤكد للعالم أن الديمقراطية الاميركية هي ديمقراطية القوة وليست ديمقراطية الانتخابات. وهذه الحقيقة اصبحت مكشوفة للجميع.
نحن على موعد مع صبيحة غد الاربعاء حيث سيترك الرئيس المهزوم والمنتهية ولايته ترامب البيت الابيض وحتى كتابة هذه السطور لم يقدم التهنئة لخلفه بسبب عنجهيته واصراره على الفوز ولم يعرف بعد ماذا سيقدم عليه خلال الـ 24 ساعة القادمة الباقية من عمره في البيت الابيض لانه من الصعب جدا التكهن بما سيفعله.
العاصمة الاميركية واشنطن وطوال تاريخها لم تشهد مثل هذه الاجراءات الامنية والعسكرية التي اصبحت شبه مقفلة في وقت ان حالة الذعر والخوف تهيمنان على كل مكان بالعاصمة إيذانا بوقوع أحداث لم يستطع أحد التكهن بها. وأما السابقة في التاريخ الاميركي ان ترامب هو الرئيس الـ 45 المنتهي ولايته هو اول رئيس اميركي منذ قرن ونصف يترك البيت الابيض مع سبق الاصرار على ان لا يحضر حفل تنصيب خلفه الرئيس بايدن الـ 46 للولايات المتحدة وهذا نقض صارخ للقانون الاميركي والمبادئ الديمقراطية وفي نفس الوقت طعنة في ظهرها وعدم الاعتراف بها وبذلك يكون ترامب قد دفع بالديمقراطية الى الحضيض باستحقاق ليرسخ نهج الترامبية باميركا "الديمقراطية بقوة السلاح" وليس عبر صناديق الاقتراع.