kayhan.ir

رمز الخبر: 124889
تأريخ النشر : 2021January09 - 20:23

ترامب يخسر و «الترامبيّة» تستمر

بشارة مرهج

علّق تيد كروز السيناتور الأميركي المتطرف على انتهاك جمهور المتظاهرين لحرمة الكونغرس الأميركي بالقول: "إنه أسوأ هجوم إرهابي على الولايات المتحدة الأميركية”.

وعندما يقول ذلك أكثر الشيوخ الأميركيين تأييداً لترامب وسياساته العنصرية فمعنى ذلك انّ الورقة الأخيرة التي لعبها الرئيس الأميركي المهزوم لوقف عجلة التسليم والتسلّم قد احترقت تماماً، بعد أن جلبت العار له ولشخصه المكابر الذي اعتقد انه فوق البشر ويستطيع التلاعب بالقوانين والتقاليد السياسية كما يشتهي ويستطيع التلاعب بالرأي العام كما يريد.

فعندما يصف كروز الهجوم الموحى به من ترامب بالهجوم الإرهابي فمعنى ذلك انه يوجه اتهاماً خطيراً لرئيسه "المفضّل” يستوجب المحاكمة لأنّ كلمة "إرهابي” لها مدلول إجرامي كبير في الولايات المتحدة ولا يمكن المرور بها مروراً عابراً، فضلاً عن أنها تعني نفي الصفات الأخلاقية والعقلانية لدى أكبر مسؤول أميركي تمادى في كذبه على الشعب الأميركي نفسه كما على شعوب العالم عندما جعل دأبه نكران الحقائق والترويج للأكاذيب والشعارات الزائفة سواء في ما يتعلق بالوباء الذي اجتاح العالم، او بالمعجزة الاقتصادية الأميركية، أو بالنسبة للجرائم السياسية التي ارتكبها بحقّ الشعوب كما حدث بالنسبة للشعب الفلسطيني عندما عبأ ترامب ومعه بومبيو وزير خارجيته واليهودية العالمية كلّ طاقاتهم لعزل فلسطين ومحاصرتها وخدمة الكيان الصهيوني وتمكينه من الاستمرار في سرقة أراضي الفلسطينيين وتشريدهم وبناء المستوطنات والمستعمرات عليها والعمل على تهويد القدس وتزوير هويتها العربية وإلغاء الحضور الإسلامي والمسيحي الضارب في أعماق التاريخ والمتجلي في أرضها ومعالمها وصروحها وساحاتها وأزقتها ومعارجها ودروب آلامها.

انّ بومبيو ومعه جاريد كوشنر اللذين كانا يزهوان بتسلطهما على القدس، في لحظة من لحظات التاريخ البائسة، لا بدّ انهما يشعران الآن بالمرارة والخذلان بعدما انتهت ولاية رئيسهما بالخيبة والخسران، وبعد ان تمادى في نكران حقيقة وهوية الأراضي المقدسة طمعاً بكرسي زائل، مستفيداً من جشع البعض وخوف البعض الآخر في هذا الشرق الذين صدّقوا انّ الكذب والدجل يستطيعان تصفية القضية الفلسطينية وطرد أهلها مرة أخرى الى البلدان العربية المحيطة التي تتعرّض اليوم لضغوط متواصلة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين المصمّمين تحت كلّ الظروف على رفض التوطين واستعادة حقوقهم بالعودة الى أرضهم المباركة.

لقد قال الشعب الأميركي كلمته في هذا الرئيس المخادع الذي أطاح بالمعاهدات الدولية وسمّم العلاقات السياسية في العالم الذي وضعه كله على شفير الحرب والقلق والخوف.

وبتكريس الكونغرس الأميركي نتائج الانتخابات التي أطاحت بترامب يتنفس العالم اليوم الصعداء وإنْ كانت "الترامبية” كعقلية ونهج لن تنتهي لتجذرها في العالم الأميركي المحكوم من أصحاب الرساميل والمصارف والشركات الكبرى.

يبقى انّ سقوطه المدوّي مرتين، في الانتخابات كما في هجومه الإرهابي على الكونغرس، ينبغي ان يكون عبرة لأصدقائه وفرصة لشعوب العالم والشعب العربي خصوصاً لإعادة النظر في العلاقات القائمة مع واشنطن وإعادة صياغتها على أسس جديدة ترتكز على احترام إرادة الدول والمحافظة على ثرواتها وكرامة شعوبها.