ترامب وسياسة الشيطنة العقيمة
الرئيس ترامب الذي كان شاذا من بين كل اسلافه من الرؤساء الاميركيين في ممارساته الداخلية والخارجية وحتى صفاته الشخصية كالمراوغة والتحايل والكذب المفرط القت بظلاله على الواقع الاميركي برمته فقد كشف عن واقع هذه الدولة الكبرى وعراها تماما امام العالم كما هي على حقيقتها دون رتوش.
بعد ان استطاعت هذه الدولة وعلى مدى عقود طويلة ان تخفى نفاقها وسياساتها الملتوية ونهبها لثروات الشعوب عبر رفعها للشعارات المزيفة حول الدفاع عن حقوق الانسان وحريات الشعوب ونشر الديمقراطية في العالم.
واليوم وبعد ان كشر ترامب عن وجه اميركي الحقيقي "الاجرامي ـ الارهابي والناهب لثروات الشعوب" لم يعد في العالم من تنطلي عليه مثل هذه الشعارات البراقة والمزيفة التي اصبحت من الماضي، الا ان كان غبيا او معتوها.
وحقا اذا قلنا لم يوجد توصيف ادق وادل من وصف الامام الخميني (قدس سره الشريف) لاميركا بانها "الشيطان الاكبر" التي تتفنن في ارهابها واجرامها وغزوها وحروبها ضد الشعوب الحرة والمظلومة تحت يافظة انقاذها وهذه هي اكبر جريمة ترتكبها اميركا بحق البشرية لقلبها وتزويرها للمفاهيم والحقائق الانسانية الناصعة.
واليوم فان ترامب هو الانموذج الاصغر لهذا الشيطان الاكبر الذي شيطن في دورته الرئاسية الداخل والخارج بشكل قرب اميركا من حافة الهاوية وقد خبط الحابل بالنابل حيث وضع اميركا على مفترق طرق وتجلى الانقسام العمودي فيها وها هو المجتمع الاميركي يواجه ازمات ومشاكل عويصة اضافة الى ما يضمره الشهرين المتبقيين من دورته الرئاسية لانه ليس من السهولة ان يترك البيت الابيض فعلى ما يبدو انه تأثر كثيرا بالحكام المستبدين العرب للبقاء في السلطة مهما كلف الامر لذلك يريد ان يستثمر وجوده خلال هذه المدة ليصبح زعيما اميركيا خلافا لرؤساء السابقين الذين تركوا المعترك السياسي لكنه يريد ان يكون مؤثرا على الدوام في الحياة الاميركية.
وحتى مطلع السنة الجديدة موعد تسليم السلطة مكرهاً او بطراً فالانظار تتجه صوب واشنطن لمعرفة ما يفعله ترامب وما يصدر عنه خلافا لكل التوقعات والتكهنات.
هذا على الصعيد الداخلي اما على الصعيد الخارجي فشيطنته لروسيا والصين معروفة واما شيطنته لايران وملفه النووي هذا الايام هي الاخرى ورقة ابتزازية وبالطبع ليست لايران بقدر ما تكون لمؤسسات الدولة العميقة بهدف ابتزازها وتوريطها في اتون ازمات لا اول لها ولا آخر بهدف الوصول الى مقاصده الدنيئة.
فما سربته "نيويورك تايمز" هذه الايام بان الرئيس ترامب عقد الخميس الماضي اجتماعا مع كبار المسؤولين الاميركيين في مكتبه البيضاوي بمشاركة مساعده ووزير خارجيته ووكيل وزارة الدفاع ورئيس هيئة الاركان بهدف استطلاع آرائهم فيما "اذا" كانت لديه أي خيارات للتحرك ضد منشأة نووية على الارجح ان تكون "نطنز" خلال الاسابيع المقبلة؟
غير ان الصحيفة اكدت على ان هؤلاء المسؤولين الكبار "اقنعوا الرئيس بعدم المضي قدما في شن ضربة عسكرية ضد طهران خوفا من ان تؤدي الى نزاع واسع النطاق."
ولو كان بمقدور اميركا وطيلة الاربعة عقود الماضية وبعيداً عن من هو صاحب القرار جمهوري او ديمقراطي، ان يرتكب أي حماقة ضد ايران لما تأخر لحظة واحدة. فبالتاكيد انما يعيق الدولة العميقة في اميركا ان تنحو بهذا الاتجاه هو حجم وقوة الردع الايرانية القاهرة.
وعلى الارجح ان الرئيس ترامب يهدف من خلال شيطنته الداخلية والخارجية وضع الدولة الاميركية العميقة امام خيارين لا ثالث لهما فأما الفوضى وأما المكوث في البيت الابيض ثانية. فهل يظفر بالأمر ؟ فالأيام القادمة هي من ستنبؤنا بذلك.