بين الرفض العراقي والاصرار الاميركي
لم يشهد العالم في تأريخه ان اميركا عندما تحل في بلد ما ان تتركه الا وان تضع لها قاعدة في ذلك البلد.
ولو القينا نظرة عابرة لوجدنا ان القواعد الاميركية متوزعه في دول الخليج الفارسي وتركيا واليابان والمانيا وكوريا وافغانستان وبعض دول الكاريبي.
وقد يكون العراق الاستثناء الوحيد من بين هذه الدول لان الشعب العراقي وحكومته الوطنية تمكنتا من طرد المحتل الاميركي شر طردة، بحيث اثار استغراب بعض الدول وكما ذكر رئيس الوزراء السابق المالكي من انه وعندما زار المانيا وجه اليه من قبل القادة الالمان سؤال غريب الا وهو كيف تمكنتم من اخراج اميركا ومن دون ان تقيم لها قواعد في بلدكم؟.
والذي لابد الاشارة اليه في هذا المجال ان الاوساط المؤثرة بالقرار في الادارة الاميركية اعتبرت ان خروج القوات الاميركية من العراق انذاك هزيمة منكرة في تأريخ اميركا، ولذا ومن خلال ما عرفه العالم اليوم ان بعض المجموعات الارهابية القائمة وخاصة داعش هي صنيعة اميركا وباعتراف بعض الساسة الاميركان ككلينتون وغيرها، وقد اوجدتها في المنطقة من اجل تحقيق اهداف كثيرة، يأتي بالدرجة الاولى توفير الامن لاميركا، وكذلك من اجل الهاء الشعوب والدول لكي لا تفكر في مواجهة اسرائيل، أي وفي الواقع ان يبقى الكيان الصهيوني في مأمن من استهداف امنه واستقراره، وكذلك فتح الابواب امام الحكومات الدكتاتورية المستبدة خاصة في الخليج الفارسي والمنطقة بالاستفادة من مقولة الارهاب الكاذبة في قمع الشعوب التي تطالب بحقوقها المشروعة.
وقد خططت واشنطن وبصورة دقيقة من اجل ان ترفع او ترمم فشلها في العراق ومحاولة العودة من الشباك بعد ان خرجت من الباب، فأمرت مأجوريها من الارهابيين ان يكثفوا وجودهم في هذا البلد لعلمهم ان الجيش العراقي يملك قدرات وكما تركته واشنطن لا يقوى فيها على مواجهة الارهابيين، فلذلك فان بغداد ستكون مضطرة لطلب العودة من واشنطن والتي تربطها معها وثيقة ألدفاع المشترك ليسهل لها من تحقيق هدفها في ايجاد قواعد في هذا البلد من جديد كما فعلت في البلدان الاخرى.
الا ان فتوى المرجعية الرشيدة العليا والتي كانت المفاجأة الكبرى ليس لاميركا وحدها بل لدول المنطقة ولكل العملاء من السياسيين العراقيين الذين كانوا يرغبون بتواجد أميركي في العراق من اجل ان يحققوا اهدافهم في ادارة البلد، جاءت الفتوى في الواقع ضربة قوية ومخيبة لامالهم لانها افشلت المخطط الاميركي الاقليمي، في وقت تمكن الجيش العراقي مدعوما بالحشد الشعبي ان يكيل الضربات القاصمة للارهابيين وان يوقع فيهم المزيد من القتلى وان يبعدهم عن أهم هدف استرتيجي لهم الا وهو احتلال بغداد، مما شكل في الواقع هزيمة اخرى لاميركا قد تكون أكبر من هزيمة الانسحاب الاول.
وقد حاولت واشنطن ومن خلال انشاء تحالف كاذب لمحاربة الارهاب قد يمكنها من تحقيق هدفها، الا ان الرفض العراقي بتواجد أي مقاتل اجنبي وبأي شكل من الاشكال او ذريعة من الذرائع قد جاء على لسان اكبر المستويات السياسية العراقية والى ادناها وقد كان اخرها مااعلنه رئيس الوزراء العبادي بهذا الخصوص عند زيارته لكربلاء وعلى اعتاب زيارة وزير الدفاع الاميركي هاغل الى بغداد .
الا اننا نرى وبالطرف المقابل ان واشنطن لازالت مصرة على ادخال قوات ليس فقط اميركية بل اقليمية، كما صرح احد القادة العسكريين الاميركان، الا اننا نقول ان الشعب العراقي الذي تمكن من ان يطرد المحتل شر طردة وبصورة غير متوقعة، فلا يمكن في يوم من الايام ان يوافق على عودة هؤلاء المجرمين الى بلده ثانية، ولذلك فان الاصرار الاميركي سوف يتحطم على صخرة الرفض العراقية القوية المتعاظمة بقوة الجيش وقوات الحشد الشعبي الابطال.