سلاح المقاومة و مقومات الدولة .. تجربة لبنان والعراق
د. جواد الهنداوي
في كلا البلدينّ تترسّخ تجربة المقاومة و مفاهيمها و ثقافتها ، ويتطور كذلك سلاحها، مع الفارق في عمرْ و في بيئة و في بُنيّة مسيرة المقاومة اللبنانية و تجربة المقاومة العراقية .
أسعى وفي الربط بين المقاومة و مقومات الدولة ، الى معرفة مدى شرعية المقاومة في إطار الدولة ،و من زاوية الدستور والقانون في كل دولة .
ينفردُ لبنان و كذلك العراق ،ما بين عرب المنطقة ، في سيادة نظام سياسي ديمقراطي قائم على الفصل بين السلطات ، وتداول السلطة، ومؤسسات دستورية ، وأحزاب سياسية ، و ينفردان كذلك بممارسة السلطات الدستورية بموجب شراكة قائمة على الطائفة او المذهب او القومية ، وينعتونها " بالمحاصصة ".
لا أحدَ قادر على دحض و تكذيب اخبار و حقائق الفساد و المحسوبية و المنسوبية التي يعاني منها الشعب اللبناني في لبنان و الشعب العراقي في العراق ، والتي تجعل من ديمقراطية النظام مصدر فوضى و فساد و تسيّب و لا مسؤولية .
لنعود الى مقومات الدولة: الأرض و الشعب والسلطة والسيادة .هذه هي الأركان الأربعة، التي تقوم وتُشيّد عليها الدولة . احتلال جزء من ارض الدولة هو تهديد خطير لكيان الدولة ، مصادرة إرادة الشعب ،و المصادرة ممكن ان تكون من خلال دكتاتورية النظام او ممكن ان تكون من خلال نظام ديمقراطي عميل و مرتهن للخارج، لسبب او لآخر ، ضعف السلطة او غيابها يقود الى انعدام الامن و الى انعدام قوة الدفاع عن الوطن ، وكل عيب يشوب احد المقومات الثلاث المذكورة يؤدي الى تعرّي البلد من غطاء السيادة !
لا سيادة مطلقة و كاملة لدولة وجزء من ارضها مُحتلْ ، لا سيادة مطلقة وكاملة لدولة وتقودها سلطة لا تحترم إرادة الشعب إمّا لعمالتها او لدكتاتوريتها ، لاسيادة مطلقة لدولة وسلطتها هزيلة وضعيفة وتحت رحمة العدو او الصديق الغادر المتربّص ، لا سيادة مطلقة للدولة و طائرات أميركية و اسرائيلية و تركية تجول وتصول في سماء دولنا وتقصف وتغتال مواطنينا، وسلطة الدولة تلوذ بالصمت او تشجب بحياء او تقبل بخدعة المفاوضات الاستراتيجية ،دون اعتذار مسبق لجريمة الاعتداء والاغتيال ، ودون التزام مُسبق بالانسحاب من العراق، نزولاً لارادة و فرار الشعب .
مقومات الدولة في لبنان وفي العراق مُصابة بداء الاحتلال ، و تسويف إرادة الشعب ، وضعف السلطة ، وانتهاك مستمر للسيادة ، هذا واقع ،مؤلم ، مؤسف و لا يمكن إخفاءه او نكرانه .اسرائيل و أميركا و عملائهما (بالمعنى الواسع لمفهوم العمالة ) ، هم مسؤولون أساسيون عن هذا الواقع و استمراره ،لانه ينهِك الدولة ويجعلها و مقوماتها في دوّامة الجهل والتخلف والفتن والتشتت.
اكتسبت المقاومة في لبنان، ونواتها حزب الله ، وفي العراق ، ونواتها الحشد الشعبي ، شرعيتها في دفاعها عن الدولة و مقوماتها . أولمْ يحرر حزب الله ارض لبنان من دنس و احتلال اسرائيل ، و يعززّ سيادة الوطن ، و يرفع مكانة و عزّة و هيبة لبنان ؟
مصدر شرعية المقاومة في لبنان هو دفاعها عن مقومات دولة لبنان وسيادة لبنان ومصلحة و كرامة المواطن والمجتمع . لا ننتظرُ شرعية المقاومة مِنْ مواقف و تصريحات اعداءها ،أميركا و اسرائيل و العملاء . أهداف هؤلاء هو القضاء على المقاومة ، و ارتهان سيادة و كرامة لبنان . كذلك الحال مع الحشد الشعبي في العراق ، الحشد دافعَ و لايزال عن سيادة العراق ومصلحة الشعب و مقومات الدولة ، و هو قوة حقيقية للعراق الدولة ، ويتعامل مع الوقائع و الأحداث وفقاً لمعيار سيادة الدولة و الحفاظ على مقوماتها ، و وفقاً لمصلحة الشعب و كرامة المواطن وليس وفقاً لأهواء و رغبات ونزاعات الأحزاب او نزولاً لشروط أعداء الحشد ، و الساعين الى نزع سلاحه و حلّهِ .
التحديات التي تواجه لبنان و العراق و المخاطر التي تحيط بهما ومصدرها اسرائيل و أميركا والإرهاب والعملاء ، تتطلب تعزيز سلاح المقاومة وليس نزع سلاح المقاومة ، وتعزيز مقومات الدولة .
المطالبة بنزع سلاح المقاومة هي دعم و مساندة لاسرائيل و جرائمها في المنطقة ، و لداعش و مموليه و مستخدميه في المنطقة ، لا يزال دواعش و بالآلاف في سوريا و في وادي حوران في العراق تحت تصرف أميركا و تركيا ، يطالبون العراق و لبنان بنزع سلاح المقاومة وهم (واقصد أميركا و اسرائيل و عملائهم) يزودُون جماعات مسلحّة ، ارهابية او معارضة و خارجة عن القانون ، بالسلاح والدعم والمال والذخيرة .
مطالبة أميركا وسعيهّا لنزع سلاح المقاومة في لبنان و في العراق ليس من اجل مصلحة لبنان او مصلحة العراق ، ولا سعياً لأمن واستقرار البلديّن والمنطقة ، وانما لمصلحة اسرائيل ، و تنفيذ مشاريع أميركا في المنطقة ، وللحيلولة دون بناء قوة عسكرية عقائدية قادرة على حماية و تعزيز الدولة و حماية الشعب .
ما يخيف أميركا و اسرائيل و عملائهما في المنطقة هو القدرة المتزايدة للمقاومة على التطّور في الاداء و التسليح و التكنولوجيا العسكرية ، وأنها ( واقصد المقاومة في المنطقة ) كمؤسسات سياسية وعسكرية تتميّز بالانضباط وخالية من الفساد وعصيّة على الاختراق والانجراف نحو الفتن والتخندق الحزبي والطائفي .