جائحة كورونا والخزي الاخلاقي الغربي
اظهرت جائحة كورونا هشاشة النظام الاخلاقي الغربي الذي سيطرت فيه المصالح السياسية والاقتصادية على كل شيء وبما ادى الى تصارع اصحاب القوة الظالمة والمال الحرام الى ما يشبه تصارع الحيتان عندما تجوع.
فالسياسة التي تنشغل بالسلطة لا تعطي مجالاً للقيم الاخلاقية في تعاملاتها بل يكون شغلها الشاغل الاستحواذ على مقدرات الآخرين متجاهلة ما يترتب عن ذلك من ازهاق للارواح البريئة وسرقة للموارد التي تحتاجها الشعوب المالكة لها كما هو حاصل في اغلب بلدان العالم الثالث.
لقد نجح وباء كورونا في تعرية الوجه الحقيقي القبيح للسياسة الغربية الاميركية والاوروبية على حد سواء، وقد بات من الواضح كيف ان العالم المستضعف هو ضحية لمعايير اجنبية تنعدم فيها الشفقة حتى مع اقرب المقربين لها آباءً وامهاتٍ حرموا من حق الحياة في هذه الازمة الانسانية تحت ذريعة ان الحياة للشباب أولى.
في صدر الاسلام وفي ذروة الملاحم والتضحيات للدفاع عن حاضرته ،المدينة المنورة،جاء شاب مؤمن الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مستفتياً النبي الاكرم في الرواح الى الجهاد ولديه ابوان طاعنان في السن، فاذا بالنبي العظيم يأمره بالبقاء مع والديه ورعايتها مبشراً اياه بنيل ثواب المجاهدين في سبيل الله سبحانه وتعالى.
وفي موقف آخر يرى امير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) رجلا مسنّاً، فيسأل عنه فيقال له : يهوديٌّ كبر ولم يعد يقوى على الععمل ،فيتساءل الامام الخليفة مستغربا الم يكن قد صرف هذا اليهودي شبابه في خدمة المجتمع حتى يواجه في كبره مثل هذا الاهمال؟ ثم يأمر (عليه السلام) له براتب من بيت مال المسلمين يعينه على شيخوخة الحياة.
ترى اين هذا من معايير التنكر الغربي الراهن لكل ما هو إنساني واخلاقي والذي اثار حفيظة العالم كله بسبب جائحة كورونا؟!!
لقد اثارت تصريحات اطباء فرنسيين بشأن اجراء دراسة اختبار للقاح ضد فيروس كورونا في الدول الافريقية ادانات وانتقادات وسخطا على مستوى الرأي العام العالمي ومواقع التواصل الاجتماعي التي اعتبرتها وقحة وغير مقبولة، وانها دليل على استمرار الاستعمار والعنصرية.كما ادان رئيس منظمة الصحة العالمية الاثيوبي ادهانوم غيبريسوس هذا الاقتراح واصفا اياه بالاستفزازي والمخزي والعنصري موضحا (بان المنظمة لن تسمح لتحويل افريقيا الى حقل اختبار لاي لقاح).
على صعيد متصل وفي رسالته الى تلاميذ مدارس الامام المهدي (عليه اسلام) امس الاحد اوصى سماحة قائد الثورة الاسلامية الامام السيد علي الخامنئي (دام ظله) هؤلاء الطلبة (بالاجتهاد في اعداد الانفس لمستقبل افضل ولانشاء عالم ينعم بالامن والانسانية والاخلاق) قائلا: (ان العلم والايمان والتقوى، ذخائر الانسانية الحقيقية).
وفي كلمته بمناسبة ميلاد الامام المنتظر (عجل الله تعالى فرجه) قبل ايام اعلن سماحته(ان البشرية في العالم على اختلاف منطلقاتها وتوجهاتها، لم تصل اليوم الى مرحلة الامان والطمأنينة ويستحوذ عليها القلق والاضطراب) مشيرا (الى مقولة سناتور اميركي تحدث عن استيقاظ روح وحشية في الغرب تزامنا مع انتشار وباء كورونا).
من هنا يتبين في ضوء كلمة سماحته بان التقنيات العالمية والتكنولوجيا الجبارة التي تمتلكها الولايات المتحدة والعالم الغربية هي عقيمة وصماء بدون القيم الاخلاقية التي هي قوام البشرية في جميع العصور.