العراق الى اين؟
مهدي منصوري
الملاحظ ومن خلال المعطيات على الارض ولتجربة امتدت الى اكثر من عقود ونيف انه لايراد للعراق ان يستقر ويزدهر او يقف على قدميه، وبدأت ملامح هذا الامر منذ تولي صدام المقبور ادارة الحكم في البلد والتي قامت على الاستعباد والقهر وكتم الانفاس وادخال هذا الشعب في حروب لاناقة له فيها ولاجمل وتحت ذرائع كاذبة خادعة، فحرب الثماني سنوات والتي كانت بالوكالة على الجمهورية الاسلامية الى غزو الكويت وحرب الخليج الفارسي الاولى والثاني وحالة الحصار القاتل والتي كانت لاميركا والسعودية وبعض الدول الخليجية والكيان الصهيوني اليد الطولى في هذا الامر. بحيث فرضت هذه الاجواء الضاغطة على العراقيين ان يقبلوا اي كان من اجل الخروج من النفق الخانق والمظلم. ولما انتهت صلاحية صدام المقبور وقبل ان يعلن الشعب العراقي ثورته على الحكم الصدامي القائم سارعت اميركا الى العمل على غزو العراق لتعطي نفسها بانها هي المنقذ والمحرر لهذا الشعب من ظلم وطاغوتية صدام، ولكن هذا التحرير الاميركي المزعوم قد تحول وبقدرة قادر الى احتلال للبلاد و ليعيش العراقيون حالة الاستعباد والاسترقاق من جديد ولكنه بلون آخر. ولانريد ان نطيل في هذا الامر اكثر فقط نشير الى ان اميركا وحلفاءها وبعد ما افرزته صناديق الاقتراع وجدت ان ترك الامر على الغارب للعراقيين بادارة شؤونهم بايديهم يشكل خطرا على وجودها في هذا البلد الذي جاؤوا ليبقوا فيه الى اكثر بمائه عام كما صرح بذلك الحاكم العسكري بترايوس حسب الخطة المرسومة في دوائرهم الاستخبارية المظلمة. فلذلك اخذت تتدخل وبصورة مكشوفة بعض الاحيان وخفية في احيان اخرى لكي يبقى البلد في حالة من القلق والارباك واحاطته بالمشاكل المختلفة لكي لا يصل فيه الى حالة الاستقرار والازدهار. واوضح صورة لذلك هي العملية السياسية التي قامت على المحاصصة العرقية والمذهبية بحيث شكلت وفي اذهان العراقيين ابشع صورة للحكم الذي لم يستطع ان يغير من اوضاعهم المأساوية التي كانت في زمن الطاغية صدام الا النزر اليسير والذي لا يتناسب مع ما يملكه بلدهم من ثروات هائلة، بجيث اوجد الهوة بين الشعب ومن يحكمون ووصلت الى حد فقدان الثقة بهم.
واليوم وفي ظل الاجواء المتأزمة في العراق نجد ان الوضع السياسي اصبح متأرجحا بحيث لايمكن الاتفاق على رئيس وزراء يدير شؤون يلقى القبول من العراقيين مما اضاف ازمة الى ازماته الخانقة. وقد تنفس العراقيون الصعداء عندما تم الاختيار على محمد توفيق علاوي لان يكون رئيسا للوزراء من اجل حلحلة الامور في هذا البلد. الا ان الامر لم يصل الى نهايته ولاسباب تتعلق بشخصية رئيس الوزراء المكلف وبالمكونات السياسية مما فرض عليه الانسحاب من التكليف بحيث وصلت فيه الامور الى المجهول كما عبرت اوساط سياسية واعلامية عراقية. وتبادرت الى الاذهان تساؤلات عديدة عما ستؤول اليه الامور غدا وقبل ان تصل فيه العملية السياسية الى الوقوع في الفراغ الدستوري وحسب مفاد الدستور ان الموضوع اليوم هو بيد رئيس الجمهورية الذي عليه ان يعرف شخصا غيرجدلي لرئاسة الوزراء بحيث يحظى بقبول كل الاطراف السياسية بالاضافة الى المتظاهرين وبشرط ان يكون مستقلا وذوكفاءة ومنحه الخيارات التامة لانتخاب الوزراء من دون فرض ارادات كما حدث لمحمد علاوي الذي لم يستطع ان يصمد امام ضغوط بعض المكونات التي ارادت فرض ارادتها عليه في تعيين من يرونه لاكما هو يراه وبالتشاور مع كل المكونات الاخرى للوصول بالعراق الذي تعصف به الرياح الى بر الامان. لقطع الطريق على اميركا وحلفائها وعملائها من ان لا يذهبوا به بعيدا ووضعه تحت الوصاية الدولية من جديد.