مصر اقل من ثورة واكبر من تحرك وخطر الصراع الداخلي قائم
عباس المعلم
السيسي قام منذ توليه الحكم برفع مرتبات ضباط الجيش المصري ٥ اضعاف بعد ان كانت مرتباتهم منذ حكم الملك فاروق وصولا الى حكم مرسي زهيدة جدا ؟ وهذا الامر لم يكن لسبب قومي ووطني بل لشعور السيسي ان ما من تحرك شعبي قادر على قلب نظام الحكم وإسقاط الرئيس الا بمساعدة وتدخل مباشر من الجيش ..
وهذا ما حصل بثورة يوليو ٥٢ وثبت حكم السادات ومبارك وانجح ثورة ٢٥ يناير وثورة ٣٠ يونيو التي أطاحت بمرسي عبر مساعدة الجيش بقيادة مرسي ..
ما يحصل اليوم بمصر ليس ثورة شعبية بقيادة الممثل محمد علي ،بل تحركات شعبية غاضبة بفعل تراكمات اقتصادية وسياسية لحكم مرسي الذي لا يتوقع نجاح ثورة تطيح بحكمه بسبب سيطرته على الجيش وامتلاكه ضمانة أمريكية مفتوحة لحكمه وعلاقاته الإقليمية مع السعودية والخليج الفارسي.
كل هذه الأمور يعتبرها السيسي كافية لبقاء حكمه وتحصينه من اَي ثورة شعبية لن تنجح الا بمساعدة الجيش الذي أعطاه الرئيس امتيازات خاصة جعلته يمسك بمفاصله فضلا عن تسليمه مراكز القوى والوظائف الكبرى في الدولة لصالح ضباط في الجيش المصري ..
قد يكون السيسي مرتاح على وضعه حاليا لأسباب عديدة بالداخل والإقليم الا انها لن تكون كافية اذا تحولت هذه التحركات المتواضعة الى ثورة شعبية قد تفقده الضمانة الامريكية لان واشنطن اعتادت على لحظات التخلي عن اَي حليف يفقد السيطرة الشعبية على حكمه والأمر نفسه يسري على الجيش الذي لا يخرج عن الحضن الامريكي كما جرت العادة منذ حكم السادات ومبارك.
بالمحصلة ما يجري في مصر اليوم اقل من ثورة واكبر من تحرك شعبي مشتت وكل الأمور مفتوحة خصوصا اذا ما ركبت تركيا وقطر موجة الاعتراض وتحرك الإخوان على الارض فان ذلك قد يكون عنصر قوة لمصلحة السيسي من جهة ودخول القاهرة بصراع اهلي لن تحمد عقباه ويمكن ان يستمر لسنوات وتصبح مصر امام سيناريو الحرب السورية ؟
فضلا عن ان الاقتصاد المصري على حافة الانهيار وإمكانية حصول مواجهة مع إثيوبيا قائمة على خلفية سد النهضة ولا يغفل دور اسرائيل بذلك التي لا تقف عند هذا الحد بل تصل الى سيناء ومشروع الوطن البديل للفلسطينيين هناك.
مصر اليوم في خطر من داخلها عبر حكم السيسي وخطر من خارجها بين محور تركيا قطر ومحور السعودية الإمارات واطماع اسرائيل من جهة ومشكلة سد النهضة مع إثيوبيا والتغيرات الدراماتيكية الحاصلة من حول مصر في السودان والجزائر وتونس وليبيا ..
لتبقى الأحداث الجارية ووضوح المشهد المصري وفقا لتطورات تصعيدية او تسوية داخلية تجري تعديل في نظام الحكم بامكانها تجنيب مصر صراع مفتوح بتوقيت اقليمي وداخلي دقيق وحساس جدا ..