واشنطن تصنّع بدائل لداعش واخواتهامن كابول الى بغداد...!
تحاول واشنطن عبثاً تأخير اعلان هزيمتها التاريخية المدوية امام مشروع المقاومة ...!
محمد صادق الحسيني
وذلك من خلال تبديل اسماء ميليشياتها ، بعد توالي الهزائم عليها في اكثر من عاصمة عربية واسلامية ، ظناً منها ان تبديل الجلد كفيل باطالة عمرها الاستعماري...!
وكما بدأت غزوها الحديث لبلادنا عبر الحرب بالوكالة من افغانستان هاهي تحاول الهروب المنظم من افغانستان...!
1. يعود تاريخ العمل السري للمخابرات المركزية الاميركية في افغانستان الى حقبة الوجود العسكري السوفييتي في هذا البلد ، خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي ، حيث كانت السي آي إيه هي الجهة التي تقدم الدعم اللوجستي والسعودية هي التي تقدم الدعم المالي للمجموعات الجهادية الأفغانية آنذاك . وكان اسامة بن لادن هو المنسق الرسمي لنشاطات المجموعات الافغانية التي تقاتل القوات السوفيتية .
2. بدأت وكالة المخابرات المركزية الاميركية، بالتعاون مع الاستخبارات العسكرية الباكستانية وبتمويل سعودي ايضا. بانشاء ميليشيا مسلحة جديدة ، تحت قيادتها وإدارتها المباشرة ، وذلك مع بدء انسحاب القوات السوفيتية من افغانستان سنة ١٩٨٩ .
تلك الميليشيا التي كانت قد أعدت مسبقاً ، اَي قبل الانسحاب السوفييتي ، في مدارس باكستان الدينية الممولة من وهابي آل سعود ، وهي حركة طالبان ، التي كانت تدعو " للجهاد " العالمي مما ادخلها في نزاع مسلح مع المجاهدين الأفغان انتهى باستيلاء حركة طالبان على الحكم في أواسط تسعينيات القرن الماضي .
اَي ان الولايات المتحدة ، بالتعاون مع آل سعود ، قد زرعت بذور الفوضى الشاملة ( الحروب الاهلية والإرهاب ) في افغانستان منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي ، خاصة وأنها افشلت محاولة دبلوماسية ، قامت بها منظمة التحرير الفلسطينية على سبيل المثال ، وهدفت الى اقامة حكومة متفق عليها بين الاتحاد السوفييتي والمجاهدين وملك افغانستان السابق ، الملك محمد ظاهر شاه ، ورئيسة الوزراء الباكستانية آنذاك ، بنظير بوتو.
فالولايات المتحدة ، عبر المخابرات المركزية الاميركية ، كانت هي من افشلت هذا الاتفاق الذي تم التوصل اليه بعد اتصالات وجهود مضنية مع الاطراف المعنية وفِي ثلاث قارات من قارات العالم .
3. والآن ومع قرب التوصل الى اتفاقية وقف لإطلاق النار ، بين الولايات المتحدة وحركة طالبان ، تمهد لانسحاب القوات الاميركية وقوات حلف الناتو من افغانستان ، فان من الضروري الإضاءة على السياسة الميليشياوية ، التي تواصل الولايات المتحدة تنفيذها في هذا البلد ، من خلال إنشائها
لتنظيمات مسلحة جديدة ( ميليشيات ) منذ احتلالها لافغانستان في شهر ١٠/٢٠٠١ .
4. وأشهر هذه التنظيمات وأكثرها قوة وتسليحاً هو تنظيم: قوات حماية خوست ( Khost Protection Force ) والتي تدار عبر غرفة عمليات لها في قاعدة المخابرات المركزية الاميركية التي تسمى : قاعدة شابمان ( CIA‘s Camp Chapman ) والموجودة في مقاطعة خوست الافغانية ، جنوب شرق العاصمة كابل .
علماً ان اجمالي تعداد هذه الميليشيات ، التي تموَّل وتدار بالكامل من قبل المخابرات الاميركية ، قد وصل الى ثلاثة عشر الف رجل منتشرين في معظم انحاء افغانستان.
5. اما عن علاقتهم بالاتفاق ، المزمع إعلانه قريباً بين الولايات المتحدة وحركة طالبان ، فهو طرح موضوعهم ، من قبل المفاوض الاميركي سلمان خليل زاد ، على طاولة البحث مع طالبان ، حيث طلب خليل زاد ضمانات من طالبان لامنهم بعد انسحاب القوات الاميركية . وهو الامر الذي ترفضه طالبان ، حتى الآن ، مما يؤخر الاعلان عن الاتفاق ، املا من الطرف الاميركي في التوصل الى صيغة ما ، تحافظ على عنصر التفجير هذا ( الميليشيات )
لاستخدامه مستقبلاً ، الى جانب فلول داعش ، التي نقلتها طائرات سلاح الجو الاميركي من سورية والعراق ونشرتها على حدود افغانستان مع ايران وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة شمالاً .
6. اذن فالولايات المتحدة الاميركية ، وكما يتضح من المشار اليه اعلاه ، تقوم بانشاء تشكيلات مسلحة وزرع بذور الفوضى والحروب قبل ان تنسحب من اَي مكان . فما يعيق انسحابها من سورية والعراق ، هو استكمال تدريب وتسليح القوات العميلة ، سواءً في شمال شرق سورية او في مناطق اخرى ، والتي يجري تدريبها وإمدادها بالسلاح في قاعدة التنف في سورية وفِي قواعد اميركية اخرى في الاْردن ، كما في قاعدة عين الأسد غرب بغداد وفِي قواعد ميليشيا البرزاني الكرديه والتي يشرف على تشغيلها وتحريكها ضباط استخبارات عسكرية اسرائيلية .
7. وهذا بالضبط هو العامل الذي يحدد موقف المراوغ الأطلسي ، اردوغان ، في ما يتعلق بمحافظة ادلب وغيرها من المحافظات السوريه المحتلة أمريكياً او تركياً . انه امر عمليات القيادة المركزية الاميركية للمنطقة الوسطى ، ومقرها قاعدة العيديد في قطر ، الذي يقضي بايجاد الترتيبات الضرورية ، للحفاظ على المجموعات المسلحة ، في سورية والعراق كقوات احتياط ، يمكن للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ان يناورون بها ، في الزمان والمكان الذي يقررونه مستقبلاً .
وبكلمات اكثر وضوحاً فان ذلك يعني : الحفاظ على هذه العصابات المسلحة ، سواءً في العراق ، حيث يقوم الجيش الاميركي بهذا الدور ، او في سورية حيث يتشارك الاميركي والتركي تنفيذ مؤامرة اطالة عمر العدوان على سورية ، من خلال تغليف ذلك بغلاف ما يطلقون عليه الحل السياسي ، او في العراق من خلال ما يسمونه استكمال محاربة داعش ومواجهة تعاظم النفوذ الايراني في هذا البلد .
8. اما ما يغيب عن بال المخططين الاستراتيجيين الامريكيين فهو عامل الانقلاب الذي شهدته موازين القوى ، في المنطقة والعالم ، والتي لم تعد تسمح لهم بفرض ارادتهم وهيمنتهم على الشعوب كما كان الامر في العقدين الماضيين . الامر الذي يجعل تكتيكاتهم تلك ، اي المناورة بالعصابات الارهابية المسلحة هنا وهناك ، عاجزة عن تحقيق اهدافهم وبالتالي فان عليهم البحث عن استراتيجيات تنطلق من موازين القوى الدولية المستجدة والاعتراف بهزيمة مشاريعهم وفتح مسار جديد في سياساتهم ، بالعودة الى الأسس والقوانين الدولية ، التي يجب ان تحكم علاقات الدول بين بعضها البعض ، ما يخلق الأرضية لعلاقات متوازنة بين الدول ولاستقرار سياسي على الصعيد الدولي سيمثل القاعدة الصلبة لمسار اقتصادي اجتماعي دولي يمنع إشعال الحروب ويبعد الازمات الاقتصادية والمالية عن دول وشعوب العالم اجمع . كل هذا شرطه استخدام واشنطن لعقلها وهو ما بات مشكوك فيه كثيراً في عهد ادارة ترامب المتخبطة في استراتيجيتها والغارقة في التيه الاسرائيلي....!
بعدنا طيبين قولوا الله.