kayhan.ir

رمز الخبر: 197914
تأريخ النشر : 2024November22 - 19:58

الاستقامة، اعداء الخارج ومثيرو اللغط في الداخل

ان اُس الثورة الاسلامية مبني على الاستقامة وفي كلمة واحدة يمكن القول، ان جميع الامور العظيمة التي خُلقت خلال 46 عاماً هي حصيلة تلاحم استقامة الامام والشعب. كما ان تاريخنا المعاصر لقرن او قرنين مضين مملو من حالات ذهبت فيها استثمارات ضخمة ومكاسب كبيرة جاءت بجهود مضنية، بسبب  عدم الاستقامة اما من قبل القيادة او من قبل الشعب وخسرنا فرصاً تاريخية ادت لتراجع  البلد. فامثلتها حركة التنباكو وحركة المشروطة والنفط قد تقهقرت عن بداياتها. واليوم بلغت ايران بسبب استقامة الامام والشعب الى مرتبة يقول فيها الاعداء بصراحة؛ "ان ايران هي التي تصنع المعادلات  ولا يمكن جعلها منفعلة  بالمعادلات او ابعادها من الساحة".

ونمر اليوم في ظروف حساسة وخطرة للغاية ونكون في وضع علينا ان نحفظ مكاسبنا الكبيرة على المستوى الداخلي والاقليمي والدولي وان نعزز مكانتنا ومكتسباتنا.

الرواية التي جاءت في تفسير الدر المنشور للعالم السني الكبير عبدالرحمن السيوطي (متوفى 911 ق) انه حين نزلت الآية 112  من سورة الهود [فاستقم كما امرت ومن تاب معك ولا تطغوا انه بما تعملون بصير] توجه رسول الله (ص) للمسلمين يخاطبهم؛

"شمروا شمروا" فالسورة نزلت في مكة وكم هي الاحداث العظيمة التي وقعت منذ ايام دعوة الرسول في مكة والى عام فتح مكة في الثامن للهجرة، فقد مر المسلمون بظروف حرجة فعددهم ضئيل مقارنة بالكفار فيما يعانون  العوز والحرمان المادي، ولكنهم تمكنوا من فرض سيطرتهم على شبه الجزيرة العربية وارسال دعوات الاسلام للشرق والغرب، ان هذا يعكس أمرين؛ الاول ان المسلمين وكما طلب منهم رسول الله قد شمروا عن سواعدهم والثاني ان استقامتهم قد اثمرت. ان هذه  الاستقامة بالطبع  وحسب ما تعلمنا الروايات ترتبط بمساعي النبي المستمرة ليل نهار، ولهذا قال "شيبتني هود واخواتها". وهذا يعني ان المراقبة والمرابطة الدائمة لرسول الله مدعومة بالايمان، ونعلم ان محور عمل النبي في مكة مبني على الاستقامة وتعميق المباني النظرية والعملية للاعتقادات الدينية. من هنا حين تربى المسلمون في مكة كانوا يواجهون بهجمات شديدة للاعداء، ولذا جاء الامر بالاستقامة. كما ان الآية 54 من سورة المائدة تعالج هذاالامر [يا ايها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوق يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه اذلة على المؤمنين اعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ...].

اذن لنتصور ثلة قليلة من المسلمين آمنت بالرسول وبسبب قلة العدد  والعدة يتثاقلوا عن الاستمرار والترديد بدل الاستقامة فحينها لم يستقم الدين  ولا تخذت بالبشرية مسارا آخر ولغطى الظلام العالم.

هذا المسار ونتيجته الحلوة لم يكن بالمسار السهل. فاضافة لاعداء الخارج قد عقد الجميع  عزمهم لتغيير المعادلة لصالحهم، كانت الشماتة الداخلية تزيد الطين بلة بنشر الشبهات في مسار الحق. وجاء في القرآن الكثير من هذه الشبهات التي  يلقيها اعداء الداخل والخارج على جبهة الحق. فواحدة من هذه الشبهات انه ما الفائدة من المقاومة قبال قدرات الاعداء الاقوياء؟ وواحدة اخرى من الشبهات بان الاعداء سينالوا سريعاً من المسلمين (وحسب الاصطلاح المعاصر ان المعادلة ستنتهي بضرر ايران وجبهة المقاومة) فعمل هؤلاء  الذين يثيرون الشبهات ان يزلزلوا مواقف الشعب.

فالقرآن يشير في آيات مختلفة الى تحرك المنافقين بين الناس الذين ذهب الرجال منهم للقتال، فيقولوا ان الفشل سيصيبكم وحينها لا نسمح للمؤمنين بالبقاء  في هذه المدينة (وحسب ما يصطلح عليه؛ ان سياسة مخاصمة الاعداء ستؤدي للفشل ونحن لا نسمح ان تستمر هذه السياسة وبدل المقاومة والاستقامة قبال الاعداء، ان نتخذ طريق التصالح لاجل عبور المواقف العدائية).

واللافت  انه في قمة ضغوط الاعداء في الخارج والقاء المنافقين للشبهات في الداخل، يحذر الله المؤمنين ان لا تهنوا في مواصلة التمسك بالمبادئ بسبب خصومة اعداء الخارج  وتثبيط المنافقين في الداخل. ففي الآيات 11، 12 من سورة هود، تشير الى هذه الحالة: [الا الذين صبروا وعملوا الصالحات اولئك لهم مغفرة  وأجر كبير* فلعلك تارك بعض ما يوحى اليك وضائق به صدرك ان يقولوا لو لا  انزل عليه كنز اوجاء معه ملك انما انت نذير والله على كل شيء وكيل].

إن واحدة من اهم الضغوط التي تتفعل حين يركز الاعداء  على عداوتهم لجبهة الحق (فضلا عن الضغوط المقصود منها التخلي عن الاصول) هو الضغط على الاجزاء التي تشكل جبهة الحق لاجل تدميرها. فنحن لا نشكك ان الاعداء؛ اعداء الاسلام والجمهورية الاسلامية تعمل بشكل تكتلي ولا يغفلوا لحظة عن العمل التكتلي. مثلما حصل في قمة هجمات الكيان الغاصب على الشعب الفلسطيني المظلوم وعلى الشعب اللبناني، يفرض الاوروبيون لاجل اسناد عنصر الاجرام لجبهتها اي الكيان الصهيوني، عقوبات على الملاحة الجوية الايرانية والملاحة البحرية. اذن فنحن امام حركة تكتلية، ولاجل العبور من هذه الظروف نحتاج بالمقابل لجبهة اسناد. ففي زمان الرسول العظيم ومقارنة بتجمعات الاعداء كانت عدة ضئيلة الى جانبه وهم غالبا يفتقدون لقدرات مالية والذي عندهم هو ارواحهم التي وضعوها على الأكف، وسعوا مخلصين في مسار اهداف الرسول العظيم.

ان واحدة من ضغوط المنافقين في تلك الفترة تكمن في تفريق الاشخاص من حول الرسول اي العمل على انهيار جبهة الرسول، وبالطبع كانوا يستخدمون الالفاظ اللينة للوصول لمقاصدهم الخبيثة، فحذر  الله رسوله من سماع هذا الكلام. ففي الآيات 30، 31 من سورة هود يقول الكتاب؛ [وياقوم من ينصرني من الله ان طردتهم افلا تذكرون* ولا اقول لكم عندي خزائن الله ولا اعلم الغيب ولا اقول اني ملك ولا اقول للذين تزدري اعينكم لن يؤتيهم الله خيراً اعلم بما في انفسهم إني اذا لمن الظالمين].

فكان الرسول يتعرض لضغوط المنافقين  المتظاهرين بالاسلام الذين يطلبون منه بدل ان يساعد عمار وابي ذر ان يمد يد التواصل مع شخصيات امثال ابي سفيان! وعن طريق ابرام معاهدات سياسية وقبائلية و... ورفع قلق امثال ابي سفيان، لانشاء مجتمع جديد في المدينة يسوده الاستقرار.

نفس هذه  الادعاءات القديمة والمرفوضة، والتي فند القرآن اسسها، تُستعرض اليوم في سوقنا!

وفي الوقت الذي تتعاظم كل يوم من مراتب العداء الاميركي والاوروبي ضد هذا الشعب وضد المجاهدين المماهين للثورة الاسلامية في المنطقة، عمد البعض ليقولوا؛ اتركوا فلسطين للفلسطينيين، ولبنان للبنانيين، واتركوهم تحت القصف المدفعي  وقصف الطائرات، لانه في النظام  الدولي وما يتربط  به ليس لهؤلاء (فلسطين ولبنان) المكانة التي تتمتع بها اميركا وفرنسا وبريطانيا! هذا في الوقت الذي تتعرض فيه ايران لتهديدات متلاحقة من قبل نفس هذه الحكومات الاميركية والاوروبية، ولكن ايران سائرة في دربها ولا تتوقف في العمل على الاهداف العليا لهذا الشعب ـ مع ما تتمتع به ايران من مساندة سائر الشعوب والحكومات الصديقة في المنطقة لتتمكن من الوقوف امام الاعداء والتغلب عليهم ـ وهذا يتوقف على تشكيل جبهة واحدة.

ان هذه الجبهة بالطبع معرضة للضغوط ونحن نشاهد في كل لحظة ضغط العدو على هذه الجبهة كلها ـ من ايران الى اليمن والعراق والى سوريا ولبنان وفلسطين ـ ونقر بالجراح التي المت، لاسيما خلال هذا العام ونيف، على هذه الجبهة؛ ولكننا نعلم ايضا ان هذه الضغوط هي ثمرة النجاحات، وعلامة على الموفقية وهي راسمال لنجاحات آتية لجبهة الحق. وذروا أعداء الاسلام والمسلمين واعداء ايران وجبهة المقاومة يحيكون الدسائس ويعمد المنافقون المتظاهرين بالاسلام في الداخل ليفرغوا قلوب الشعب فالطريق باتت واضحة وان انتصارات جبهة الحق المتتالية حاسمة.

سعدالله زارعي