kayhan.ir

رمز الخبر: 197449
تأريخ النشر : 2024November13 - 20:10

مصير الكيان الغاصب في حرب لبنان

 

سعدالله زارعي

ان مصير الكيان الصهيوني لا يتحدد في الحرب النفسية ولا في الحرب الاعلامية ولا في الحرب السياسية وانما في الحرب البرية مع لبنان وبعبارة ان نتيجة الحرب العسكرية للكيان مع حزب الله هي التي تحدد قدرة بقائه.

لقد مضى شهران على بداية الحرب البرية لجيش الكيان الغاصب مع لبنان و ما يقرب من اربعة اشهر من بداية الهجوم الثقيل على لبنان. ان اسرائيل في بداية حربها على قطاع غزة شملت اهدافها انهاء القدرة العسكرية لحماس، وشطب قوتها السياسية، وضمانة عدم التهديد الامني لاسرائيل من قبل حماس و تحرير الاسرى، قداعلنت خلال 14 شهراً بقصف شديد واغتيال قادة المقاومة الفلسطينية سعيها الوصول الى اهداف لم تصلها بعد. على ذلك فان الكثير من المدافعين عن الكيان في الداخل والخارج قالوا؛ ما كان على اسرائيل ان تعلن عن اهدافها منذ البداية كي لا تفسر مع تأخيرها فشلاً للكيان من قبل المعارضين. فكانوا يرون انه كان على الجيش الاسرائيلي ان تعلن مع مرور الوقت عن الاهداف وتكتيكها كي تسجل كل مكسب تكتيكي على انه نصر. وبالضبط لهذا السبب خلال الهجوم الواسع على لبنان والذي بدأ باغتيال "فؤاد شكر". وعلى العكس من حرب غزة كان العدو يتجنب احصاء اهدافه المهمة ليعلن عن الاهداف التكتيكية بدلاً عن ذلك. فخلال تفجيرات البيجر اعلن ان الهدف ضرب القدرة العملياتية للمقاومة اللبنانية وقد تحقق هذا الهدف. او خلال الهجوم البري على الحدود اللبنانية اعلن ان الهدف من العمليات اعادة المشردين لبيوتهم في القرى والمستوطنات اليهودية في الشمال. هذا في الوقت الذي يعتبر قادة اميركا والكيان الغاصب، حرب لبنان هي حرب المصير قبل حرب غزة. فكانت تظهر اسرائيل في جو اعلامي ونفسي انه انتصر في حربه مع حزب الله ومن جهة ثانية يستمر في الحرب ويحول دون وقف اطلاق النار في جبهات غزة ولبنان، فهو تكتيك للوصول الى اهداف كانت تتردد اسرائيل من بلوغه. وفي نفس الوقت تحدث وقائع على الجبهة العسكرية للكيان تعكس تعثره من الوصول لاهدافه؛ فقبل بداية الهجوم البري يعلن موقع جيش اسرائيل عن ما يتوصله الجيش في عملياته على لبنان. وجاء في هذا التقرير الرسمي انه مرت ثلاثة اسابيع على عمليات عسكرية للجيش بهدف السيطرة على حدود تصل الى 800 كيلومتر مربع من الاراضي اللبنانية اي من الحدود الى نهر الليطاني وبعد ذلك يحتاج لعام لعمليات تثبيت الاراضي المحتلة وتطهيرها من تواجد عناصر حزب الله.

وها هي شهران انقضتا من بداية العمليات البرية الاسرائيلية لكنه لم يصل الى نهر الليطاني رغم هجومه الشديد ولم يتجاوز كيلومترا ونصف الكيلومتر هذا في الوقت الذي ان معدل المسافة من نهر الليطاني الى النقطة الحدودية ثلاثين كيلومترا. وهذا يعني ان حركة جيش الكيان بهذا الشكل سيحتاج الى عشرين ضعفا من الوقت المفترض كي يطبق المرحلة الاولى من مشروعه. وبعبارة ثانية فان للوصول الى النهر سيحتاج لاكثر من 3 سنوات. فيما يزيد حزب الله من هجماته وقصفه الصاروخي كل يوم، ويدعي الكيان انه دمر 80% من قدرات حزب الله وذلك ليغطي على تباطؤه!

وبالتزامن مع هذه الحركة البطيئة للكيان هنالك التكلفة الباهضة والخسائر الكثيرة، اذ ان ما اعلنه الكيان بمقتل ستين مجندا وجرح 400 آخرين في حرب الشمال، بينما ما اعلنه حزب الله يصل الى قتل اكثر من مائة عسكري اسرائيلي وجرح 1200 آخرين. كما وزاد عدد المهجرين الاسرائيليين ليصل الى 500 الف مشرد يهودي يسكنون في شمال حيفا في مسافة 35 كيلومترا عن الحدود اللبنانية والى شمال تل ابيب الذي يقع على بعد 130 كيلومترا من الحدود اللبنانية. كما وزادت الاضرار الاقتصادية للكيان الغاصب. هذا بمعزل عن تراجع النمو الاقتصادي السنوي للكيان من معدل 6% الى 5/2% لهذا العام، وان البنى التحتية التجارية والاستثمارات تواجه خللاً جاداً.

ومن علائم عجز الكيان الغاصب في تحقيق اهدافه العسكرية في حربه مع لبنان، عزل اعلى رتبة عسكرية "يو آف غالانت" وهو قائد العمليات في زمن الحرب وقبل تحقق الاهداف المعلنة في جبهتي غزة ولبنان.

ان العقيد "يو آف غالانت" قد دخل الخدمة العسكرية عام 1978 ومنذ عام 2006 خاض حروباً مختلفة منها حرب الـ 33 يوما على لبنان والى هذه الحرب الحالية في غزة اي في الاقل خاض عشرة حروب كقائد رفيع المستوى وخلال السنوات الثلاث الماضية عين قائدا للجيش الاسرائيلي لقيادة الحرب. فلاكثر من 47 عاماً يتقلد مناصب مختلفة في الجيش وله مكانة خاصة بين العسكريين الاسرائيليين، من هنا فان عزله سيكون له التاثير السلبي على القوات النظامية. اضافة لذلك فان غالانت ومنذ عام 2018 انخرط في حزب ليكود الحاكم وله رؤية سياسية. اذن عزل او استقالة هكذا شخصية عسكرية اثناء الحرب لا يعتبر أمرا طبيعيا لا تبعات له. اذ ان نتنياهو قد اعلن خلال كلمته في الامم المتحدة ان اسرائيل تحارب على سبع جبهات، فيما قال رئيس الكيان الصهيوني ان معارضي اسرائيل قد فرضوا طوقاً عليها من كل جانب.

ومع كل هذا فما يعني عزل قائد الجيش في هذه الظروف واحلال شخص لاخبرة له محله؟ في الاقل ينبئ عن فشل في القتال مع غزة ولبنان، ولكن نتنياهو يتظاهر انه بسبب اختلاف سياسي مع غالانت قد تم عزله، وهذا ما لا صحة له. اذ ان غالانت كان قد قال ان بقاء الجيش في غزة غير صحيح مع هذه الهجمات المتتالية من قبل المقاومة. وفي الحقيقة انه عزل كي يلقى لوم فشل الجيش الاسرائيلي عليه.

ومن العلائم الاخرى لفشل البرنامج المعلن لاسرائيل في الحرب على لبنان، هو التغيير في تموضع الجيش بعد شهر من بداية الهجوم البري على لبنان. فالكيان الصهيوني وخلال الاسبوعين الاخيرين قلل ثلثي قواته الفاعلة في داخل لبنان كما وقلل من قواته شمال فلسطين ليبعدوا عن مرمى نيران حزب الله. ففي العرف العسكري يعتبر هذا التغيير في تموضع الجيش اعترافاً بالفشل والسعي للتغلب على الضعف.

ان الجيش الاسرائيلي كان يظن ان حزب الله سيدخل الحرب بنفس خطته عام 2006 في حرب الـ 33 يوماً ولذا فكان الكيان منشغل منذ 18 عاماً لايجاد سبل للتغلب على تكتيكات حزب الله القتالية. فقد قيم الجيش الاسرائيلي سر فوز حزب الله في تلك المعركة في امرين؛ تدمير المنظومة القتالية لحزب الله عن طريق قتل القادة الميدانيين والتغلب على تكتيك حزب الله في مواجهة الدبابات بالاشخاص. فقد ظنت الاستخبارات والقوة الجوية الاسرائيلية بقتلها مجموعة من قادة حزب الله، انه قد دمر المنظومة القتالية لحزب الله الى 80%، وعليه بدأ حربه البرية بعد ايام من عمليات الاغتيال باشراك خمسة فيالق آلية ومشاة ضد حزب الله، وكذلك بقصف وسيع لجنوب لبنان ـ من الحدود الى نهر الليطاني ـ كي يدمر القدرة الدفاعية لحزب الله ويفشل تكتيك مواجهة الدبابات بالافراد.

الا ان ما وقع على الساحة مع استعداد وتوقع الجيش الاسرائيلي كان ذي مسافة سحيقة، اذ ان حزب الله وبذكاء الامين العام للحزب المستشهد من جهة، وأزمة خسارة قادة نخبة ومتوسطين، سارع لملء الفراغ باشخاص آخرين ولذا لم يطرأ اي خلل على الساحة.

من جانب آخر ان حزب الله قد اوجد تكتيكا جديدا في الحرب، باستبدال حرب الدبابة بالاشخاص الى مواجهة الدبابات بالصواريخ. فيما كانت اسرائيل تظن انها بالتغلب على تكتيك حرب 2006 ستتمكن من الوصول الى نهر الليطاني، الا ان تغيير التكتيك من قبل حزب الله قد جعل الرؤية العسكرية للجيش الاسرائيلي تنهار، وتحمل الجيش خسائر جمة، من هنا فانه بعد عزل غالانت من قيادة الجيش بما يفسر فشله في مواجهة حزب الله قد اعلن؛ "ليس الجيش الاسرائيلي ضعيفا وانما حزب الله قوي جدا".

ان حزب الله في هذه المعركة، قد غير معادلة الشهيد مقابل القتيل في حرب الـ 33 يوما والتي كانت عشرة شهداء مقابل قتيل واحد غيرها الى عشرة قتلى قبال شهيد واحد.