واشنطن تقر "قانون مكافحة التطبيع" مع دمشق وتوسيع عقوبات قيصر
محمد عيد
فيما بدا أنه سباق محموم مع موعد انطلاق القمة العربية في جدة، أقرت "لجنة العلاقات الخارجية" في مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون مكافحة التطبيع مع دمشق الذي يحرم على الحكومة الحالية في واشنطن التطبيع مع سوريا إضافة إلى توسيع عقوبات قيصر وتمديدها لثماني سنوات قادمة فضلاً عن إجراءات أخرى تزيد من غموض الموقف الأمريكي تجاه دمشق.
غانم: عقوبات في صميم معيشة السوريين
أكد الخبير الاقتصادي مضر غانم أن واشنطن لا تزال تجتر التبريرات نفسها حين تريد فرض المزيد من العقوبات على الشعب السوري من قبيل القول بأنها ترغب في التضييق على "النظام" من أجل الالتزام بالمطالب الدولية في حين أن الشعب السوري هو من يدفع ثمن هذه العقوبات مزيدًا من الجوع والحرمان ونقصًا في الطبابة والاحتياجات الاجتماعية التي كانت دمشق توفر مروحة كبيرة منها لمواطنيها قبل أن تهتكها عقوبات ظالمة دفعت الحكومة السورية لاجتراح الكثير من الحلول لتوفير الحد الأدنى من الحياة المقبولة للسوريين.
وفي حديث خاص بموقع "العهد" الإخباري أشار غانم إلى أن الخطوة الأمريكية الجديدة هي حلقة في مسار طويل من العقوبات وهي بلا شك ستأخذ بعدها البعد التنفيذي بعد إقرار لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي مشروع "قانون مكافحة التطبيع مع الأسد" الذي يلزم الدول بهامش ضيق من العلاقة مع دمشق وخاصة في الشأن الاقتصادي ويرفع في وجهها سيف العقوبات إذا ما فكرت في تجاوز هذا الهامش وهي عقوبات خرج جلها من رحم "قانون قيصر" الذي استدعى تمديده بندًا خاصًا.
وأضاف الخبير الاقتصادي في حديثه لموقعنا أن الترجمة العملية لهذا "القانون" تتمثل في تجفيف بقية الموارد الاقتصادية للمواطنين السوريين وهو أمر عبر عنه البند المتعلق بتعريف التعاملات المطلوب التصريح عنها ضمن مشروع "مكافحة التطبيع مع الأسد" لتتضمن أي استثمار أو منحة أو عقد أو تبرع أو قرض من أشخاص غير سوريين يعيشون في إحدى الدول العربية أو غير العربية ما دام المستفيد يقطن في مناطق "سيطرة النظام"، مشيرًا إلى أن عمل المنظمات الأممية نفسها قد لا ينجو من هذه الرقابة والإجراءات العقابية.
مطر: العقوبات وخلفياتها
في سياق متصل، أكد المحلل السياسي خالد عامر أن العقوبات الأمريكية الأخيرة على سوريا تزيد من غموض الموقف الأمريكي تجاه دمشق في ظل ما بدا أنه غض نظر عن الانفتاح العربي عليها.
وفي حديث خاص أشار عامر إلى المفاصل الزمنية التي اعتمدت فيها واشنطن عقوبات على دمشق والمرتبطة دائما بالتحولات السياسية والميدانية التي تخدم دمشق مثل ما جرى في العام ٢٠١٩ حين استعاد الجيش السوري مساحات واسعة من البلاد بعد تطهيرها من الإرهابيين وهو ما عجل حينها في صدور "قانون قيصر" الذي يتضمن طيفًا واسعًا من العقوبات المضافة إلى عقوبات سابقة كانت قبضتها تشتد كلما حقق الجيش السوري انتصارا في الميدان أو حققت السياسة السورية مكاسب دبلوماسية، مشيراً إلى أنها عقوبات لم تكن مدعومة بأي سند تشريعي في حينه.
وأضاف عامر أن الأمر تكرر نهاية العام الماضي حين اختارت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ومعها مجلس النواب والكونغرس الرد على نجاحات دمشق في كسر عزلتها العربية والإقليمية بإقرار ما يسمى "قانون مكافحة الكبتاغون في سوريا" والذي صدر كذلك على عجل لدرجة أن آليات تنفيذه ما زالت مبهمة.
وختم المحلل السياسي حديثه لموقعنا بالتأكيد على أن العقوبات الأمريكية على دمشق ستزداد كلما نجحت هذه الأخيرة في فك عزلتها مع الإشارة إلى أن واشنطن قد تجد عقوباتها هذه مجرد حبر على ورق إذا ما قررت الدول العربية والإقليمية المضي قدما في سياسة الانفتاح على دمشق والبحث عن مصالحها الوطنية التي رهنتها طويلاً لمصلحة واشنطن قبل أن تسلك طريق الفشل.