تداعيات محاكمة ترامب.. هل ستكون له أو عليه؟
بعد ساعتين قضاها في محكمة مانهاتن بمدينة نيويورك، قرر القاضي الإفراج عن الرئيس السابق دونالد ترامب على ذمة القضية، بعد ان وجه اليه 34 تهمة جنائية، في حدث تاريخي يحدث لأول مرة لرئيس أميركي حالي أو سابق، وتقرر ان تبدأ محاكمته في يناير/كانون الثاني المقبل.
من الصعب التكهن ما الذي سيحدث من الان حتى موعد المحاكمة، نظرا لشخصية ترامب، رغم ان القاضي حذره من الادلاء بتصريحات يتهم فيها القضاء والشرطة والاجهزة الامنية، ولكن كما كان متوقعا فقد تجاهل ترامب تحذير القاضي بعد خروجه فورا من المحكمة، حيث شن هجوما على الجميع، عندما خاطب وسائل الإعلام وأنصاره من منتجع مارالاجو في فلوريدا، قائلا: ان "البلاد ذاهبة إلى الجحيم.. وإن العالم يضحك علينا"، واصفا التهم الجنائية الموجهة إليه بأنها "خاطئة وذات دوافع سياسية وإهانة لبلدنا". واضاف : ان "الجريمة الوحيدة التي ارتكبتها هي الدفاع بلا خوف عن أمتنا من أولئك الذين يسعون إلى تدميرها".
قيل الكثير عن تداعيات محاكمة ترامب على مستقبله السياسي، وهل ستكون له او عليه؟، ولكن من خلال قراءة سريعة لما حدث بالامس يكشف ان مستقبل ترامب السياسي بات على كف عفريت، فرغم كل محاولاته الظهور بمظهر القوي، الا ان الصورة التي ظهر فيها بعد خروجه من المحكمة كانت صورة لرجل محطم ومحبط ويائس بل ومنهار، الامر الذي يؤكد ان التهم لم تكن بسيطة او ملفقة، كما كان يدعي هو دائما.
رغم محاولة الجمهوريين الظهور بمظهر المتحد وراء ترامب الا ان تصريحات اعضاء كبار في الحزب الجمهوري، يُشم منها رائحة استياء واضح من شخصية وسلوكيات ترامب، وتأثيرها على مستقبل الحزب السياسي، بعد ان اختصر الحزب بشخصه، وهو ما سيورط الحزب في معارك سياسية مع الديمقراطيين، تشغله عن الانتخابات والوصول الى البيت الابيض، وكان السناتور الجمهوري البارز توم رومني واضحا عندما قال:"ان شخصية ترامب وسلوكه يجعلانه غير لائق لمنصب الرئيس".
اللافت ان ترامب وخلافا لما كان يتوقع دخل وخرج من المحكمة، دون ان يرى اي وجود مكثف لانصاره الذي طالما دعاهم لنصرته في هذه الظروف، حيث لم يتجمع الا بعض الاشخاص خارج المحكمة، وهو ما فاجأ الجميع. يبدو انه ورغم كل ما يقال عن ان المحكمة والاتهامات سياسية، الا ان لائحة الاتهامات الطويلة ، ساهمت في وقوع انقسام حتى داخل الحزب الجمهوري وانصار ترامب، وهي تهم سيكون لها تاثيرا سلبيا ليس على حظوظ ترامب الانتخابية فقط بل وحتى على حظوظ الحزب الجمهوري نفسه.
هناك رغبة لدى الجميع، رغم ان البعض يحاول التستر عليها، وهي ان تطوي امريكا صفحة ترامب، فالرجل صلف وارعن ومغرور ومتقلب وصاحب تاريخ متخم بالمشاكل والازمات والفضائح، فهو الرئيس الوحيد الذي تعرض لمحاولتين لعزله، والوحيد الذي كان ومازال يرفض نتائج الانتخابات الرئاسية، ومتهم بجرائم مالية واخلاقية، والوحيد الذي حاول بالحيل والتهديد تغيير نتائج الانتخابات، وحرض انصاره على اقتحام مبنى الكونغرس، وأخفى سجلات سريه ، وحرض ويحرض الامريكيين على بعضهم البعض، ويهدد المجتمع الامريكي بـ"الموت والدمار" ، وهو الوحيد الذي تم حرمانه من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لانه يكذب ويدعو الى الكراهية والعنف والعنصرية.
الحالة المزرية التي وصل اليها ترامب، دفعت اعضاء في الحزب الديمقراطي، الى ان يتمنون بان يبقى ترامب مرشح الحزب الجمهوري، لمعرفتهم ان الرجل فقد الزخم الذي كان يتمتع به شعبيا، وهو زخم فقده ترامب حتى قبل محاكمته، عندما فشل اغلب المرشحين الجمهوريين الذين دعمهم في الانتخابات التكميلية التي جرت مؤخرا، وهو دعم جعل الناخبين ينفرون من مرشحيه، وكان سببا في فشل الحزب الجمهوري بفرض هيمنته على الكونغرس0
.العالم