التفاهمات الخارجية لا تصنع الرئيس فما هو الدور الخارجي؟
ناصر قنديل
– تجري محاولات على الضفة المناوئة لترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية لاستثمار سلبي وعكسي، على المبالغات التي يقع فيها بعض مؤيدي ترشيح فرنجية في الحديث عن تداعيات التفاهم الإيراني السعودي من جهة، والحراك الفرنسي من جهة مقابلة، لتصوير ذلك نهاية المسار الرئاسي للمرشح سليمان فرنجية نحو بعبدا، وجوهر هذا الاستثمار هو تصوير معارضة ترشيح فرنجية كنوع من التمسك بلبننة الرئاسة ورفض الوصاية الخارجية، والاحتماء وراء عنوان سيادي يضع داعمي فرنجية في خانة دعاة وصاية أجنبية على لبنان، ويستعيد خصوم فرنجية واقعة رفض اجتماع بكركي للقيادات المسيحية عام 1989 لرفض ترشيح النائب مخايل الضاهر، ومعادلة الضاهر أو الفوضى، التي جاءت عن لسان المبعوث الأميركي ريتشارد مورفي بعد تفاهمه مع الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد على ترجيح كفة الضاهر كمرشح توافق دولي إقليمي.
– تردّ مصادر مؤيدي ترشيح فرنجية، خصوصاً في ثنائي حزب الله وحركة أمل، أنّ ما يقوم به من يؤيدون ترشيح فرنجية هو السعي لتحييد الخارج رئاسياً، وليس إدخاله الى اللعبة الرئاسية، فالذي جعل الخارج ناخباً، هو الطرف الذي بقيَ سنوات وشهور يقول انّ الفريق المؤيد لترشيح فرنجية، خصوصاً الثنائي، مسؤول عن ما وصفوه بعزلة لبنان العربية والدولية، والقول إنّ لهذا الخارج شروطاً رئاسية لا يمكن تجاهلها حتى لو أنتجت المعادلات البرلمانية الديمقراطية رئيسا من خارجها، فإنّ التجاهل سوف يعني رئيساً يحصد الفشل في ظلّ مقاطعة الخارج له وللحكومة التي تتشكل في عهده، وما يفعله المؤيدون هو الاستثمار على المناخ الدولي والإقليمي ومتغيّراته للقول إنّ انتخاب فرنجية بمعادلة لبنانية داخلية لن يتسبّب بعزلة لبنان.
– واقعياً لا يمكن القول إنّ الرئاسة في لبنان لا تتأثر بالمعطيات الخارجية، كما لا يمكن اختصارها بهذه المعطيات، فتجاهل العناصر الداخلية مثل تجاهل العناصر الخارجية، ينتج الفراغ أو الرئاسة الفاشلة، ولذلك يصبح السؤال المطروح على جبهة مؤيدي ترشيح فرنجية هو أيّ نوع من التفاهمات الخارجية يريدون، والجواب هو أنّ سقف المطلوب من الخارج الذي يريد مساعدة لبنان، وفي المقدمة فرنسا والسعودية، التحرك بين اللبنانيين على قاعدة ثلاثية أركانها، ضرورة الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية، اعتماد الدستور أساساً لتنظيم الخلاف الداخلي حول الرئاسة، ارتضاء المنافسة الديمقراطية الدستورية والاعتراف بنتائجها وشرعية هذه النتائج، والانفتاح على التعامل مع هذه النتائج وفي مقدّمتها المشاركة في الحكومة الأولى بعد انتخاب الرئيس العتيد، والواقع يقول انّ بين مؤيدي ترشيح فرنجية وخصوم ترشيحه، مسافة نيابية رمادية يمكن التنافس ديمقراطياً على كسبها، بين جولة انتخاب وأخرى، وصولاً الى نيل أحد المرشحين 65 صوتاً، في ظلّ مشاركة جميع النواب في الجلسة، وتوقع انعقاد أكثر من جول انتخاب قبل أن يظهر الدخان الأبيض.
– الظاهرتان اللتان يجب أن يلتفت إليهما النظر كتعبير عن نشاز سياسي ووطني، تتمثلان بالحديث عن السعي إلى تعطيل النصاب في لحظة لا حيتمل لبنان فيها أزمة فراغ شبيهة بالتي سبقت انتخاب العماد ميشال عون رئيساً، والسياسة ذكاء التوقيت، وسلاح تعطيل النصاب مشروع لكن مشروط بظروفه، والحديث عن الخروج من النظام السياسي نحو التهديد بالتقسيم وتغيير هيكلية الكيان إذا لم تأت نتائج الانتخابات على هوى بعض الأطراف، والمطلوب من المداخلة الخارجية التي نمت وترعرعت في كنفها القوى التي تردّد مقولات التعطيل والتقسيم، أن تعيد أصحاب هذه المقولات إلى رشدهم السياسي والوطني، لقبول لبننة الرئاسة، لأنّ ما يريده هؤلاء هو تدويل الرئاسة من بوابة التلويح بفرط الصيغة الوطنية، ولا يمانعون من وضع لبنان وليس الرئاسة فقط، تحت الانتداب الدولي، أملا بأن يؤدّي ذلك إلى نوع من الفدرلة الواقعية المدولة، ينالون فيها جزءاً من لبنان طالما استعصى عليهم الحصول على لبنان كله، كما كان دأبهم دائما ولا يزال.