اعتراف غير مسبوق لـ «إسرائيل» أنها في المصيدة…
رنا جهاد العفيف
توتر وتصعيد في الضفة وتل أبيب تعترف «نحن في المصيدة»، ومآلات وتصريحات غير مسبوقة للمساعي الأميركية في ظلّ تسارع الأحداث في الضغة الغربية، لا سيما اعتراف من أعلى هرم في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بأنها تكبّدت ثمناً باهظاً، فما تشخيص أو طبيعة المرحلة التي وصلت إليها في الضفة؟
إذا أردنا أن نتحدّث عن المشهد الفلسطيني اليوم فهو تاريخي ومفصلي، يختلف عن سابقه بطريقة التعاطي مع العدو الإسرائيلي، ولاحظنا ذلك من خلال العمليات الفدائية للجيل الشباب الناهض، الذي ينتقد الحكومات الفلسطينية بالأداء، وهنا نتحدث عن ثورة غضب شعبي بأكمله فما بالكم عن انتفاضة شاملة وموسعة، تهدف للتغيير أقلّ ما يمكن بناء على التضحيات التي يبذلها الشباب الفلسطينيون مروراً بمعركة سيف القدس وصولاً إلى معركة وحدة الساحات، وبالتالي ما حصل في الضفة الغربية هو نموذج عن غزة الصغرى وما يحيطها، لتنتقل بذلك إلى نابلس والمخيم وعقب الجبرا الذي شكل مثلثاً بعنوان رئيسي للمقاومة وما يليه من أحاديث تدور في أزقة جيل الشباب الجديد وعن أسماء الشهداء الذين باتوا اليوم أيقونة للشعب الفلسطيني باستجداء الانفتاح الشعبي الكامل على الأراضي الفلسطينية ومنه وعليه التغيير الكلي ربما، بمعنى آخر نار اللهب المنبثقة من هذا الجيل الصاعد ستكوي كلّ من يتربص للقضية الفلسطينية وتحديداً على صعيد المؤسسات الأمنية الإسرائيلية التي تعاني من صعوبة في التعامل مع المقاومة لأسباب كثيرة تتعلق بالآليات والعمل المختلف عن السابق، لهذه المؤسّسات الأمنية الإسرائيلية بكافة أذرعها تقوم بالتمويل الأميركي مع بحث موضوع الميزانيات المتعلقة بملف الاعتقالات والعمليات، وإلا لما رأينا تعبيراً صارخاً عن رئيس هيئة الأركان للجيش الاحتلال يقول بأنّ الجيش الإسرائيلي تكبّد ثمناً باهظاً نتيجة العمليات الأمنية»،
نفهم من ذلك أنّ المؤسسات العسكرية والأمنية في «إسرائيل» باتت هشة وضعيفة وباتت عبئاً على الولايات المتحدة التي تدعم «إسرائيل» التي تتخبّط أمنياً بسبب كثرة الإنفاق بملايين الدولارات وخصوصاً في مجال تدريب المجموعات الإرهابية على مستوى المنطقة، وبالتالي كان سيناريو حوارة متزامناً مع موقف المؤسسة العسكرية بصدد ما يجري على الأرض، لتأتي الولايات المتحدة بخطاب لافت غير مسبوق يتعلق أيضاً بموقف «إسرائيل» إذ قالت بأنّ أعمال عنف شنيعة عشوائية قام بها المستوطنون في حوارة، مع التنويه للمحاسبة، لا سيما هنا أنّ الموقف الأميركي متناقض ومتلاعب حتى في موازين القوى من خلال تقرير أتهمت حليفتها «إسرائيل» بمساعدة المستوطنين للقيام بهذه العمليات، بحجة هذه الاعتداءات الوحشية نظمت الولايات مؤتمراً في الأردن تحت ذريعة معالجة التوتر والعمل على الحدّ منه، ولكن في الحقيقة هي تبحث عما هو أكبر وأعمق بالهدف والمساعي كي ترسل نظام حفظ الأمان ليتسنّى لها استلام زمام الأمور برئاسة نتنياهو والعمل على التصعيد وليس التخفيف كما تدّعي.
إذن… عندما نشخص الموقف الأميركي الانتهازي وهو يوجه سهام الكلام المباشر لقطعان المستوطنين الذين اعتدوا وأحرقوا المنازل التي بقيت لساعات طويلة دون إخماد النيران، مع تقويض حجم الاعتداءات التي كانت في حوارة، يكون الخطاب الأميركي مدسوساً لأنّ الاعتداءات أتت بعد دقائق، لذا يستوجب علينا طرح السؤال الجدير بذكره وهو ما موقع الموقف الأميركي بالتحديد في هذا الوقت؟ وأيضاً يجب هنا استحضار المثل القائل وهو «يقتلوننا ويقرأون الفاتحة علينا»، وهذا مطابق تماماً لكلا الطرفين الأميركي والإسرائيلي اللذين يحاولان استثمار تداعيات ما تقوم به الأخرى بين قوسين «إسرائيل» تجاه الإقرار الحقيقي بتمويل المسؤوليات على حساب الندّ الأميركي الذي يعبث بأرواق تفعيل النقب والاعتداءات ذاتها التي أدانتها، لذا نرى اليوم أميركا تحمّل المسؤولية للسلطات الإسرائيلية ولكن دون معاقبتها ليتبيّن للآخرين على أنّ موقفها هو محايد للخطوات اللازمة المتعلقة بوضع حدّ لها متأثرة بمآلات المصيدة التي عنونتها صحيفة «يديعوت احرونوت» وتقول إنّ المؤسسة الأمنية تبحث عن سبيل للتعامل مع ما أسمته موجة الهجمات الفلسطينية في الضفة والقدس واريحا، وهم يرون أنّ السلطة الفلسطينية باتت ضعيفة وتفقد عملها، كما أيضاً قالت الصحيفة إنّ الجيل الفلسطيني الشاب يئس من السلطة ومن مؤسساتها ويبني لنفسه حالة وطنية جديدة عرين الأسود. وأضافت أنّ المعيار ليس بكمية النيران في نابلس وجنين فحسب بل أيضاً في حالة الخروج عند الرابعة فجراً، في عز الشتاء والبرد القارص، ما يعني أنّ المعارك مستمرة وسيتوارثها الجيل الفلسطيني كما أنّ للعمليات الفدائية نتائج بالصوت والصورة والقادم جاهز على أهبة الاستعداد وعلى «إسرائيل» أن تنتظر…