مسؤولة ايرانية تتحدث عن كواليس ظاهرة شارلي ايبدو المشؤومة
يتبادر الى الاذهان سؤال كبير او ربما أسئلة متعددة بشأن طبيعة ومهام مجلة شارلي ايبدو الفرنسية المشؤومة المسيئة للقيم الدينية والانسانية، فما هي في الحقيقة دوافع هذه المجلة المشؤومة ومن يقف خلفها سواء في العلن أو الخفاء في فرنسا ؟ واين تقف هذه المجلة المشؤومة بين باقي وسائل الاعلام الفرنسية ؟
تقول المستشارة الثقافية الايرانية في فرنسا الدكتورة "نيلوفر شادمهري" في مقابلة صحفية مع احدى الصحف الايرانية ان هذه المجلة لم يبرز اسمها منذ سنوات بسبب الجدارة المهنية او الابداع او اداء كبار رسامي الكاريكاتير الفرنسيين ، بل بسبب الاساءة للذات الالهية الأقدس والانبياء والمواريث الخالدة للخير والرحمة بين البشر، ولذلك لفتت انظار بعض وسائل الاعلام واشمئز منها الآخرون. ان هذه المجلة المشؤومة وصلت الى حافة الافلاس عدة مرات بسبب عدم اقبال القراء وما جعل اسمها يتردد هو اساءتها لساحة النبي الاعظم صلوات الله وسلامه عليه وآله ، واثارتها لغضب المسلمين وتصدي باقي وسائل الاعلام لها. انها تستخدم اسلوب المهاجمة لثقافة أو لقومية كمنشطات اعلامية لانقاذ نفسها . توجد في فرنسا مجلات هامة في مجال الكاريكاتير والكرتون ويديرها اشخاص اخصائيون يدركون جيدا مسار العمل الفني وان شارلي ايبدو ليست منهم .
وفيما يتعلق بمسابقة الكاريكاتير الاخيرة لهذه المجلة المشؤومة قالت الدكتورة شادمهري : ان هذه حلقة من سلسلة ، واذا دققنا فيها لوحدها فلا تنجلي الحقيقة كاملة ، لقد رأينا ان هذه المجلة وتحت ستار "حرية التعبير" قادت حملة لبث الكراهية ونشر الاستهجان لتكرم الذين يقدمون أكمل وجوه العار . ان الرسوم المسيئة التي اختيرت في هذه المسابقة لا تشبه مسابقة للكاريكاتير وان القسم الاعظم منها حتى لا قيمة لها من حيث الفكرة والتنفيذ الفني، ولا تعكس الاحتجاج السياسي ولا حتى ترسم اختلاف الاذواق بين الاشخاص ، اننا نرى هنا فقط مجموعة من السباب البصري الدنيء والركيك جدا، وبعض الرسامين لم يجراوا حتى على ذكر اسمائهم، ان حملة هذه المسابقة كانت دولية وادعت المجلة ان 300 رسم ارسلت لها ، وكما نعلم البعض منهم يشارك بعدة رسوم في مثل هذه المسابقات.
ان حجم عدم المشاركة يتوضح عندما نقارن هذه الحملة مع حملة أخرى جرت في ايران وارسلت 1700 رسم الى القائمين على مسابقة عالمية للرسوم الكاريكاتيرية، وسط تعاظم حالة ايرانفوبيا ومعاداة ايران والتخويف في المشاركة بكل ما له صلة بايران. ان الكاريكاتير مجال فني تماما كباقي المجالات الثقافية والفنية. ومن اجل دراسة أعمق لما يحصل نحن قمنا بالاستعانة باخصائيي الكاريكاتير، ما وجدناه هو انه ليس فقط قامت المجلة باختيار رسوم ضعيفة جدا من حيث الاداء الفني بل ان الخطوط واسلوب الرسم اظهر بأن شخصا واحدا قد ارسل عدة رسوم وان معظم المشاركين لم يكونوا اوروبيين بل ايرانيين مناوئين للثورة الاسلامية او لاجئين او يسكنون في اميركا واوروبا ، واستقر رأي الاخصائيين بشأن بعض هؤلاء الاشخاص على ان بعض الرسوم رسمت حسب الطلب.
وحول الحالة المسماة " سيادة الاعلام" في فرنسا وكيفية دخول مجلة مغمورة الى هذه الساحة والاساءة الى الاديان والشعوب الاخرى وتمتعها بدعم رسمي من الحكومة والاجهزة الحكومية في فرنسا قالت المستشارة الثقافية الايرانية في فرنسا، ان هذه الظاهرة يجب ان تخضع لدراسة ومراجعة جدية من ناحية علم الاجتماع الاعلامي، انها قضية تستحق التأمل بدقة ان يكون هناك وسط اعلامي يسمح بظهور مثل هذه الظواهر المنحطة، داخل مجتمع بقي فيه الكثير من المواطنين على فطرتهم السليمة ولا يبدي جزء كبير من الرأي العام رغبة في تقبل ما يتعارض مع فطرتهم، هنا و بذريعة حرية التعبير تتكرر الاساءة والشتم لـ "كل من هو غيرنا" ويتم ازالة القبح عن ذلك وترويجه، ان حرية التعبير هذا يبدو انها اصبحت قبل كل شيء أداة لبث الكراهية والاساءة لقيم الشعوب وآدابهم ، وأداة لتحريض الثقافات على بعضها البعض، لكن هنا اذا ذكّر البعض "بعري الملك" وعدم ارتدائه للملابس فانه يجابه بالتحقير والتهديد.
انا اعتقد بأن فرنسا اصبحت بنفسها ضحية للشعارات والمصطلحات التي صنعتها، فهي عبارات اطلقت فرنسا لها العنان والان باتت هي ايضا عاجزة عن ترويضها. ان الانسان يقبل فطريا بضرورة وجود اطار لأي نوع من الحريات، سواء في السلوك او في البيان ، يكفينا علما بأن رسما كاريكاتيريا نشر في عام 2021 في مدينة تولون الفرنسية عن الرئيس الفرنسي الذي قدم شكوى بشأن الكاريكاتير ، وقد كتب رسام الكاريكاتير عن ايمانويل ماكرون "لقد ابلغت بوجوب مراجعة مقر شرطة تولون بسبب شكوى رئيس الجمهورية، في عالم ماكرون يمكن السخرية من نبي واطلاق اسم الفكاهة على ذلك، لكن عرض صورة لرئيس الجمهورية بالمكياج يعتبر اهانة للمقدسات ! هذا يكفي لفهم الحقيقة".
واضافت الدكتورة شادمهري : ان الصورة التي تريد تريد بعض المجتمعات ترسيخها عن حرية التعبير هي شبيهة بالدعوة الى الهجوم على باقي البشر وهذا سيؤدي للاسف الى تراجع القيم الثقافية . لكن الترخيص لهذه المبارزة الورقية والسعي بقوة لتشويه الثقافة الفرنسية امام شعوب الدول الشرقية التي هي مهبط النور والشمس ، على يد هذه الحكومة مدعاة للحيرة والتامل. ان هذه الخطوة ليست مبنية على التحدي والنظرة الانتقادية بل تشبه الارهاب البصري قبل كل شيء. في وقت تخلو الثقافة الزاخرة والمتجذرة للشعب الايراني العظيم من أي نموذج مماثلة حتى في الازمان البعيدة عن هذه الحملة والظاهرة المشؤومة في فرنسا . ان افراد شعبنا العظيم يتعلمون منذ الصغر (( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّه ِ فَيَسُبُّوا اللّه َ عَدْوا بِغَيرِ عِلْمٍ )) ، ويمكن الوقوف على الغنى الثقافي لكل شعب في مثل هذه المواقف ، عندما تتجلى معتقداتهم في سلوكهم، وحسب تربية آبائهم وعوائلهم الطاهرة، بعيدا عن الصخب الاعلامي، الآن سيظهر كل شعب مدى استعداده للتفريط بالشرف وتحطيم آداب الانسانية، وبأي ثمن ؟
وردا على سؤال حول ذهاب فرنسا بعيدا في معاداة ايران خلال احداث الشغب الاخيرة التي حدثت في ايران والربط بين ذلك وبين رسوم مجلة شارلي ايبدة المشؤومة الاخيرة قالت المستشارة الثقافية الايرانية في فرنسا : للأسف ، ان فرنسا دخلت على الخط منذ اليوم الاول لاحداث الشغب ، والحملات التحريضية للمسؤولين الفرنسيين تعددت وبثت برامج اذاعية وتلفزيونية وتوسع البث بشدة خلال 3 شهور سعيا لابقاء شعلة الاضطرابات في ايران التي كانت تتراجع في ايران. لقد شنت وسائل الاعلام خلال الشهور الثلاثة الماضية هجوما على اذهان المخاطبين الاوروبيين لافهامهم بأن ايران هي دولة تستحق الاهانة والاساءة وهذه الحملة لشن الهجوم الناعم على ايران مازالت مستمرة . ولذلك فان ما قامت به مجلة شارلي ايبدو المشؤومة هي بمثابة اعطاء شارة الهجوم بعد تهيئة الاذهان لمدة 3 شهور لكن هذا الايعاز جوبه بعدم الاقبال وهذا يعني الكثير من الامور ، ان هذه السلسلة التي اشرنا اليها، وشارلي ايبدو ومسابقتها هي مجرد حلقة في تلك السلسلة.