kayhan.ir

رمز الخبر: 163579
تأريخ النشر : 2023January11 - 20:29

إلى دولة الرئيس نجيب ميقاتي

 

ناصر قنديل

– بكل احترام ومحبة أخاطبك يا دولة الرئيس بعدما قرأت كتابك إلى النيابة العامة المالية، طلباً للتحقيق في ملفات تلزيم وعقود شركة ليبان بوست، مقدّما الأسباب الموجبة للطلب عبر القول «يتبيّن أنّه في كلّ مرّة وفي كلّ مُناسبة يُطرح فيها موضوع يتعلّق بـ «شركة بريد لبنان» المُناط بها تقديم الخدمات البريديّة لصالح الدولة اللبنانية، تَنبري بعض المنابر الإعلاميّة للتصويب على الشّركة وعلينا بحجّة أنّها مَملوكة من قبلنا، وكان آخرها بمُناسبة صدور قرار عن مجلس الوزراء بالموافقة على تكليف وتفويض وزير الاتصالات التوقيع على عقد مُخالصة وإبراء ذمّة مع هذه الشركة».

– على الصعيد الشخصي والمهني، وبالنسبة لصحيفة «البناء»، لسنا طرفاً في أي حملات مشابهة، ولم ولن نكون من جماعة الشعبوية بتوجيه اتهامات الفساد وشبهات الإثراء غير المشروع، وقد يكون كلامكم عن حملات التجني في مكانه، علماً أن الناس لا تثق بالتحقيقات التي تجري في مثل هذه الحالات ولا تعتبر ما ينتج عنها جواباً شافياً لتبرئة ذمة المسؤول من أي شبهة صرف نفوذ، خاصة عندما يأتي التحقيق بطلب من المسؤول وهو في أعلى هرم السلطة، ودولتك اليوم بغياب رئيس الجمهورية رأس السلطة التنفيذية.

– في عام 2002 حدث نقاش مشابه بيني وبين الرئيس الشهيد رفيق الحريري حول ما يطاله من سهام تحت عناوين مشابهة، وكان يسأل عن كيفية مواجهة هذه الحالة، ويشير الى أن أياديه البيضاء مع اللبنانيين من مختلف الطوائف والمناطق، يفترض أن تشكل رادعا لمجرد التفكير بأنه يهدف لتحقيق الأرباح من أي عمل في لبنان، وكان موقفي الذي أعيده أمامكم دولة الرئيس بمحبة واحترام، أن المسؤول عندما يتولى المسؤولية العامة وهو من رجال الأعمال، مطالب بتطبيق مبدأ التمانع. وهذا مبدأ قانوني عام، يقول بتمانع الجمع بين المسؤولية عن المصلحة العامة والاحتفاظ بمصالح خاصة تحت مظلتها، وأن المثالي هو أن يقدم رجل الأعمال الذي يمارس الشأن العام في بلده على الخروج من أسواقها بالمطلق. وإذا تعذر ذلك يلتزم على الأقل بعدم حصول الشركات التي يملك فيها أسهماً، وامتناع قرابات الدرجة الأولى والثانية من عائلته عن التقدم لأي مشروع لدى الدولة، تعهداً أو استثماراً أو تعاقداً، فسألني ماذا لو كان وكيلا تجاريا لماركة عالمية تنتج ما لا غنى للدولة عنه، مثل برامج كمبيوتر، فقلت في هذه الحالة يفعل ما يفعله المسؤولون في الدول الاسكندنافية، حيث يطلبون من القضاء تعيين مدير مؤقت للشركة خلال توليهم المسؤولية يلتزم خلالها بعدم القيام بأي عمل مع الدولة وفي الأسواق يتعدّى الأعمال الروتينية أو تنفيذ العقود السابقة، وينقطع ومثله قرابات الدرجتين الأولى والثانية من عائلته عن أي صلة بالشركة لحين مغادرته موقع المسؤولية.

– يومها وبعد النقاش، قلت للرئيس الحريري أنني سوف أضيف فقرة عن التمانع في خطابي لمناقشة الموازنة العامة للدولة أمام مجلس النواب، فقال لي وأنا سأناقش مع الوزير السنيورة والعائلة ما قلته أمامي، واعتقد أن الرئيس السنيورة الذي اثنى على ما ورد في كلمتي أمام مجلس النواب حول الموازنة، يمكن أن تنعش ذاكرته هذه المقالة حول هذا الأمر، وأذكر أنه بعد أسابيع اتخذ الرئيس الحريري قرارات هامة بهذا الاتجاه، خصوصاً بما يتصل بصلة أقارب له بشركة من شركتي الخليوي.

– دولة الرئيس ما يحتاج إلى تعديل هو نهج التعامل من قبل المسؤول العام مع مصالحه الخاصة، عندما يتولى المسؤولية العامة، وأنتم وعائلتكم قد أنعم الله عليكم بما يغنيكم عن العمل في لبنان، ومنذ تملككم حصصاً في شركة من شركات الخليوي تجمعون بين المسؤولية العامة وتولي مصالح خاصة طرفها الثاني هو الدولة، وتتجه نحوكم إشارات التساؤل أو ما تعتبرونه سهام التجريح، لكن الجواب كان وهو اليوم باعتماد مبدأ التمانع، الذي نأمل أن يأتي يوم ويصبح قانوناً ملزماً لكل من يتولى الشأن العام في لبنان.