الاحتلال الإسرائيلي.. محاولة خنق الفلسطينيين حتى إعلامياً
دائماً ما تكون الحقيقة موجعة لكيان الاحتلال وداعيمه وخصوصاً عندما يوضعون أمام مرآة عملهم فتكشف عورتهم وتفضح جرائمهم.. رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي يائير لابيد، واصل انتقاداته لتصريحات الرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التي اتهم فيها إسرائيل بارتكاب محرقة هولوكوست بحق الفلسطينيين.
وأشار لابيد إلى أن اتهام عباس إسرائيل بارتكاب 50 محرقة أثناء وقوفه على التراب الألماني ليس عاراً أخلاقيا فحسب بل كذبة وحشية على حد تعبيره. وأضاف إن قُتل ستة ملايين يهودي في الهولوكوست من بينهم مليون ونصف المليون طفل يهودي التاريخ لن يغفر له أبداً. وأتى هذا التصريح رداً على عباس الذي قال إن كيان الاحتلال ارتكب منذ عام 1947 حتى اليوم 50 مجزرة في 50 موقعاً فلسطينياً. معتبراً أن الـ50 مجزرة 50 هولوكوستاً. وبقي عباس مُصراً على كلامه رغم أن أحد الصحفيين سأله هل سيعتذر لإسرائيل بمناسبة الذكرى السنوية الخمسين للهجوم الفلسطيني على البعثة الرياضية الإسرائيلية في أولمبياد ميونخ 1972، فرد عباس قائلاً إن هناك يومياً قتلى يسقطهم الجيش الإسرائيلي، ولا يجب النبش في الماضي.
تصريحات عباس كانت خلال زيارته إلى برلين وفي مؤتمر صحفي إلى جانب المستشار الألماني أولاف شولتس، الذي انتقد عباس علناً قبل ذلك لأن عباس وصف السياسة الإسرائيلية بأنها نظام أبارتايد (فصل عنصري). وبالتالي أظهر المستشار الألماني الصورة الحقيقية للغرب الذي يدعي وقوفه إلى جانب الفلسطينيين لكنه في الحقيقة يقف إلى جانب الجلاد وليس مع الشعب الفلسطيني، فإذا كانت سياسات كيان الاحتلال ليس بسياسات الفصل العنصري فمن ستكون سياساته كذلك؟ الاحتلال الذي يقتل ويقمع ويعتقل ويغيب ويطرد ويشرد ويهدم المنازل وينتهك الحرمات الدينية ليس بنظام فصل عنصري، فكيف تكون سياسات الفصل العنصري من وجهة النظر الغربية؟ وبالتالي الغرب يثبت يوماً بعد الآخر أنه شريك حقيقي في اضطهاد الشعب الفلسطيني وعنصر أساسي في سياسات الفصل العنصري التي يمارسها كيان الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.
تصريحات لابيد لا يمكن تناولها بصورة واحدة بل يجب أن تُقسّم وتفصل ويرد على كل جزء منها على حدة، أولاً إنسانياً، دينياً واجتماعياً كل جريمة قتل مدانة ومرفوضة حسب جميع الشرائع الدينية أو الإنسانية، وبالتالي الهولوكوست مرفوضة ومدانة. ثانياً الرقم الذي سرده لابيد ويقوله الاحتلال الإسرائيلي بأن من ذهبوا في هذه المحرقة ستة ملايين يهودي يشكك فيه وليس نحن من نشكك أو الفلسطينيين، بل إن الغرب نفسه يشكك ويعتبر أن الرقم مبالغ فيه وبالتالي كلام لابيد يحتاج لتدقيق ووثائق من جهة ثالثة تكون حيادية، ثم من قال إن ضحايا الهولوكوست كانوا يهودا فقط؟ فقد كان بينهم مسلمون ومسيحيون من أعداء نظام هتلر وبالتالي سردية أنهم كانوا من اليهود فقط هي سردية ضعيفة، لأنه صحيح أن اليهود كانوا نسبة كبيرة منهم، ولكن هناك أعراق أُخرى كانت ضحية هذه المحرقة مثل المسيحيين الأفارقة أو الشيوعيين من انصار الاتحاد السوفيتي أو المسلمين الألبان الرافضين لسياسات هتلر وغيرهم، وبالتالي السردية الإسرائيلية بخصوص المحرقة في حد ذاتها غير واقعية.
كيان الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مئات المجازر وليس خمسين مجزرة فقط كما قال عباس، وآخرها كان قتله للأطفال والنساء في قطاع غزّة قبل عدة أيام في عدوانه الآخير، ثم إن سياساته في اضطهاد الفلسطينيين واعتقاله الوحشي لهم وفرضه عليهم سنوات طويلة من السجن أليست أمور تشبه ما كان يفعله النظام النازي ضد معارضيه والرافضين له؟ سياسة الاعتقال الإداري أليست من السياسات الوحشية ضد الفلسطينيين؟ الاعتقال الإداري هو الاعتقال الذي يصدر من كيان الاحتلال بحق أي شخص فلسطيني دون توجيه تهمة معينة أو لائحة اتهام حيث يكون بناء على ملفات سرية إستخبارية أو بسبب عدم وجود أو لنقص الأدلة ضد متهم ما، وهذا الاعتقال هو أمر مزاجي فإذا وجد ضابط المخابرات أن هذا الشخص يشكل خطراً على كيان الاحتلال فإنه يعتقله إداريا لعشرات السنوات دون إبداء الأسباب، أليس هذا الامر هولوكوست بحق الشباب الفلسطيني، الذي كل شخص منهم معرض لانتزاع حريته على اتفه الامور؟ أن قطع الفلسطيني إشارة المرور ربما يتعرض لهذا الاعتقال.
كيان الاحتلال يتّبع مع الفلسطينيين سياسة الغابة ويريد أن يعتقلهم ويقتلهم ويشردهم ولا يريدهم أن يتحدثوا أو يعبر أحد عن دعمهم، فإن ارتفع صوت الضحية على الفور يقوم بالإجهاز عليها برفقة حلفائه الغربيين ليبقى هو وحده من يتسيد الصورة، لكن البندقية الفلسطينية لا تزال تقف أمام هذه السياسات وكسرت عنجهية كيان الاحتلال.
الوقت-