الإمام الهادي عليه السلام ومحاربة التيارات المنحرفة
ستحل على المسلمين غدا الجمعة ذكرى ولادة الإمام علي بن محمد الهادي النقي عليه السلام عاشر الأئمة الطيبين الأطهار عليهم آلاف التحية والسلام. وولد الإمام الهادي النقي عليه السلام عام 212 للهجرة في المدينة المنورة وتولى منصب الإمامة بعد استشهاد أبيه الإمام محمد بن علي التقي الجواد عليه السلام. وكان الإمام النقي عليه السلام يعقد اجتماعات يحضرها عدد كبير من العلماء وعامة الناس يجيب فيها على أسئلتهم حول مختلف القضايا الدينية والفكرية والمجتمعية. في هذا المقال نلقي نظرة على منهج محاربة الإمام التيارات المنحرفة.
في الجانب الثقافي وفي العصر الذي كان يعيش الإمام عليه السلام، كانت مختلف الأفكار منتشرة بين المسلمين، إذ كانت تهدد الإسلام الأصيل، فإنها كانت أفكار وآراء منحرفة تستهدف أساس الإسلام، ومع ان الإمام الهادي عليه السلام كان تحت مراقبة شديدة وصارمة، وكانت كل علاقاته وأعمالها تخضع للمراقبة، لكنه كان يتولى مهمة توجيه المجتمع ومواجهة الانحرافات والأزمات.
ان الأفكار المنحرفة التي كانت تدخل من خارج الإسلام، من جهة، وبعض الفرق المنحرفة التي كانت تظهر في صفوف الشيعة، من جهة أخرى، تجعل الأمور صعبة، فرق مثل الغلاة والمفوضة و.. التي كانت تدخل انحرافاً في الدين، ويصبح من الضروري ان يواجه الإمام تلك الأفكار والفرق والظروف، فان أهم ما قام به الإمام الهادي عليه السلام في تلك الفترة تجلى في هداية المجتمع وإنقاذه من الأزمات، أي إنقاذ المجتمع من الانحرافات العقائدية التي انتشرت بين المسلمين وخاصة الشيعة منهم.
ويأتي انحراف الجبر والتفويض من ضمن تلك القضايا الانحرافية، إذ تعد قضية الجبر والتفويض من القضايا التي تطرح في القضايا الكلامية، إذ كان البعض يتبنى الجبر وآخرون يتبنون التفويض، أرسل شخص من أتباع أهل البيت عليهم السلام رسالة إلى الإمام حول هذا الأمر وطلب منه الحل، وأشار الإمام في البداية إلى الثقلين كمقدمة، ثم قدم التمسك بالثقلين كونه حل أساسي في المجتمع وحل للمشاكل، واستناداً إلى أحاديث الأئمة وخاصة الإمام الصادق عليهم السلام، قال: لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين.
وقد اعتبر الإمام عليه السلام بان إتباع أوامر الله أو عدم الانصياع لها، يعود إلى البشر، وقد رد على تلك القضية بهذا الأسلوب، وقدم الحل، وان سمة الإمام في الرد هي انه يبين ويوضح الانحراف بشكل كامل، ويقدم تعريفاً له، ثم ينتقل إلى الحل والطريق الصحيح، ويوضحه، إضافة إلى هذا كان هناك قسم من المنحرفين فكرياً في عصر الإمام الهادي عليه السلام، وهم الغلاة، فرقة شوهت صورة الشيعة وأهل البيت عليهم السلام، إذ حاربها الأئمة عليهم السلام، هذا وان قضية الغلو لا تختص بالمسلمين دون غيرهم، إذ توجد فرق الغلاة بين المسيحية والأديان الأخرى.
حارب الإمام الهادي عليه السلام بشكل صريح وبصرامة الغلاة وأفكارهم، وقال رداً على من كان يخبره بأمرهم، بأنهم ليسوا من الشيعة، فابتعدوا عنهم، وفي مكان آخر قام بلعنهم بصريح العبارة، إضافة إلى هذا هناك فرق المشبهة والمجسمة، إذ كانت من الفرق التي خلقت انحرافات وحاربها الإمام الهادي عليه السلام بشدة، كما حارب فرقة أخرى وهي الصوفية، وأمر الشيعة بالابتعاد عنهم. أما التيار الفكري المنحرف الآخر الذي ظهر في تلك الفترة، وبدأ بالتكوين منذ عهد المأمون واستمر حتى عصر الإمام الهادي عليه السلام فهو تيار عرف بمحنة خلق القرآن، إذ كان يقول بان القرآن مخلوق.
فيما يتعلق بالغلاة فالمقصود هو من يغلو في الدين، وان الجانب العقائدي لهذه القضية هو ما يثير الاهتمام، وهذه القضية تظهر عند أهل البيت عليهم السلام، ذلك أنهم كانوا يتسمون بسمات بارزة فهناك من اتخذ الغلو سبيلاً عند الاعتقاد بتلك السمات. هذا وقد اتخذ الإمام أساليب مختلفة لمواجهتهم، منها تعزيز مكانة وكلاءه والاستخفاف بالغلاة أي عدم الاهتمام بهم، إضافة إلى هذا كان الإمام يطردهم من أتباعه أو حتى يقوم بلعنهم.
نبارك للامة الاسلامية جمعاء ذكرى ولادة العاشر من أئمة الهداية والمحارب للافكار الضالة والمنحرفة الامام الباقر (ع)