kayhan.ir

رمز الخبر: 148912
تأريخ النشر : 2022April12 - 20:45

الهدنة وتفكّك الحصار على اليمن ثمرة المقاومة

 

غالب قنديل 

تداعى الحصار وتفكّك، بينما ترنّح العدوان في حاصل ظاهر وموثوق لملحمة الصمود والمقاومة اليمنية المستمرة، والتي تفرض التحولات وتشقّ المسارات الجديدة في تطور الأحداث، وتراكم الوقائع وآخرها ما أحدثته من تغيير في مسار الصراع بفرض هدنة شهرين، يرجّح المحللون تمديدها.

كان لافتا ما عرضه في مقالة له الكاتب الأميركي بروس ريدل، المحلل السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، المتخصص حالياً بالشأن الخليجي في “معهد بروكينغز”، والذي تناول مسار الحرب اليمنية وارتداداتها. وقد تضمّن معلومات ووقائع مهمة للغاية في فهم خلفيات وتداعيات الأحداث.

أكد ريدل أن: “المعارضة التي اتّسعت داخل “الكابيتول هيل” مطالبة بوقف المساعدات الأميركية للمملكة كان لها صدى قوياً في الرياض، ويبدو أيضاً أنها ساعدت في قرار وقف إطلاق النار الجاري حالياً. وقد كان لرفض الرئيس الأميركي جو بايدن التعامل مع ولي العهد الأمير السعودي أثره الكبير على النظام السعودي أكثر مما يُصوّر في كثير من الأحيان؛ الأمير بن سلمان مهندس الحرب الكارثية في اليمن”. وهو يدعو للثبات على القرار الأميركي لمصلحة الجانبين، ولاسيما النظام السعودي.

 يوضح الكاتب أن قرار وقف إطلاق النار لا يمنع أنصار الله من حيازة الصواريخ والطائرات المسيرة، التي استخدموها لقصف أهداف اقتصادية وعسكرية ومنشآت النفط في المنطقة. وهو اعتراف عملي بطبيعة ميزان القوى، ومَن هي الجهة صاحبة اليد العليا برسم معادلات التسوية المحتملة، واستمرار تزوّد انصار الله بأدوات الردع، التي اختُبِرت في المعارك، سيجدّد تفوقهم، ويحصّن تأثيره على الفصول التفاوضية والسياسية اللاحقة.

يقرّر الكاتب: “لقد قبل السعوديون متأخرين بحقيقة أنهم لا يستطيعون منع الهجمات التي يتعرضون لها، واقتنعوا أنهم يقوّضون ثقة المستثمرين في المملكة. وكان الإماراتيون قد توصلوا إلى الاستنتاج نفسه في وقت سابق من هذا العام”.

كما استنتج بأن إيران مستفيدة من الهدنة، مما يناقض مزاعمه، التي يحاول رتقها بالقول: “إن ايران نجحت في تثبيت موطئ قدم لها في شبه الجزيرة العربية يطلّ على مضيق باب المندب الاستراتيجي، الواقع بين البحر الأحمر والمحيط الهندي”.

من اعترافاته المهمة والمفيدة سياسيا عبارة تضمنت إقرارا جاء فيه “الحوثيون يديرون مخططاتهم إلى حدّ ما باستقلالية عن طهران” وهي إشارة تنقض الرواية السعودية المزعومة،  بقدر ما توضح فاعلية الصمود اليمني وتأثيره في مسار الأحداث والتداعيات.

الفصام المتأصّل في المنطق الأميركي السعودي ينبئ بحالة عجز وارتباك عميقة الجذور، ولا فكاك منها، وهي تحتّم التدحرج في منزلق الفشل المبرم والانهزام الفاضح الذي لا تخفّف من أثره السياسي والميداني شتى المحاولات الخائبة والمكابرة المهزوزة أمام الحقائق العنيدة والراسخة.

كما في  سائر ملاحم التحرر نستقرئ انتصارا يمنيا ساطعا، قادما لامحالة، مهما استعار المعتدون من المساحيق وأقنعة التخفّي والتحايل، فالهدنة هي أولى إشارات العجز عن مواصلة العدوان. وقد فرضتها تغييرات جوهرية في التوازن الفعلي للقوى، عسكريا وسياسيا، والذي يعزّز فرص اقتراب خاتمة تكرّس انتصار اليمن.

إنه تحول تاريخي قادم بيقين تضحيات ودماء، وبرشاد وحكمة ظاهرين لقيادة ثورية تحرّرية، راكمت التغيير الحاصل في ميزان القوى، بأفق انتصار، سيأتي يقينا، مهما تأخّر الاعتراف الصريح بهزيمة حلف العدوان الأميركي السعودي، فالوقائع أبلغ من المزاعم، ومن يتأمّل ويدرس يفهم ويدرك.