بالارقام: آثار الحرب الروسية - الأوكرانية على اقتصاد أوروبا والعالم
د. محمود جباعي
تستمر غالبية دول الاتحاد الأوروبي ومعها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأخرى كاليابان وكوريا الجنوبية واستراليا بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية وغير الاقتصادية على روسيا لإجبارها على وقف الحرب على أوكرانيا التي وقعت ضحية لسياسات هذه الدول. إلا أن هذه العقوبات غير المسبوقة في التاريخ على أي بلد لن تمر هذه المرة دون الاضرار أيضًا بالدول التي وضعتها لتشكل سابقة تاريخية مفهومها أن من فرض عقوبات في الأمس سيكتوي بنارها اليوم والغد بصورة أكبر من تأثيرها على الدولة المعاقبة.
الواضح أن الحرب الروسية الاوكرانية ستؤدي الى خلخلة ضخمة وقوية في الاقتصاد الدولي ستستمر لفترة زمنية طويلة في عدة مجالات أساسية أبرزها:
1- حصول تأثير كبير على كمية العرض في سوق الطاقة من نفط وغاز، خاصةً أن دول الاتحاد الأوروبي تستورد من روسيا حوالي 25% من احتياجاتها النفطية وأكثر من 40% من احتياجاتها من الغاز مما ساهم اليوم في تضاعف أسعار المحروقات في معظم دول أوروبا حيث وصل سعر صفيحة البنزين اليوم الى حدود الـ 50 دولارًا تقريبًا وكذلك تضاعفت أسعار الغاز الذي يستخدم في مجالات متعددة ومختلفة.
2- تأثير كبير أيضًا في سوق المواد الغذائية وخاصةً القمح والشعير والذرة والحبوب حيث تحتل روسيا المرتبة الأولى في تصدير القمح بمعدل 18% من مجمل الصادرات العالمية للقمح، كذلك تحتل أوكرانيا المركز الرابع عالميًا في هذا المجال بمعدل 11% من مجمل الصادرات العالمية علمًا أن انتاج روسيا وحدها من القمح وصل عام 2021 الى حدود 86 مليون طن.
3- ارتفاع أسعار الأسمدة والكيماويات والمعادن حيث تعتبر روسيا من أبرز المنتجين لهذه المواد على الصعيد العالمي مما سيؤثر على أسعارها وزيادة منسوب التضخم عالميًا.
4- خروج روسيا من نظام السويفت المالي سيساهم في حصول بطء شديد في عمليات الاستيراد عالميًا مما سيساهم في المزيد من ارتفاع أسعار السلع في أوروبا التي من المتوقع أن ترتفع فيها معدلات التضخم الى أرقام قياسية.
5- من المتوقع حصول تباطؤ في معدلات النمو في معظم الدول الأوروبية حيث تشير الدراسات الى أن الناتج المحلي الاجمالي العالمي سيتراجع بنسبة 1% أي ما يعادل تريليون دولار مبدئيًا وهذا الرقم مرشح للارتفاع الى 2% أي ما يعادل تريليوني دولار كما من الممكن أن يرتفع أكثر وفقًا لمدة الحرب ومدى العقوبات المشتركة بين روسيا والدول الغربية.
الخلاصة
ما تقدم هو جزء من التأثيرات العالمية التي ستطال كل الدول الفارضة للعقوبات انفسها وخاصةً أن أسعار المحروقات والطاقة بدأت بالارتفاع بشكل جنوني في كل من أوروبا والولايات المتحدة الأميركية التي بدأت تتأثر بشكل مباشر وتكتوي بنار تضخم الأسعار حيث تضاعفت تقريبًا أسعار المحروقات لديها ما دفع الولايات المتحدة الاميركية الى العمل على ايجاد بدائل سريعة من خلال تخفيض العقوبات المفروضة على فنزويلا، إلا أن كل هذا لن يعفيها هي وشركاءها الاوروبيين من دفع ثمن سياساتهم هذه المرة لأنه من الواضح أن الحكومة الروسية كانت مستعدة بشكل كبير لكسر الهيمنة في شتى المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية أيضًا.