منتخب تونس.. قوي الإرادة "لم يتهيّب صعود الجبال"
منتخب تونس واجه حتى الآن ما لم يواجهه أي منتخب في بطولة أمم أفريقيا الحالية، لكنه رغم ذلك تأهل إلى ربع النهائي بإطاحته منتخب نيجيريا. انتصر منتخب "نسور قرطاج" بإرادته قبل أي شيء آخر.
ولم يكن عادياً ما واجهه منتخب تونس في بطولة أمم أفريقيا الحالية حتى مباراة أمس أمام منتخب نيجيريا في دور الـ16. يمكن القول، دون مبالغة، أن الصعوبات التي عرفها منتخب "نسو قرطاج" لم يعرفها أي منتخب غيره في البطولة التي تستضيفها الكاميرون.
بدءاً من المباراة الأولى أمام مالي أو "المباراة الفضيحة" عندما تعرض منتخب تونس لظلم كبير بالقرارات التحكيمية وخسر بنتيجة 0-1، رغم أنه كان بإمكانه التعادل بعد أن أكمل منتخب مالي المباراة بعشرة لاعبين، وذلك لو لُعبت دقائق المباراة كاملة، فضلاً عن الوقت الإضافي، كما أن لاعب منتخب تونس وهبي الخزري أضاع ركلة جزاء.
ان ما حدث في تلك المباراة، وخصوصاً أنها الأولى لمنتخب تونس في البطولة، ترك أثراً كبيراً لديه، لكن عزيمته كانت أقوى لتخطي الصعوبات التي واجهته مبكراً.
هذا ما تأكد في المباراة الثانية أمام منتخب موريتانيا عندما انتصر منتخب تونس أولاً على ما واجهه من ظلم في المباراة الأولى، ثم ثانياً على المنافس ليفوز بنتيجة 4-0.
ولكن الصعوبات لم تنته. جاءت إصابة 12 لاعباً في صفوف منتخب تونس بفيروس كورونا وبينهم النجوم علي معلول وغيلان الشعلالي والخزري قبل المباراة الثالثة أمام غامبيا، ليبقى في التشكيلة 16 لاعباً من 28 لاعباً مسجلاً في البطولة.
وقد خسر منتخب تونس المباراة في الدقيقة 90+3 وأضاع ركلة جزاء للمباراة الثالثة على التوالي، لكنه كان قد حسم التأهل إلى دور الـ16 بين أفضل 4 منتخبات في المركز الثالث، وذلك بحسب نتائج باقي المجموعات.
ولكن كان لتأهل منتخب تونس من المركز الثالث "ضريبة" يجب عليه أن يدفعها، وذلك من خلال مواجهة منتخب نيجيريا القوي والذي كان قدّم الأداء والنتائج الأفضل في البطولة باعتباره المنتخب الوحيد الذي فاز بجميع مبارياته في دور المجموعات وبينها تفوقه على منتخب مصر بقيادة نجمه محمد صلاح أداءً ونتيجة، كما أن منتخب تونس لم يفز على منتخب نيجيريا في أمم أفريقيا منذ عام 2004 عندما توج بلقبه الوحيد في البطولة.
لكن هذا لم يكن كل شيء، إذ بالإضافة إلى كل ما واجهه منتخب "نسور قرطاج" سابقاً وقوة المنافس النيجيري في دور الـ16 والذي كان مرشحاً بالنسبة لكثيرين للفوز، فإن مدرب منتخب تونس، منذر الكبيّر، انضم بدوره إلى قائمة المصابين بفيروس كورونا، بالإضافة إلى عدد من أعضاء الفريقَين الفني والطبي في المنتخب، ليغيب بالتالي عن المباراة.
وأمام كل هذه الصعوبات، كان يمكن لأي منتخب أن تضعف معنوياته وثقته بنفسه، لكن منتخب "نسور قرطاج" كان غير ذلك تماماً في المباراة أمام نيجيريا. أظهر شخصية قوية وروحاً قتالية عالية رغم معرفته بقوة المنافس، حيث لعب كمجموعة واحدة وبـ "قلب واحد"، وليسجل له نجمه يوسف المساكني هدفاً رائعاً قاده للتأهل إلى ربع النهائي.
يقول الشاعر التونسي، أبو القاسم الشابي، في قصيدته الشهيرة "إرادة الحياة": ومن يتهيّب صعود الجبال/ يعشْ أبد الدهر بين الحفر. منتخب تونس انتصر بإرادته أولاً قبل أي شيء آخر. لم يتهيّب كل الصعوبات التي واجهته، كما لم يتهيّب منتخب نيجيريا القوي. بالأمس، كان منتخب تونس يؤكد ذلك، ويواصل المشوار.