المس بنهج سليماني (النبأ الظلماني) تطبيقا
حسين شريعتمداري
1 ـ قيل لا جدال في الامثال وحقاً ما قالوا، اذ للمثل شبه بالواقع الذي يعنيه فيساعد ذهن المتلقي بدرك افضل. على سبيل المثال فالاجابة على التساؤل؛ كيف تكون هيئة قمة جبل دماوند؟ فيقال ان هذه القمة اشبه برأس القند (سكر بشكل المخروط). من البديهي انه لا ينبغي التصور ان قمة جبل دماوند اشبه برأس القند في حلاوته، او ان ارتفاعه كراس القند لا يتجاوز عشرات السنتيمترات! اذ ان السؤال عن هيئته كان وليس عن جنسه وحجمه.
ونتابع بعد هذا الايضاح الضروري؛ يُنقل عن احد مؤرخي القرن الثاني للهجرة وهو "ابو الحسن المدائني"، بان معاوية قد قال لاحد واضعي احاديث رسول الله(ص)؛ اعطيك مائة الف دينار واذكر هذا الحديث عن الرسول (ص)، بأن الآية "ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد" البقرة /207 قد جاءت بحق إبن مُلجم! فأجاب هذا الوضاع؛ يا معاوية ان هذه الآية قد نزلت بحق علي(ع) وبوضعي للحديث سأبيع آخرتي، وعليك ان تعطي أكثر! ويقول ابو الحسن المدائني، فان معاوية زاد في عطائه 400 الف دينار بشرط ان يتم جعل حديث آخر عن رسول الله(ص)، وهو ان الآية "ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام (البقرة /204) قد نزلت في علي عليه السلام! (نستجير بالله).
2 ـ في الوقت الذي نزل الملايين من الشعب الايراني الى الشارع تشييعا لجثمان الشهيد سليماني المطهر، لنشهد هذا العام في الذكرى الثانية لشهادة قائد القلوب، مدى عمق وله الشعب بهذا العزيز الراحل، وتصاعد ولاء الناس في ايران وسائر دول العالم الاسلامي. يقابلنا تيار ملوث متاثر بالغرب من جهة يشكك بهذا الحضور الملحمي، ومن جهة اخرى حين يرى هذا التيار عدم تطابق نهج سليماني مع مسارهم ـ وبمعنى آخر تطابقها مع مطالب القوى الغربية ـ فانبروا لتحريف خطى وسيرة القائد الشهيد سليماني وبشكل مبتدئ ينم عن سذاجة في الفكر لتنسجم رؤى ونهج هذا الشهيد الكبير مع رؤاهم المنحرفة المتماشية مع الغرب!
3 ـ ان التيار السياسي المومأ اليه والذي يحتشد ملفه مئات الامثلة من التموضع مع المواقف الاميركية وحلفائها، لجأ الى حيلة (النبأ الظلماني) لحرف نهج سليماني! باشاعة تسريبات نسبوها الى الشهيد سليماني، او ما استشفوه انها مواقف تُنقل عن الشهيد، وهذا عن طريق مصادرهم وحسب! هذا اولاً وثانياً ان ما ينسبوه للشهيد سليماني هو مخرجات اذهانهم ومواقفهم العميلة البينة المثبتة بالدليل، هي في تناقض عن نهج الشهيد سليماني.
فعلى سبيل المثال فان من اجمع سعيه السياسي لتنزيه اميركا والعمل على خضوع ايران لمطالبها، يقول انه قبل سنوات التقى مع الشهيد سليماني، فهمت من طريقة تعامله انه راض عن مواقفنا (ادعياء الاصلاح)! ولا يبين كيف ا ن المواقف المعلنة كرارا للشهيد سليماني والتي هي واضحة في العداء لاميركا، كيف يمكن ان تتطابق مع مواقفكم الداعية لتوثيق العلاقات مع اميركا والرضوخ للمطالب الاستكبارية لاميركا وحلفائها، وتلهج بها السنتكم على الدوام؟!
وذاك الذي يكتب، ان الحاج قاسم كان مؤيدا لخطة العمل المشتركة! ولا تتم الاشارة الى التحذير الصريح والخالد للشهيد سليماني حول مدى فظاعة هذا الاتفاق (خطة العمل المشتركة)! حين يقول في 28 فبراير 2018؛
"ان خطة العمل المشتركة بالنسبة للعدو كان بمثابة جمع للاضلاع الثلاثة وليس بضلع واحد، فاوباما كان يرى انه سيصل للضلعين الاخرين مع مرور الزمن، ولكن حين جاء ذاك العجول (ترامب) واصراره الوصول بسرعة، بتصوره انه سيصل فما كان اصرارهم على خطة عمل مشتركة 2 في المنطقة لاجل تجفيف هذه الحركة الصادرة عن ايران الاسلامية وضخت روحا لجسد العالم الاسلامي. وتجفيف هذه الدماء التي اجرتها في العالم الاسلامي. فان رضخنا والعياذ بالله واشتركنا في خطة العمل المشتركة 2، فهل ستنتهي القضية هنا؟ كلا فخطة العمل الحقيقية داخل ايران، وان مساعيهم لا تنتهي هنا وسيكون لهم خطة عمل مشتركة 3. اذ ان الاعداء يرون ضرورة تجفيف هذه العين وهي ايران".
وهنا نوجه لمقاربة بين رأي اوباما حول خطة العمل المشتركة وبين الحنكة السياسية والنظرة الحكيمة للقائد سليماني لمشردي كارثة خطة العمل المشتركة على رؤوس الشعب والنظام. فاوباما ومن خلال كلمة القاها في شيكاغو في 11 يناير عام 2016، يقول؛ "لو كنت قد قلت لكم قبل ثمان سنوات انه بامكاننا ايقاف البرنامج النووي الايراني دون اطلاق رصاصة واحدة.
فيحتمل ان تقولوا انك طموح للغاية، ولكن تحقق هذا عندما توصلنا للاتفاق"! كما وكتبت صحيفة نيويورك تايمز الاميركية: "ان الاتفاق الممضي مع ايران يفوض لاوباما القول للكونغرس واسرائيل انه الاتفاق الافضل توصلنا اليه في لفافة تخلو من الاسلحة وهو سيكسبنا الوقت الى ان تحدث التغييرات في ايران"!
4 ـ او تكتب صحيفة صفراء؛ ان الشهيد سليماني قد تماهى مع الاميركان في مقاتلة داعش(!) وهي لا تقر ان الشهيد سليماني قد تجنب قبول رسالة من "مايك بومبيو" وكان مسؤولا للسي آي ايه حينها، ولم يعراهمية لالتماس حامل الرسالة الذي كان يقول، ان هذه الرسالة بُعثت من ثاني قدرة في اميركا، لا يلتفت عامدا الى الحقيقة التي اعترفت بها هيلاري كلنتون في كتاب مذكراتها، بان داعش صنيعة اميركا، وان ترامب خلال مناظراته الانتخابية قد اكد مرارا، بان اوباما وكلنتون من جاءا بحركة داعش فيما لم تجب حينها كلنتون ردا على ترامب. و...
كما ونلفت الى ما تحامل ادعياء الاصلاح واتهامهم لقائد القلوب بهدف حرف الحقائق وتشويه شخصيته ومدرسة سليماني. اذ يقول وزير الخارجية الحالي ومساعد الوزارة لشؤون الدول العربية والافريقية سابقا السيد امير عبداللهيان:
"بعد يوم من نشر الفيلم المصور لظريف وهو يمشي مع جون كيري، اتصل بي الحاج قاسم قائلا: نحن نمتلك وثائق دقيقة حول حادثة سقوط مدينة الموصل ووصول طائرات اميركية الى المطار، ليترجل جنرالات اميركيون ليفترش لهم قادة داعش السجاد الاحمر، ويتباحثون لخمس ساعات في قاعة المطار VIP. وتوضع الاسلحة والاجهزة المتطورة الاميركية تحت تصرف عصابات داعش". وهنا يطلب الحاج قاسم من امير عبداللهيان، وهو يعاتب كناية حالة التماشي الاخوي لظريف مع جون كيري، يطلب ان تصل هذه الرسالة الى السيد ظريف و... وفي النهاية هي اميركا التي تسببت في استشهاد القائد سليماني و... فاين هذا التماهي بين الحقائق المستدلة مع ادعاءات اذناب اميركا حين يكتبون؛ "ان الشهيد سليماني قاتل داعش بالتعاون مع اميركا"؟!
5 ـ ان واحدة من النماذج المضحكة في حرب نهج الشهيد سليماني هو سعي بعض ادعياء الاصلاح في قولهم ان الشهيد وقبل زيارته الاخيرة التي لم يعد بعدها قد اعرب عن قلقه على زعماء الفتنة! وحول هذا الادعاء يكفي ان نذكّر بشوق الشهيد سليماني لابي عبدالله الحسين عليه السلام وتاكيداته المكررة في "نحن شعب الامام الحسين"، ونقرن هذه المقولة مع تورط زعماء الفتنة الاميركية الاسرائيلية عام 2009 ببيع الوطن، وما وجهوه من اهانة لمكانة الامام الحسين المقدسة، والكلام المسيء للحرمات لاحد زعماء الفتنة الذي اعتبر الذين وجهوا الاهانة بـ "اهل الله"! و... فقارنوا بين المقالتين.
6 ـ وقد جئنا في اول الكلام ان لا جدال في الامثال، والآن نعتبر هذا التساؤل ضروريا انه بين مساعي القنوات الافتراضية التابعة لاجهزة المخابرات الاميركية مثل الانستغرام والتي تقاطع اي صورة او حديث للشهيد سليماني وتشطبه، فما الفارق بين هذا والنهج المشبوه للتيار المشار اليه في تحريف شخصية ونهج سليماني؟! فالتحريف هو هو، سيان بوسيلة نشر نبأ ظلماني او بشطب كل ما يتعلق بالشهيد الكبير!
وبالتالي ورغم ان شخصية وصفتها الكلمات الحكيمة لسماحة قائد الثورة بانها "الاكثر وطنية وشعبية" هي اسمى من ان تتمكن اكاذيب التيارات الملوثة المشار اليها ان تمسها بسوء، ولكن ينبغي ان لا نتراخى امام هكذا جهات مشبوهة، تعمل تحت العباءة.